الإعلام الذكي كقوة ناعمة يمكن استثماره في عملية إيصال الرسالة الإعلامية المطلوبة، فإذا فهمنا الغرض من الإعلام وبالتحديد البرامج المراد تنفيذها وتقديمها للجمهور فسنحقق النجاح في إيصال الرسالة المطلوبة، وقد تحقق ذلك مع برنامج تلفزيوني يعده ويقدمه أحد الإعلاميين الكويتيين المخضرمين يطل على جمهوره من نافذة إحدى قنواتنا الفضائية في العاشرة من مساء كل يوم خميس وعلى الهواء مباشرة، تقوم فكرته على إجراء لقاء مع سجناء من داخل زنازينهم ليسردوا للمشاهدين أسباب دخولهم السجن، متهمين كانوا أم مدانين (رجالا/ نساء)، استطاعوا من خلال هذا البرنامج - رأي كاتب السطور - إبراز النقاط التالية:
1 - وجود قاسم مشترك بين هؤلاء السجناء المشاركين في حلقات البرنامج يعكس فيضا من مشاعر الحسرة والندم وضياع سنوات العمر خلف الغضبان، لعلها تكون رسالة لكل من لا يعي ولا يدرك معنى عقوبة حبس الحرية وضياع سنوات غالية من العمر خلف الغضبان.
2 - أن حديث السجناء له طابع الاعتراف الضمني للأخطاء والجرائم التي ارتكبوها، واعترافاتهم تلك هي التي نسعى إليها كأفراد المجتمع باعتبارها أحد أهم أسس خفض الجريمة ومواجهتها قبل وقوعها، بل وبتقويم سلوك المنحرفين وشديد الانحراف وتوجيههم إلى جادة الصواب.
3 - لحديث السجناء المشاركين في البرنامج سمة التضرع وطلب العفو والمغفرة من رب العزة والجلال، وهنا دعوة خالصة لتقوية العلاقة مع الخالق عز وجل، خاصة لمن ألهتهم متع الحياة وبهرجتها.
4 - استدرار عطف المشاهدين وطلب الصفح عنهم يؤكد استثمارهم لعقد مثل هذه اللقاءات وإيصال رسائل توعوية وتحذيرية لكل من تسول له نفسه من أصحاب النفوس الضعيفة اغتراف الجرائم، وأن ثمن الخطأ والخطيئة باهظ جدا، وخسارة الفرد لمكانته الاجتماعية بدخول السجن هي الخسارة الأكبر بكل المقاييس.
5 - للحرية ثمن وقيمة عظمى لا يقدرها إلا من فقدها، فكانت لرسائل المسجونين المشاركين في البرنامج تساؤل مهم وهو: هل سيقبل المجتمع توبتهم؟
أما الجزء الأخير من البرنامج فقد خصص لمحاورة ضيوفه حول ما سمعوه على لسان السجناء عن أنفسهم ومبررات ما ارتكبوه من جرم للتعقيب عليه، وإبداء وجهات النظر العلمية والمهنية ضمن إطار عام يفسر ظاهرة السلوك الإجرامي وتداعياته، بهدف إيصال رسائل توعوية غاية في الأهمية، إذ إن الكثير من قضايا السجناء عند ذكرها بألسنتهم لاقت ردود أفعال جيدة، فلم يعد المشاهد مستهلكا لفقرات البرامج لتضييع الوقت فقط بقدر ما يتلقى رسائل غاية في الأهمية، منها توعية المجتمع وتحذير البعض منهم، هذه الرسائل حملت في طياتها رؤى واضحة المعالم لكل مارق، أو من أوشك على الوقوع بسيئ الأعمال، أعتقد أن هذا أحد أهم أهداف مثل هذا البرنامج الذي أتمنى له ولأمثاله المزيد من النجاح.