بعمر السابعة والثلاثين، كان لوكا مودريتش مدركا أن مونديال قطر سيكون المشاركة الأخيرة له في كأس العالم، وبالتالي كان يمني النفس بأن يكرر أقله مشوار 2018 حين وصلت كرواتيا الى النهائي، لكن الحلم انتهى الثلاثاء بقساوة على يد ليونيل ميسي ورفاقه الأرجنتينيين بثلاثية نظيفة.
انتهى مشوار فريق المدرب زلاتكو داليتش عند نصف النهائي الثلاثاء على ملعب لوسيل، ومعه مشوار مودريتش في النهائيات العالمية التي يخوضها للمرة الرابعة في مسيرته.
قبل مباراة البرازيل في ربع النهائي (4-2 بركلات الترجيح بعد التعادل 1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي)، أدخل لاعب ريال مدريد الاسباني المخضرم الشك في قلوب عشاقه، إذ قال:«لا أعرف كم من الوقت سألعب للمنتخب الوطني، واذا كان لديكم السر، أو وصفة لي للبقاء شابا، اعطوني اياها».
في سن الـ37، يمكن لمودريتش أن يحلم بخوض غمار كأس أوروبا عام 2024، لكن تبدو الامور أكثر تعقيدا بالنسبة لمونديال 2026.
وأقر داليتش بعد الفشل في تكرار سيناريو 2018 حين وصلت كرواتيا الى النهائي أنها «قد تكون نهاية جيل كأس العالم بالنسبة لعدد من اللاعبين وصلوا الى سن معينة» من دون أن يحدد الأسماء، مضيفا: لكان الأمر رائعا لو نجحوا في إحراز لقب توجوا به مسيرتهم، حظينا بفريق رائع سيكون قادرا على إنهاء مشواره في كأس أوروبا 2024.
سيخلف رحيل مودريتش، صاحب الرقم القياسي الكرواتي بعدد المباريات الدولية (161)، فراغا كبيرا بالتأكيد.
بين عامي 2008 و2021 كان اللاعب الوحيد الذي وضع حدا للهيمنة المطلقة للثنائي الارجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو على الكرة الذهبية، باحرازه الجائزة المرموقة عام 2018، وهو عام حاسم شهد وصول كرواتيا إلى نهائي مونديال روسيا.
في سجل الأرقام يقف مودريتش بلقب أقل خلف الإسباني فرانسيسكو «باكو» خينتو من حيث الألقاب في دوري الأبطال، متساويا مع المدافع الإيطالي باولو مالديني، رونالدو أو حتى الفرنسي كريم بنزيمة، ومتخطيا بفارق لقب ميسي أو الإسباني أندريس إنييستا الذي قال عنه الكرواتي «أحد أفضل اللاعبين الذين واجهتهم».
توقيعه الفريد في عالم الكرة بتميزه بتمرير الكرة بخارج القدم اليمنى، مداعبة رائعة للكرة تذكر كثر بالطراز القديم لاسلوب اللعب، لكن بما أن اسلوب رونالدو عن طريق التمويه بالقدمين أو رونالدينيو باستعراضه الكروي، فإن هذه التقنية التي يجيدها الكرواتي لا تكفي وحدها لمنحه حقه.
مودريتش هو صاحب القميص رقم 10 من الطراز القديم، يرى اللعبة أسرع من الآخرين ويفرض الإيقاع، مراوغ استثنائي في المساحات الصغيرة، مقاتل قادر على استعادة الكرات بالقرب من منطقته، لمعالجة العرضيات والتنقل بين الخطوط، يمر في الجزء الخلفي من الدفاعات أو القيام بإيماءة قاتلة أخيرة، من اليمين حتى من اليسار.
ويبقى مونديال 2018 تحفته الكروية.
اختير مودريتش أفضل لاعب في التشكيلة المثالية لكأس أوروبا 2008، عام تألقه، قبل انتقاله إلى توتنهام الانجليزي من دينامو زغرب، لاحقا، مر الكرواتي بمرحلة صعبة.
قال في سلسلة «القادة» التي انتجها الاتحاد الدولي للعبة «فيفا»: «كنت أعرف الضغط الذي سيؤثر علي لو أهدرت ركلة ترجيحية مرة أخرى». لاعب وسط متكامل، لا يرحم، فاز بصراعه وجها لوجه مع الحارس الدنماركي كاسبر شمايكل.
ميزة أخرى لمودريتش هي عقله، فصاحب الوجه الطفولي والخجول خارج الملعب بإمكانه أن يهزم الجميع داخله، قال:«لا أحب الحديث عن نفسي كثيرا، لكنني شعرت دائما أنني قائد».