- الخميس: جميع ما سرقتموه مكتوب لكم وإن لم تسرقوه لجاء لكم فقد استعجلتم
- العنزي: التحايل والنصب وغسيل الأموال وتبييضها أساليب محرمة شرعاً وقانوناً
- العبدالمنعم: سلوك غير مشروع يعزز الاقتصاد الخفي وعلامة سوداء في جبين الاقتصاد
قانون مكافحة غسيل الأموال ما انعكاساته على اقتصادنا؟ وما مصادر الأموال التي يتم غسلها؟ وهل هناك تعارض بين الشرع والقانون في تحديد مصادر الأموال غير المشروعة؟
يتساءل الشيخ د.عثمان الخميس: كيف يحصل المسلم على المال ولا يهتم من أين يدخل عليه هذا المال وهل هو حلال أم حرام؟
هل هذا من أجل الدنيا الدنية؟ هل صار الناس لا يفكرون في الحلال والحرام؟ ان ما نسمعه الآن عن غسيل الأموال مصيبة، هل لا يعلم أن أرزاقنا مكتوبة وان ما كتبه الله لك من رزق ستأخذه ان سرقته فستأخذه، وإن لم تسرق فستأخذه وإن كذبت فستأخذه، وإن لم تكذب فستأخذه، وان ارتشيت فستأخذه، وان لم ترتش فستأخذه، لأن الله كتبه لك، كتب رزقك وأنت في بطن أمك، وهذا دليل على أنك لا تؤمن بصدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وبصدق ما قاله الله تبارك وتعالى (ما أصابك من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير).
وزاد: أين إيماننا بالقضاء والقدر؟ أين إيماننا بأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، أين إيماننا بأن الأرزاق مكتوبة، صرنا نلهث خلف الدنيا والدرهم، كثير من اللصوص دخلوا السجن ولم ينالوا شيئا مما سرقوه، وبعض اللصوص سرقوا وصار عندهم المال.
وقال الشيخ الخميس: قسما بالله يا أصحاب غسيل الأموال أيها السرقة وأيها اللصوص والذين يرتشون ويغشون، أقول لهم إن جميع ما سرقتموه مكتوب لكم وإن لم تسرقوا وإن لم تغشوا لجاء لكم، فقد استعجلتم وأخذتم مع المال الإثم، وإن كان ليس مكتوبا لكم ما أخذتم منه فلسا واحدا، فعلينا أن نتقي الله وألا نبيع ديننا بدنيا غيرنا.
قوانين الشرع
من جهته، يقول د.سعد العنزي: اذا غاب الوازع الديني وتقوى الله تعالى عن الإنسان نتج عنه عدم التقيد بالحلال والحرام وعدم الالتزام بقوانين الشرع ومنهجه، وان فصل العمل عن الصلة بالله في سلوكه وعقله وطريقة تفكيره وترك الخوف من العقاب جانبا واصبح المال غاية لذاته ومن هنا تظهر لنا أساليب التحايل والنصب وغسيل الأموال وتبييضها، والوسائل غير الشرعية فيه سبة في مجتمعاتنا.
كل تلك الأساليب المحرمة شرعا وقانونا شيء واحد لا يفترق بعضها عن بعض في الحرمة والجرم، وتلك الاساليب هي من مكونات اقتصاد الظل الرئيسية التي تعاني ويعاني منها الاقتصاد في كل دولة كنتيجة مباشرة لتلك المخالفات، ومن افضل ما اطلعت عليه من قراءة في هذا الصدد ان مصطلح غسيل الأموال لا يفترق عن تبييضه في المعنى والدلالة والمفهوم، فهما يلتقيان في كل المقاصد، وهو ما يعني استخدام الحيل والوسائل والأساليب غير المشروعة للتصرف في الأموال المكتسبة بطرق غير قانونية لإضفاء شرعية وقانونية عليها، وهذا يشمل الأموال المكتسبة من الرشوة والاختلاس والغش التجاري وتزوير الأمور ومكافآت الأنشطة السرية.
ويرى د.العنزي أنه لا تعارض بين الشريعة والقانون في هذا المجال، بل ان القانون جاء خادما للشريعة وأحكامها ومقاصدها وحفظ المال ومنع كل ما يؤدي الى الفساد فيه.
اقتصاد خفي
وعن الآثار الاقتصادية لغسيل الأموال ودور البنوك في مكافحة غسيل الأموال، يوضح عضو مركز الكويت للاقتصاد الاسلامي د.عبدالله خالد العبدالمنعم ذلك بقوله:
تعتبر ظاهرة غسيل الأموال من السلوكيات غير المشروعة التي تعزز من الاقتصاد الخفي (Underground Economy)، حيث يتضمن هذا الاقتصاد العديد من الأنشطة الاقتصادية غير القانونية كالتهرب الضريبي وغسيل الأموال والتجارة بالسلع الممنوعة والمحرمة شرعا كالمخدرات ونحوها وتمويل الفساد الإداري والسياسي ..الخ، ومما لا شك فيه أن الاقتصاد الخفي يشكل ربع الناتج المحلي (GDP) تقريبا لبعض الاقتصادات الكبرى عالميا، وهو مؤشر خطير وتراجع للسلوك الإنساني والأخلاقي والحضاري على مر العصور.
ومن هنا يلاحظ أن غسيل الأموال علامة سوداء في جبين هذا الاقتصاد، عبر تحويل الأموال ذات المصدر غير المشروع ثم إضفاء صفة المشروعية عليها، ومن هنا يمكننا أن نقول إن عمليات غسيل الأموال أو ما ينعته البعض بعمليات تبييض الأموال تمر من خلال ثلاث مراحل: إيداع الأموال المحرمة لدى البنوك، تحويلها إلى حسابات مصرفية أخرى تديرها مؤسسات إجرامية أو ذات نشاط غير قانوني، اندماج تلك الأموال وحقنها بالاقتصاد من خلال تحويلها إلى سلع أو خدمات تشكل فقاعة اقتصادية (Bubble). وجميع هذه المراحل تمر بخطوات مدروسة للابتعاد قدر الإمكان عن أعين الأجهزة الرقابية للقطاع المصرفي.
وخيرا صنعت البنوك المركزية وذلك بإلزام البنوك بإنشاء وحدة لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، بهدف تجفيف منابع هذه العمليات غير المشروعة وضررها على الاقتصاد. ولقد حرمت الشريعة الإسلامية عمليات غسيل الأموال، عبر التأكيد على الكسب الطيب والترهيب من الكسب الخبيث، حيث قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم)، فالأموال المحرمة التي يراد غسلها هي من «السحت» الذي حذر منه الإسلام، كما في قول الله تعالى: (سماعون للكذب أكالون للسحت).