حطمت كرواتيا الشجاعة والعنيدة حلم البرازيل المتمثل بإحراز اللقب مرة سادسة قياسية وعادت من بعيد لتنتزع الفوز بركلات الترجيح 4-2 بعد تعادلهما 1-1، فبلغت نصف نهائي المونديال في المواجهة التي جمعت الفريقين على ستاد المدينة التعليمية.
تقدمت البرازيل في الوقت الإضافي بهدف لنجمها نيمار (105+1) أمام 44 ألف متفرج، لكن كرواتيا أدركت التعادل بواسطة برونو بتكوفيتش (117)، ومرة جديدة، لعب حارسها الرائع دومينيك ليفاكوفيتش دورا حاسما بإنقاذها من خلال صد ركلة ترجيحية إثر انقاذ مرماه من عدة كرات خطيرة خلال الدقائق الـ 120.
وتلتقي كرواتيا في نصف النهائي مع الأرجنتين الذي يقام لاحقا على ستاد لوسيل.
وهي المرة الثالثة التي تبلغ فيها كرواتيا الدور نصف النهائي بعد عام 1998 عندما خسرت أمام فرنسا 1-2، ثم في النسخة الماضية وخسرت أمام فرنسا أيضا في النهائي هذه المرة 2-4.
وكانت كرواتيا تخطت اليابان بركلات الترجيح أيضا في الدور ثمن النهائي بفضل تألق حارسها دومينيك ليفاكوفيتش الذي تصدى لثلاث محاولات، في حين نجح في إبعاد ركلة رودريغو ضد البرازيل وتكفل القائم بإبعاد ركلة ماركينيوس.
ومنذ تتويجها بطلة عام 2002، خرجت البرازيل ثلاث مرات في الدور ربع النهائي أمام منتخبات أوروبية، عام 2006 أمام فرنسا، 2010 أمام هولندا و2018 أمام بلجيكا، كما خرجت على أرضها أمام ألمانيا 1-7 في نصف نهائي عام 2014.
كانت المباراة حذرة معظم فتراتها مع أفضلية نسبية للبرازيل التي سددت اكثر من كرة تجاه المرمى، لكن الحارس الكرواتي أحبط جميع محاولاتها في الوقت الأصلي، قبل أن يسجل نيمار هدفا رائعا بعد تمريرة من باكيتا في الدقيقة الاولى من الوقت بدل الضائع للشوط الأول الإضافي.
لكن كرواتيا العنيدة أبت أن تودع ونجحت في العودة في المباراة عبر هجمة مرتدة سريعة ليسجل برونو بتكوفيتش هدف التعادل قبل نهاية الوقت الإضافي بثلاث دقائق، ويفرض ركلات الترجيح، والتي شهدت إضاعة البرازيلي رودريغو ومن بعده ماركينيوس، في حين نجح الكروات في تسجيل محاولاتهم الأربع ليبلغوا الدور نصف النهائي.
اللقاء كان الثالث بين المنتخبين في النهائيات العالمية، وسبق للبرازيل أن تفوقت 1-0 عام 2006 في ألمانيا، و3-1 عندما استضافت البطولة عام 2014.
وخاض نجم كرواتيا المخضرم مودريتش مباراته الرقم 30 في البطولات الكبرى (17 في كأس العالم و13 في كأس أوروبا) وهو اللاعب الأكثر تمثيلا لبلاده في البطولتين.
داليتش: تحلّينا بالشجاعة
أشاد مدرب كرواتيا زلاتكو داليتش بأداء لاعبي فريقه عقب التأهل إلى نصف نهائي المونديال. وقال: «الكروات نجحوا في الذهاب بعيدا، تحلينا بالشجاعة، تهانينا لجميع اللاعبين ولكننا سنواصل الذهاب بعيدا، بذلنا كل ما في وسعنا وشكرا للذين لم يلعبوا ولا دقيقة ولكن عاشوا معنا هذه المباراة، هذا الفوز للشعب الكرواتي وكل كرواتي في كل أنحاء العالم، كرواتيا أظهرت لكم أن بإمكانها الفوز والآن يجب أن تكونوا فخورين، انها المرة الثانية تواليا التي تتأهل فيها كرواتيا الى نصف النهائي، إنه إنجاز».
