- باسل عويدات: صناعة الإعلام قطاع منتج ومؤثر ويعوّل عليه ولكنه يحتاج للدعم
دارين العلي
لطالما كان الإعلام اللبناني رائدا في تصدير الإعلاميين والمبادئ والبرامج والافكار إلى العالم العربي ويلقى اهتماما واسعا في هذه الاوساط بين المثقفين وأصحاب الرأي العام.
فهل باتت فعلا صناعة الإعلام في لبنان فرصة مفقودة في ظل التدهور الذي يشهده قطاع الإعلام بسبب عدة ظروف واسباب منها ما هو اقتصادي ومنها ما هو سياسي؟
تحت هذا العنوان ناقش امين عام الملتقى الإعلامي العربي ماضي الخميس والإعلامية اللبنانية المخضرمة جيزيل خوري، عددا من المحاور، سواء التي تتعلق بها كإعلامية او عن صناعة الإعلام وكيفية اعادة الإعلام اللبناني إلى الريادة في المنطقة وذلك في لقاء حواري في السفارة اللبنانية بدعوة من مجلس الاعمال اللبناني.
في البداية، تحدث القائم بالاعمال بالوكالة في السفارة اللبنانية باسل عويدات مرحبا بالإعلاميين المشاركين في الجلسة، مشيرا إلى اهمية موضوع النقاش حول صناعة الإعلام لما له من ارتباط بتأثير الإعلام على المجتمعات وصناعة الرأي العام.
ولفت إلى ان صناعة الإعلام قطاع منتج ومؤثر ويعول عليه، اذ لطالما تغنى لبنان بهذه الصناعة، مشيرا إلى اسماء كبيرة في عالم الإعلام محليا او على الصعيد العربي، وان جيل الإعلاميين المخضرمين من القدوات التي يعتز ويفتخر بها.
وقال عويدات: ان هذا القطاع يحتاج إلى الدعم لما له من تأثير على الجانب السياسي والاجتماعي والاقتصادي، آملا ان يتواجد جيل إعلامي جديد لنقل صورة وهوية لبنان في الداخل والخارج، مشددا على اهمية ان يتحلى من يتولى صناعة الإعلام في لبنان بالمسؤولية لأنها أمانة، وان يتميز بالموضوعية والكفاءة حين توجهه إلى الناس ليوجههم بصورة صحيحة وسليمة.
ولفت إلى ان اللقاء الحواري مع الإعلامية جيزيل خوري هو باكورة الانشطة التي تنظم في السفارة بعد افتتاح ديوانيتها بجهود مجلس الاعمال اللبناني، مؤكدا ان السفارة هي بيت لبناني مفتوح للجميع.
ديوانية الجميع
بدوره، تحدث رئيس مجلس الاعمال اللبناني علي خليل، فشكر السفارة اللبنانية لاستضافة اللقاء الحواري، حيث تفتح الديوانية ابوابها لجميع ابناء الجالية، مشيدا بالدعم الذي يشهده مجلس الاعمال منذ تأسيسه قبل 3 اعوام بهدف تشجيع وتطوير التبادل الاقتصادي والتجاري بين الكويت ولبنان، وتأكيد الدور الاجتماعي في الكويت احترام القوانين والعمل بها، بالاضافة إلى مساعدة ابناء الجالية اللبنانية.
وأوضح ان هذا اللقاء هو ضمن سلسلة لقاءات تتناول موضوعات اقتصادية وثقافية سيقوم المجلس بتنظيمها خلال المرحلة المقبلة.
مشكلة القوانين
من جهتها، اكدت الإعلامية جيزيل خوري ان الإعلام اللبناني لن يعود إلى سابق عهده طالما ان قانون الإعلام يقوم على المحاصصة المذهبية والسياسية، حيث ان القانون الحالي من العناصر الأساسية التي ساهمت بتراجع لبنان في الإعلام المرئي والمسموع.
وانتقدت قانون الإعلام الالكتروني، لافتة إلى انه من المعيب ونحن في هذا القرن ان يعطى الحق للدولة بأن تحاكم المواطن الصحافي امام المحاكم العسكرية.
وشددت على ان هذه القوانين تضع حدا لتطور الإعلام، اذ ان هناك قنوات إعلامية تضع مسؤولين هم اساسا قناع لآخرين أكثرهم من زعماء طوائف وسياسيين، فلكل زعيم سياسي او حزب قناته الخاصة ويخاطب جمهوره الخاص، مؤكدة ان تطوير الإعلام يحتاج إلى تحديث القوانين والتشريعات الخاصة كخطوة أساسية.
الواقع الاقتصادي
وقالت خوري: ان الواقع الاقتصادي يفرض نفسه ايضا على الوضع الإعلامي في لبنان، فهناك الكثير من الضغوط الاقتصادية على وسائل الإعلام، عدا ان منح الامتيازات للصحافة المكتوبة محدود جدا.
وتحدثت عن غياب الصحافة الاستقصائية التي فقدت بسبب عدم التمكن من الوصول إلى المعلومة بسبب تضييق الحريات، معتبرة ان القمع والتدخل السياسي أفقد لبنان حريته في الإعلام المرئي والمسموع، فلو كانت هناك صحافة استقصائية لما حدث انفجار المرفأ ولكنّا تجنبنا موت الكثير من الضحايا، مشيرة إلى ان هناك توجها من وسائل الإعلام المستقلة الممولة من الامم المتحدة وبعض السفارات والمنظمات الدولية للقيام حاليا بتمويل بعض التقارير الاستقصائية.
