تقرير ـ هادي العنزي
لا تكاد تخلو نسخة من كأس العالم من ظاهرة غريبة رياضية كانت أو غير رياضية، ولعل من بين أشهر تلك الظواهر «نطحة» النجم الفرنسي زين الدين زيدان لماركو ماتيرازي في النهائي الذي جمع منتخبي فرنسا وإيطاليا على الملعب الأولمبي في برلين 2006، وأيضا «يد مارادونا» التي سجل بها الهدف الأول في مرمى إنجلترا بالدور قبل النهائي بملعب أزتيكا في مدينة مكسيكو 1986، ليتبعه بعدها بدقائق قليلة بهدف أسطوري بديع سيبقى خالدا في الذاكرة الكروية بعدما تجاوز 7 لاعبين مسجلا الهدف الثاني لفريقه.
وعلى الصعيد التكنولوجي تم استخدام تقنية حكم الڤيديو المساعد (VAR) لأول مرة في مونديال روسيا 2018، وما صاحبها من جدل نظرا لحداثة تطبيقها، وعدم اتقان كيفية التعاطي مع «الآلة» التي أصبحت تلغي الأهداف بعد اعتمادها من الحكم، فيما واصل مونديال قطر استخدام التكنولوجيا في خدمة كرة القدم، حيث اعتمد استخدام تقنية «نصف آلية» لكشف التسلل، وقد سبقتهما تقنية خط المرمى (Goal-line Technology) المعروفة بعين الصقر (Hawk-Eye) لأول مرة في مونديال جنوب أفريقيا 2014.
ومونديال قطر 2022.. ليس استثناء من الأخطاء التحكيمية، أو الظواهر الفريدة، ولكن لعل ما يميزه أننا لم نشهد خروجا غير مألوف على الروح الرياضية، ولا خطأ كارثيا تسبب في إقصاء فريق من البطولة، حيث جاءت أغلب الظواهر التي شهدها المونديال ذات طبيعة يغلب عليها الموروث الثقافي، وتحطيم الأرقام التاريخية الصعبة، والأحداث العاطفية الحزينة، والساخرة الصادمة.. وهنا نستعرض عددا منها:
«الدون» ونيمار وكين .. نحس الأرقام القياسية
يهتم العديد من المتابعين لكأس العالم بالأرقام والاحصائيات، وتدون العديد من المؤسسات المختصة كثيرا من الأرقام المتعلقة بالمونديال في مجمله، والمنتخبات المشاركة واللاعبين تفصيلا دقيقا، يكاد لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا وقد ذكرها، وهناك الكثير من الأرقام التي شهدها مونديال قطر، منها أرقام قياسية تحطمت وأخرى تم الاقتراب من صانعيها، فالنجم الانجليزي هاري كين سجل هدفا في مرمى منتخب فرنسا في ربع النهائي، ليعادل الرقم القياسي لأكثر هداف في تاريخ بلاده في المباريات الدولية المسجل باسم المعتزل واين روني برصيد 53 هدفا، لكنها فرحة لم تتم، بعد خروج منتخب بلاده، وتحولت فرحة كين المؤقتة إلى حزن عميق لاسيما انه ضيع ركلة جزاء معادلة النتيجة لمنتخب بلاده قبل خروجه خاسرا ومغادرة البطولة وايضا قبل الانفراد بالسجل التهديفي بـ54 هدفا.
كما ان أسطورة البرتغال، وأحد أفضل لاعبيها على الإطلاق المهاجم الفذ رونالدو كريستيانو، ناله من نحس الأرقام القياسية جانب كبير.
«الدون» الذي يقترب من عامه الـ38، وصل إلى 196 مباراة دولية مع منتخب بلاده، معادلا الرقم العالمي المسجل باسم نجم منتخب الكويت بدر المطوع، لكنه خرج دامعا في مشهد حزين ومؤثر، بعد هزيمة فريقه من المنتخب المغربي 1-0 في ربع النهائي، ليغادر المونديال للمرة الخامسة تواليا دون أن يلامس الكأس الذهبية.
