كان النفط عصا سحرية غيرت الكويت وحولتها من مجتمع صغير يعتمد في رزقه على البحر إلى دولة اتسعت فيها مساحة العمران والمنشآت على اختلاف أنواعها، وتحول الإنسان الكويتي إلى مهن أخرى عديدة أقل خطورة وأكثر مردودا.
وقيمة النفط لا تخفى على أحد فهو المادة المحركة للحياة، ولكن لا يخفى على أحد أيضا أن النفط مادة ناضبة منتهية ولهذا شجعنا في استخراجه من باطن الأرض وحرصنا على سرعة تسويقه وبيعه على الرغم من أنني أرى أن قيمة النفط وهو في باطن الأرض تبلغ أضعافا مضاعفة لقيمته بعد استخراجه، فهو كمن يملك مالا في خزانته وأخذ ينفق منه إلى أن يأتي يوم وينتهي هذا المال ويفنى ويتبدد.
المشكلة أن حقيقة كون النفط ثروة ناضبة لم تعد تشغلنا أو نفكر مجرد التفكير فيها، رغم أننا في الكويت دولة أحادية الموارد ارتبط نموها واستثمارها وبناؤها ورفاهية أبنائها بالنفط، فماذا لو انتهى المورد وهو المصدر الوحيد للدخل عندنا؟!
هذا هو السؤال الذي يحتاج إلى عشرات الإجابات، فهل أعددنا البلاد والعباد لهذا اليوم المقبل؟ إن من يطالع أحوالنا يعرف الإجابة سلفا على هذا السؤال فنحن لا هم لنا إلا بعثرة أموالنا يمينا وشمالا في صور هبات ومنح لبعض الدول وإنفاق لا مردود له ولا جدوى منه، فهل غاب عن المخططين في الدولة أن النفط هو المورد الوحيد لبلدنا؟!
وقد أعلنت وزيرة الطاقة الأميركية أن الولايات المتحدة حققت اختراقا علميا في مجال الاندماج النووي في مجال الطاقة وانه سينهي الاعتماد على الوقود الأحفوري وستستمر في العمل من أجل مستقبل تكون فيه الطاقة بهذا الاندماج النووي وهذا الاختراع يتطلب من 10 إلى 20 سنة لتطويره.
ورغم أن العالم حاليا لا غنى له عن النفط، إلا أننا لم نستثمر لك، فلا بنيتنا الأساسية اهتممنا بها في صناعة ولا زراعة، إنها كارثة حقا أن ينتهي النفط من الكويت، ولو أحسنا التعامل مع أموال النفط التي بين أيدينا الآن بالإنشاء الكامل للبنية التحتية لتكون صالحة لعشرات السنين فلا نحتاج بعد ذلك لإنفاق دينار واحد عليها ونبني المنشآت التعليمية ونشق الطرق ونقيم الجسور وننشئ كويتا جديدة على حدودنا من الشمال والجنوب من المناطق المحاذية لحدودنا الإقليمية إنشاءات كاملة تستوعب الزيادة السكانية وتوفر لها مرافقها الصحية والتعليمية والثقافية والدينية ونسعى جاهدين لخلق قاعدة صناعية متكاملة، ويا حبذا لو فرض على وكيل المنتجات الكبرى أن يقيم مصنعا لهذا المنتج في الكويت حتى ولو اقتصر هذا المصنع على «التجميع».
كذلك فلنعد إلى البحر بأسطول صيد كبير يستخرج خيرات البحر ويقوم بتعليبها وتصنيعها وإعادة بيعها فلدينا البحر ولدينا الجزر فلنتوسع بالبحر كما هولندا ودول أخرى كثيرة ونقيم صناعة السفن التي برع فيها الأجداد ونحول الكويت إلى صناعة السفن مهما كانت صغيرة أو كبيرة، لدينا الكثير لنفعله، ليست الحياة قاصرة على مورد النفط، فلنحسن التخطيط ونتحول في قطاع المواصلات، لأن كثيرا ما نسمع أن بعض الحكومات ستمنع استخدام البنزين والديزل في السيارات وتحولها إلى كهربائية خلال السنين القادمة كالدول الأوروبية مثل النرويج التي بدأت بالتحول عن النفط، ولا بد من المؤسسات العلمية والمجلس الأعلى للبترول أن يهتم بتنويع مصادر الدخل وإيجاد بدائل مناسبة لمواجهة تحديات المستقبل.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ الكويت وأميرها وشعبها والمخلصين لها من كل شر ومكروه. اللهم آمين.
[email protected]