وقالت ان الدراما والدبلجة والبرامج الترفيهية كلها تعتبر من صناعة الإعلام وكانت تصدر من لبنان إلى الخارج، الا انه لما ذكر من اسباب فقد شهدت تراجعا وما زالت.
التعليم الإعلامي
واكدت خوري ان التعليم في لبنان مازال في المراتب الاولى في العالم العربي على الرغم من مؤامرة التخلي التي تتعرض لها الجامعة اللبنانية، الا ان هناك جامعات خاصة ايضا وهناك طاقات مهمة في البلاد ولكن لا يوجد لها سوق عمل حقيقي.
وأشارت خوري إلى ان جميع الدول العربية تقريبا لم تنجح بالتحول إلى الإعلام الالكتروني وتسخيره لخدمة الإعلام التقليدي، لافتة إلى انه في لبنان هناك فوضى في الفضاء الالكتروني وهو لم يعد الحل لحرية التعبير، بل الحل عبر الوسائل الإعلامية المستقلة الموجودة على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي والتي باتت حاليا مصدرا للخبر أكثر من الوسائل التقليدية.
وعبرت خوري عن اسفها لغياب الصحيفة العربية الاقليمية كما كان في السابق، لافتة إلى انه حتى صحيفة «الأهرام» المصرية التي كان مشهود لها بذلك باتت لا تفرد اكثر من نصف صفحة للمواضيع العربية والاقليمية.
وحول القيود التي فرضت عليها اثناء تنقلها للعمل بين المؤسسات الإعلامية الكبرى، قالت خوري ان القناة التي عملت بها بحرية كبيرة كانت الـ «lbc» حتى عام 1998 إلى حين عسكرة الإعلام، حيث بدأ موضوع الحرية الإعلامية في لبنان بالتدهور، لافتة إلى ان جميع القنوات التي عملت بها عندها قيود ولكن تختلف بين وسيلة واخرى، الا ان جميعها لديها اجندات خاصة سواء سياسية او غيرها وجميعها تخاف من الجمهور الإلكتروني.
وخلصت خوري إلى انه لكي تكون صناعة الإعلام فاعلة كما في السابق لا بد اولا من تشريعات وقوانين تخدم هذا الامر، وكذلك العمل على التحول من السوق التقليدي إلى السوق الحديث بما يخدم التقليدي لأن يكون الإعلام اللبناني مصدرا للمعلومة ونشرها إلى العالم العربي.
لقطات من الحوار
سلم أمين عام الملتقى الإعلامي العربي ماضي الخميس جائزة الكويت للابداع إلى الإعلامية جيزيل خوري للمرة الثانية منذ انطلاق الجائزة منذ 10 اعوام.
واستذكر الخميس يوم 2 يونيو تاريخ اغتيال الصحافي سمير قصير زوج الإعلامية خوري، سائلا اياها ماذا تفعل في هذا التاريخ، فبادرت بالقول انها ستكون في لبنان تسلم جائزة لكل شاب عربي تجرأ ان يكسر حاجز الخوف ويعطي رأيه بقضية، كما تحضر لمهرجان ربيع بيروت الذي ينشر الفن لكل الناس من دون مقابل في ساحات ومسارح المدينة.
وأعلنت خوري خلال اللقاء عن كتاب سيصدر لها خلال أشهر فيه كواليس لقاءاتها مع من قابلتهم في حياتها كإعلامية، بالاضافة إلى قصص واجهتها خلال تغطيتها للقمم العربية والانشطة الإعلامية والسياسية الكبرى.
وتحدثت خوري عن احد المواقف التي واجهتها في تغطية احد اللقاءات العربية في الجزائر، حيث كانت الصحافية الوحيدة التي تنزل في فندق الوزراء وقد شعر احد الوزراء بأن هناك نوعا من الحصار الإعلامي عليه، فطلب منها اجراء لقاء معه عبر الهاتف وبالفعل حصل، الا ان الانترنت قطع في تلك اللحظة، ولم تتمكن من ارسال المادة الإعلامية للنشر.
سأل الإعلامي ماضي الخميس خوري عما اذا قدمت تنازلات خلال عملها كإعلامية في مختلف المؤسسات، فأكدت انها لم تسمح لنفسها بأن تكذب ولكنها سمحت لنفسها بأن تصمت وألا تقول الكثير من الامور على الشاشة لأنها تدرك ان هناك عددا كبيرا من الموظفين ستكون مسؤولة عما قد يلحق بهم جراء كلام قد تقوله على الشاشة.
سئلت الخوري عن اكثر موقف او ازمة مرت عليها، فأشارت إلى زيارتها لمخيم اللاجئين السوريين في الزعتري بالاردن، حيث كان هناك آلاف اللاجئين والاطفال حفاة الاقدام وصورة البؤس تظهر على وجوههم وكأننا فعلا في فيلم سينمائي، ما جعلها تخفض رأسها في السيارة حتى لا يراها الاطفال، وبقيت صامتة لمدة 3 ايام بعد هذه الواقعة.
وعن التعامل مع المغريات، اكدت خوري انها لم تتنازل وهذا خيارها الشخصي، فلم تقبل بالمغريات المادية لأنها لا تريد ان تكون «الناطق الرسمي باسم المعلم».