لا يخفى على الجميع أزمة نقص الأدوية التي تعاني منها الدولة، هذه الأزمة ليست وليدة اليوم، وهي متراكمة منذ 3 سنوات، وكانت مستمرة في التراكم والترقيع المستمر.
لست هنا لألقي اللوم على أحد، فاللوم يقع على الإدارة الصحية الحالية والتي تعتبر امتدادا للإدارات التي سبقتها، ولكن أود أن أكرر كلاما ذكرته منذ أربع سنوات وأكثر عندما قلت إن العالم سيتجه إلى عصر دوائي جديد مبني على أدوية حيوية (بيولوجية) دقيقة العمل ذات كفاءة عالية وأعراض قليلة، ولكنها مكلفة، وهو ما نراه يستخدم اليوم في الكثير من الأمراض المناعية والسرطان، ثم ما لبثنا إلا أن بدأنا نشهد أدوية جينية كدواء «زولجينزما» المستخدم لعلاج مرض الضمور العضلي الجيني SMA، ذلك الدواء الذي يعطى كحقنة واحدة في العمر والذي تكلفته تفوق المليوني دولار، ثم شهدنا في هذا العام ظهور 3 أدوية جينية جديدة تصحح الجين المعطوب بجرعة واحدة مثل دواء «سكايسونا» لعلاج مرض حثل الغدة الكظرية الدماغي CALD، ذلك الدواء الذي يبلغ سعره 3 ملايين دولار، ثم ظهر دواء علاج «الثلاسيميا بيتا» (للمرضى الذين يحتاجون الى نقل دم بشكل مستمر)، ذلك الدواء المسمى «زينتيجلو» والبالغ سعره 2.8 مليون دولار، نهاية بدواء «هيمجينيكس» لعلاج هيموفيليا (مرض النزاف نوع ب) والذي تبلغ تكلفته 3.5 ملايين دولار.
في الثامن من أبريل 2018 كتبت مقالة عنوانها «إلى رئيس المجلس الأعلى للتخطيط ووزير الصحة: لنستثمر دوائيا» وطالبت بإحضار المصانع الدوائية العالمية للكويت، وفي يونيو 2020 كتبت مقالة أطالب فيها باستقطاب التكنولوجيا الدوائية لدولنا لتجنب الفارق التكنولوجي الدوائي الذي بدأ بالظهور بشكل واضح أثناء جائحة كوفيد، كررت المطالبة في يوليو 2020 عبر إذاعة سلطنة عمان وفي فبراير 2021 عبر التلفزيون العربي، ولكن دون أي رد أو جدوى من الأطراف المحلية.
العالم دخل عصرا دوائيا جديدا، وكثير من الأدوية الموجودة اليوم ستصبح من الماضي مع هذا التقدم التكنولوجي، فبالإضافة الى الأدوية المذكورة أعلاه، هناك أدوية جينية، حيوية وخلايا جذعية ستظهر في المستقبل القريب إن شاء الله لأمراض عديدة، منها الرعاش، ضغط الدم، السكري، الزهايمر، الأنيميا المنجلية، الإيدز والكثير الكثير من الأمراض، كلها ستكون باهظة الثمن، وإن لم نتدارك الوضع اليوم سنشهد ما قاله البروفيسور في علم الأدوية هامفري رانج عندما حاورته في 2016 بشأن هذه الأدوية والمستقبل، فقال: أخشى أن ذلك سيحدث فجوة كبيرة بين العالم المتقدم والدول المستهلكة غير المصنعة.
اللهم بلغت اللهم فاشهد.