المكان هو ثانوية كيفان، الزمان هو عام 1992، الحدث هو حفل تكريم المتفوقين.
ما زلت أتذكر قرار ناظر المدرسة المعلم الفاضل عبدالله الصقر «رحمة الله»، بأن يتم تكريم جميع الطلبة المتفوقين، سواء كان تفوقهم بالمعدل التراكمي أو الفصلي.
وأذكر كلماته عندما قال إن تكريم جميع المتفوقين دون تمييز بين المعدلات التراكمية والفصلية، ليكون حافزا وتشجيعا لكم لبذل المزيد، والذين كنت أحدهم.
فكان قرار ذلك المربي الفاضل من الأمور التي تركت أثرا طيبا في النفس، وكأنه قد بذر بذرة نبتت ونمت وكبرت ثم أثمرت ونضجت، وتركت أثرها في النفوس، والدليل هو أنني ما زلت أذكرها حتى هذا اليوم رغم مرور 30 عاما.
نعود إلى مدرسة بلاط الشهداء للبنين، التي نظمت فعالية احتفالية متميزة دعماً للشقيقة قطر في تنظيمها لكأس العالم، ثم وصلت أصداء هذه الفعالية إلى أمير دولة قطر سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، فقام سموه بتحميل السفير القطري لدى الكويت رسالة لإدارة مدرسة بلاط الشهداء تتضمن دعوة كاملة وشاملة لحضور إحدى مباريات كأس العالم.
الآن تبدأ البصمات الكويتية الفذة بالظهور!
فرغم أن الدعوة وجهت للمدرسة بالكامل بلا استثناء، إلا أن القائمين عليها قرروا حصر الدعوة من تلقاء أنفسهم إلى عدد 100 شخص فقط منهم 70 طالبا فقط، بالإضافة لـ 30 معلما وإداريا.
كما ظهر أحد الإداريين المجتهدين القائمين على الفعالية في أحد اللقاءات التلفزيونية القطرية، ليبرر هذا الأمر بصعوبة السيطرة على الطلبة أثناء السفر! وقدم اعتذاره لباقي الطلبة وأولياء أمورهم.
حسناً.. أعتقد جازما أن ما حدث سيشكل غبنا وجرحا في نفوس كل طالب أو مدرس أو إداري أو عامل في تلك المدرسة التي وجهت لهم الدعوة الأميرية القطرية السامية ولم يتم إشراكه في هذه الرحلة.
ولنكن واضحين، أعتقد أن إدارة المدرسة بالغت في الحرص بشكل مفرط، فكان من الواجب زيادة نسبة الطلبة بالنسبة للإشرافيين من المعلمين، ليتمكن أكبر عدد من الطلبة من المشاركة والانضمام إلى زملائهم.
باختصار، ما حدث في قصة مدرسة بلاط الشهداء هو تخبط، يكشف لنا أن المال والإمكانات المادية ليست كل شيء، وليست كافية لتحل كل المشاكل، ولا تذلل كل الصعوبات، إنما الحاجة لتطوير المهارات الإدارية والقيادية.
فلن نتمكن أبدا من السير للأمام ونحن نفتقد المهارات الإدارية والقيادية، وسنفوت الفرصة تلو الأخرى، حتى لو كانت لأشياء بسيطة مثل تلبية دعوة لحضور مباراة كرة قدم.
عموما علينا أن نعي أن وسوسة المسؤولين وترددهم، هي من السمات التي أصبحت دارجة لدينا في الوزارات والأجهزة الحكومية، وإدارة مدرسة بلاط الشهداء ليست استثناء من هذه القاعدة.
وسيتذكر الطلبة المستبعدون استبعادهم، كما تذكرت قرار التكريم في ثانوية كيفان قبل 30 عاما.
أقدر اجتهادات ومبادرات إدارة مدرسة بلاط الشهداء، وأدعو لهم بالتوفيق، ولكن في هذا الموضوع قد جانبهم الصواب.
ختاماً، من الواجب شكر دولة قطر وأميرها وحكومتها وشعبها على استضافة هذا الحدث العالمي، الذي أخرس كل المشككين والمتربصين والحاسدين.
[email protected]