من جانبه، ذكر مدافع كرواتيا بورنا سوسا أن هناك الكثير من المشاعر ودموع الفرح. وقال: «نحن نظهر بالفعل العديد والعديد من النتائج الجيدة مع بلدنا، لم يتوقع أحد هذا، ولم يؤمن أحد بنا، أبدا، ولهذا السبب يكون الأمر عاطفيا حقا عندما تحقق أشياء مثل هذه، عندما تهزم البرازيل»، مضيفا البرازيل هي كرة القدم بالنسبة لي، وكرة القدم هي البرازيل، وربما يكون الفوز على البرازيل هو أفضل شعور على الإطلاق.
إلى ذلك، أبدى حارس مرمى كرواتيا دومينيك ليفاكوفيتش سعادته الغامرة بفوز فريقه. وقال: «نحن فريق يتمتع بالخبرة ونشأنا كمقاتلين، ولا نبخل بأي جهد، نحن نقدم أفضل ما لدينا وهذه هي الوصفة من أجل النجاح، أشكر المشجعين الكروات الحاضرين، لقد ساندونا طوال المباراة، وعلينا أن نتعامل مع كل مباراة على حدة، وسنرى الى أين سيوصلنا ذلك».
ثلاثي الوسط الكرواتي مفتاح حلم التتويج
خطف الحارس الكرواتي دومينيك ليفاكوفيتش الأضواء عن جدارة بعد أن تألق في قيادة منتخب بلاده لنصف النهائي، ولكن ثلاثي خط الوسط كان حاسما أيضا في هذا الإنجاز.
فقد ساهم الثلاثي لوكا مودريتش، ماتيو كوفاتشيتش، ومارسيلو بروزوفيتش في فرض كرواتيا التعادل على أبطال العالم 5 مرات في الوقتين الأصلي والإضافي قبل الفوز بركلات الترجيح.
فقد ساهم الثلاثي في احتفاظ كرواتيا بالكرة ومنع خط الهجوم المؤلف من نيمار وفينيسيوس جونيور ورافينيا وغيرهم من الحصول على المزيد من الفرص.
وهنا يقول المدرب زلاتكو داليتش «قلت مرارا إن كرواتيا تملك أفضل خط وسط في العالم». وتابع «بإمكاننا التمرير، التحكم بالمباراة والسيطرة على الكرة، فعلنا ذلك الليلة. لم يكن لاعبو الوسط متسرعين، كان هذا الجزء الاهم. أنا على يقين أن خط الوسط هو أفضل جزء في فريقنا، لقد احتفظوا بالكرة وتصدوا لمنافسينا».
ولا يختلف رأي ظهير أيمن سلتيك الاسكتلندي يوسيب يورانوفيتش الذي قدم أداء مميزا وساهم في تعطيل فينيسيوس على الرواق الأيسر. وقال في هذا الصدد «نؤمن بأنفسنا، بإمكاني القول إننا نملك أفضل لاعبي وسط على الإطلاق».
وأردف «بروزوفيتش، مودريتش وكوفاتشيتش، إذا كانوا في يومهم أعتقد أنه بإمكاننا أن نتحكم بالمباراة بنسبة 90% وبفضل ذلك أعتقد أننا تغلبنا على البرازيل».
وبشكل عام شارك الثلاثي أساسيا في المباريات الخمس جميعها في قطر وساهم في حماية دفاع كرواتيا الذي استقبل هدفين فقط حتى الآن.
وبعدم تراجعهم كثيرا إلى الخلف، يمنح الثلاثي الاريحية لزملائهم، ويتمتعون بالجودة للمحافظة على الاستحواذ في مساحة متقدمة على أرض الملعب. وهم أحد الأسباب لقدرة بلد من 4 ملايين نسمة فقط على المنافسة بشكل منتظم مع أكبر منتخبات العالم.
وعندما حلت كرواتيا وصيفة لفرنسا في 2018، كان إيفان راكيتيتش في التشكيلة، لكن كوفاتشيتش أثبت أنه خير بديل له.
ولكن مودريتش، نجم ريال مدريد البالغ 37 عاما، كان من نال أكبر كم من الاشادات نظرا لجودته والثبات المذهل في مستواه رغم تقدمه في السن، كما نجح خلال ركلات الترجيح بتسجيل المحاولة الثالثة بكل هدوء مرسلا الحارس أليسون بيكر في الاتجاه المعاكس.