ولم يفوت النجم البرازيلي نيمار الفرصة حيث لم يكن بعيدا في سوء الطالع عن كين ورونالدو، اذ عادل رقم الأسطورة بيليه بتسجيله الهدف رقم 77 لمنتخب بلاده كأكثر اللاعبين تسجيلا لـ«السامبا» عندما سجل هدفا في كرواتيا التي تعادلت لاحقا، لكن النهاية جاءت حزينة ومبكية أيضا، بعدما تفوق الكروات بركلات الجزاء الترجيحية ليخرج نيمار أيضا من المونديال وهو لم يعرف الطريق لتحويل أحد أهم وأكبر أحلامه الكروية إلى واقع ملموس.
القطة.. لعنة للبرازيل ورفيقة لإنجلترا
من طرائف مونديال قطر، أن ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي أرجعوا خروج منتخب البرازيل على يد كرواتيا بركلات الجزاء الترجيحية بسبب «لعنة القطة»، التي عوملت بطريقة تخلو من الإنسانية وبقسوة من أحد مسؤولي الوفد البرازيلي، عندما أبعدها عن المؤتمر الصحافي الذي عقد للمهاجم فينسيوس جونيور قبل المواجهة، وقد شوهدت القطة وهي تجلس أمام فينيسيوس على منصة المؤتمر الصحافي.
وعلى الجهة الأخرى، تناولت الصحف الانجليزية مرافقة «قطة» لمنتخب «الأسود الثلاثة» بعد عودته إلى الديار، محملا بخيبة أمل إثر هزيمته على يد المنتخب الفرنسي في الدور ربع النهائي 1-2، حيث تطرقت الصحافة الانجليزية بشيء من التندر الى مرافقة القطة للاعبي المنتخب ونادي مان سيتي كايل ووكر، وجون ستونز، لكونهما لم يغادرا قطر صفر اليدين، بعدما اصطحب المدافعان قطا ضالا تعرفا عليه بمقر تدريبات إنجلترا، وقد أطلق ستونز اسم «ديف» على القط الذي سيقضي 4 اشهر في الحجر الصحي قبل الانضمام إلى الثنائي الإنجليزي مجددا.
«نجل الرئيس» يلعب لبلد آخر!
يعد جورج ويا أحد أبرز الأساطير التي أنجبتها القارة الأفريقية، وقد سجل اسمه بأحرف من نور في عالم كرة القدم، مثل منتخب بلاده ليبيريا لسنوات طوال، وقد أبدع فنيا مع الأندية التي لعبها مثل تشلسي، وميلان، وباريس سان جرمان فحصد أعلى تكريم كروي مستحق، حيث توج بجائزة أفضل لاعب في أوروبا وأفريقيا والعالم عام 1995، وبعد اعتزاله الرياض اتجه إلى السياسة، فنال الثقة وأصبح رئيسا منتخبا لجمهورية ليبيريا في ديسمبر 2017، وعلى الجانب الأسري لدى جورج ابن اسمه «تيموثي» سار على خطى أبيه، لعب كرة القدم في فرنسا مع باريس سان جرمان، واستقر مؤخرا في نادي ليل، ولعل المفارقة المحرجة أن تيموثي لم يكمل طريقة والده بتمثيل بلاده، بل فضل عليها تمثيل منتخب أميركا في إحدى غرائب المونديال، والمفارقة الأخرى أن جورج ويا لم يحظ يوما في مسيرته باللعب في كأس العالم، ولذلك حضر رئيس ليبيريا ويا لمؤازرة ابنه «الاميركي» في المونديال!.
«ابن الكاميرون» أسعد شعب سويسرا
من النادر ألا يبدي مهاجم فرحة جنونية أو صاخبة في اقل الأحوال حين تسجيله هدفا لبلاده في كأس العالم، ولكن هذا مع حدث مع مهاجم منتخب سويسرا بريل دونالد إمبولو، حيث لم يحتفل عند تسجيله هدفا في شباك المنتخب الكاميروني، في اللقاء الذي جاء ضمن الجولة الأولى للمجموعة السابعة، حيث اختلطت مشاعره بين البلد الذي ولد فيه (ياوندي 1997)، وترتبط جذور أسرته لأجيال متعاقبة بذاك البلد الإفريقي، وسويسرا التي احتضنته وقدمته للعالم.
