أؤمن بشدة بأن الإصلاح لا يعتمد بالأساس على جهد منفرد، وإنما هو نتاج تناغم وتعاون بين جهات عدة، كل منها يمضي في طريقه لإزالة العقبات التي تواجه المنظومة ككل، وهذا ما سار على نهجه النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للقوى العاملة الشيخ طلال الخالد، حينما أصدر قرارا بإيقاف العمل بالمرسوم رقم 107 لسنة 2019 بشأن مذكرة التفاهم بين حكومة الكويت وحكومة جمهورية مصر العربية بشأن ربط أنظمة القوى العاملة بين البلدين إلكترونيا، ولمن يمعن في الأمر سيتضح له أن ذلك القرار يعد إصلاحيا بعيدا عن أي شؤون سياسية أو ديبلوماسية خارجية.
ولعل هنالك تساؤلات كثيرة حول إصدار هذا القرار في هذا التوقيت، وتكمن الإجابة في أن حكومة العهد الجديد بقيادة رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، بدأت فعليا في توسيع دائرة ترتيب الأوراق، وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، فالعمالة في الكويت لا غنى عنها، إلا أن أمر جلب العمال يحتاج إلى مزيد من الترتيب، بعيدا عن عشوائية القرار والتي تشكل خطرا على الكويت وعلى الوافد نفسه، كما أن القرار يتعلق بالشق الأمني، وجزء من المخطط الأمني للمرحلة المقبلة أدرك تماما أن وزير الداخلية يعلم حجم ردود الفعل التي ستترتب على هذا القرار، وبالفعل كان هناك تحرك برلماني في مصر.
إلا أن أعراف الإصلاح تتطلب أن تدار الأمور بمزيد من الحكمة والصبر، وهذا ما يفعله حقا وزير الداخلية فهو يرى المردود المستقبلي لقراره ودوره في تنظيم أمر جلب العمالة والاستعانة بأفضل الكوادر التي تفيد منظومة العمل وتسهم في تقدمها وليس العكس وتحقيق توجه الدولة نحو التكويت، وان هذا القرار شأن تنظيمي داخلي بحت لا يمت بأي شكل من الأشكال للعلاقة بين البلدين، وأرى أيضا أن هذا القرار سيسهم في تغيير خريطة العمالة في الكويت، وسيكون له صدى قوي مستقبلا في إعادة توزيع التركيبة السكانية، وكذلك تطوير المنظومة الاقتصادية فالاستعانة بالعمالة ذات الكفاءة ستسهم في إدارة المشاريع الخاصة بالمواطنين بشكل أفضل، وهذا ما سينجم عنه حراك اقتصادي بالقطاع الخاص، وسيسهم أيضا في تخفيف الأعباء عن الدولة، وذلك من خلال ضبط سوق العمل وفي كل قرار تتخذه حكومة العهد الجديد، ونرى فيه أنه خطوة ستدفع بنا للأمام سنكون داعمين ومساندين له، ونقدر جميعا حجم المسؤولية التي تقع على كاهل وزير الداخلية وصعوبة المهمة، إلا أننا نعلم في قرارة أنفسنا أنه سيتفوق على جميع توقعاتنا وان إخلاصه ووطنيته سيدفعانه لتقديم الأفضل لكويتنا الغالية، واضعا مخافة الله سبحانه أمام عينيه، حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.
[email protected]