إمبولو صاحب الـ25 عاما من مواليد العاصمة الكاميرونية «ياوندي»، ويمتلك الجنسية السويسرية، وصل أوروبا في سن الرابعة، ليمارس هوايته المحببة وما هي إلا سنوات حتى مثل منتخب سويسرا رسميا، لكن شاءت الظروف أن يلعب أولى مباريات قطر 2022 أمام بلد مولده، ويسجل لأول مرة بكأس العالم بعد أن لعب 4 مباريات سابقة في نسخة 2018.
وتطرق إمبولو عن خصوصية مواجهة بلده الأم، قائلا: «إنه شيء إيجابي، كأس العالم يعد شيئا ضخما، تمثل بلدك، كما أنك تلعب أمام بلدك الأم، هذا يجعل الأمر أكثر تميزا، كأس العالم بطولة كبيرة بالفعل، واللعب ضد الكاميرون لن يضيف ضغوطات أكبر».
«الغترة والعقال».. مكسيكية وأرجنتينية وفرنسية
تحرص الدول المستضيفة للمونديال على إظهار ثقافتها، وتعريف شعوب العالم الزائرة لمشاهدة المباريات بموروثها الثقافي والحضاري، وقطر لم تكن استثناء، حيث حرص المنظمون على ذلك منذ الوهلة الأولى، فكان الافتتاح عالمي المستوى، وبذات الوقت حمل الإرث العربي، بالجمل، واللوحات الفنية التاريخية، والموسيقى التصويرية، وفي المدرجات كانت المفاجأة حاضرة، للقادمين من بعيد، حيث هيأت اللجنة المنظمة الزي العربي بما يتناسب مع أعلام الدول الـ 32 المشاركة في المونديال، وما على عشاق المستديرة إلا اختيار الزي العربي الذي يتوافق مع ألوان علم بلادهم، ولم يقتصر ارتداء الزي التقليدي العربي على المشجعين في مدرجات الملاعب التي كانوا يحضرون بها المباريات فقط، بل امتد من فرط اعجابهم وتميزه إلى ارتدائه في مختلف الفعاليات التي كانوا يحضرونها وتقام على هامش المونديال، فلا تكاد ترى زوار الدوحة القطرية إلا وقد ارتدوا «الغترة أو الشماغ» ومن فوقه العقال العربي، مصحوبا بارتداء «الدشداشة» في تقليد محبب للثقافة العربية، ولم يقتصر الأمر على المشجعين من الشباب، بل امتد إلى النساء، حيث ظهرن في العديد من المناسبات وعلى رؤوسهن «الشماغ» ويرتدين «الدراعة» الخليجية، وتلك كانت من أبرز المظاهر التي صبغت مونديال قطر 2022.
أستراليا لعب بـ 12 لاعباً!
لعب المنتخب الأسترالي بـ 12 لاعبا لثوان معدودة، في مخالفة واضحة وصريحة للوائح الأساسية لكرة القدم، وذلك بحسب صحيفة «سبورت» الإسبانية، وجاء ذلك خلال المباراة التي لعبها المنتخب المعروف بـ «الكنغارو» مع نظيره الفرنسي في دور المجموعات، حيث أجرى المنتخب الأسترالي تبديلين دفعة واحدة بعد الهدف الرابع لـ «الديوك»، فدخل الثنائي غارنغ غول، وأوير مابيل، بدلا من زميليهما ريلي ماغري، وكريغ غودوين (73)، لكن في المقابل لم يخرج لاعبان من الفريق الأسترالي فغادر ماغري وبقي غودين في الملعب، واستأنف اللعب، حيث كانت الحكم الرابع الرواندية سليمة موكانسانغا في غفلة من أمرها، وقد قام بعدها الطاقم التحكيمي للمباراة برصد الخطأ ومعالجته سريعا، ليخرج «الديو» بفوز كبير 4-1، ولم ينفع «الكنغارو» مشاركته بـ 12 لاعبا في المواجهة!.