الدوحة - فريد عبدالباقي
بعث العاهل المغربي الملك محمد السادس ببرقية تهنئة إلى أعضاء منتخب بلاده لكرة القدم، بمناسبة الإنجاز التاريخي غير المسبوق في منافسات كأس العالم قطر 2022 بعد خسارتهم أمام كرواتيا 2-1 في لقاء تحديد المركزين الثالث والرابع.
وجاء هذه البرقية «تتبعنا ببالغ السرور والابتهاج مساركم المتألق في منافسات كأس العالم لكرة القدم 2022 بدولة قطر الشقيقة، حيث تمكنتم، عن جدارة واستحقاق، من بلوغ الدور نصف النهائي، في أول وأبهى تألق من نوعه لكرة القدم المغربية والعربية والإفريقية، في نهائيات هذه المناسبة الرياضية العالمية». وأضاف العاهل المغربي «ونحن نبارك لكم هذا الإنجاز التاريخي غير المسبوق، لنعرب لكم عن بالغ شكرنا وعميق اعتزازنا وفخرنا بما أبدعتموه خلال هذا الملتقي الكروي الكبير، من أداء رائع وانضباط متميز، يعكس الاحترافية العالية والتنافسية القوية، والغيرة الوطنية الصادقة والقيم الإنسانية الراقية التي تتحلون بها، ويجسد روح التحدي وإصراركم على بذل أقصى الجهود لإعلاء لواء كرة القدم المغربية على الصعيد العالمي، وتمثيل كرة القدم الإفريقية والعربية أفضل تمثيل، هذا الإصرار المتقد الذي أذكته تشجيعات ومؤازرة الجماهير المغربية الشغوفة التي استماتت في مناصرتكم بحماس جياش وأهازيج واحتفالية مفعمة بمشاعر الحب والعشق لراية الوطن».
وتابع: بقدر ما أسعدتم الشعب المغربي، ومختلف الجماهير الشقيقة والصديقة، خاصة منها العربية والافريقية، التي تابعت إنجازكم الباهر بكل محبة وفخر وإعجاب، بقدر ما أشهدتم العالم، بحق، بعلو كعبكم، وصلابة عزيمتكم النابعة من قوة إيمانكم وحبكم لوطنكم. كما وجه العاهل المغربي الشكر للجامعة المغربية لكرة القدم (الاتحاد)، وحثهم على اكتشاف المواهب، مجددا شكره لمدرب المنتخب وليد الركراكي، وداعيا إلى مواصلة اكتشاف المواهب وتنمية مهارات اللاعبين بما يساعد على تحقيق مزيد من الإنجازات للكرة المغربية، والعربية على وجه العموم.
لاعبو المغرب: الكرة عاندتنا
لم يتوقع أحد أن يصل منتخب عربي إلى الدور نصف نهائي كأس العالم، لكن المنتخب المغربي حقق المعجزة ووصل إلى هذا الدور للمرة الأولى في تاريخ العرب وأفريقيا، حيث قدم المنتخب المغربي عروضا قوية أمام منتخبات كبيرة في مونديال قطر، ليختتم مشواره في البطولة محققا المركز الرابع بعد خسارته بصعوبة أمام منتخب كرواتيا 1-2 في لقاء المركز الثالث.
وأعرب لاعبو المنتخب المغربي عن حزنهم عقب الخسارة أمام المنتخب الكرواتي، بيد أنهم أكدوا أنهم يشعرون بالفخر لوصولهم إلى المربع الذهبي في أهم وأكبر حدث كروي عالمي.
وقال مدافع المنتخب المغربي يحيى عطية الله عقب الخسارة من كرواتيا،«إن الجميع كان يتطلع إلى تحقيق الفوز على كرواتيا والعودة بالبرونزية المونديالية إلى الرباط، لكن المنتخب الكرواتي اعتمد على السرعات في خط الهجوم، لتأتي الأهداف نتيجة بعض الأخطاء وقلة التركيز»، مضيفا ان التواجد بين أفضل 4 منتخبات في العالم أمر يدعو للفخر، وهو في نفس الوقت مسؤولية كبيرة علينا كلاعبين في البطولات المقبلة. وقدم عطية الله الشكر إلى الجهاز الفني واللاعبين والجماهير التي دعمت الفريق بكل قوة طوال مسيرة المنتخب المغربي في المونديال، لافتا إلى أن مباريات كأس العالم منحت عناصر المنتخب المزيد من الخبرة على المستوى الدولي.
من جهته، أبدى مهاجم المنتخب المغربي أنس الزعروري حزنه لعدم تمكن منتخب بلاده من تحقيق المركز الثالث، مشيرا إلى أن كرة القدم عاندت منتخب بلاده، بدوره، قال لاعب وسط المنتخب المغربي سليم أملاح إن الحظ لم يحالف منتخب بلاده في اللقاء، مشيرا إلى أن جميع اللاعبين قدموا مباراة جيدة، ومضيفا بالقول: مررنا بفترات صعبة، لكن بقوة شخصيتنا استطعنا أن نتجاوز كل الصعوبات.
المغرب قاطرة أفريقيا
خلف المسار التاريخي للمغرب ووصوله إلى نصف النهائي الأول في تاريخ القارة السمراء، أحيت افريقيا في مونديال قطر الأمل الذي ظلت تتحدث عنه على مدى عقود.
فقد أكد قائد المنتخب المغربي رومان سايس قائلا عقب الخسارة أمام فرنسا 0-2 في نصف النهائي «في هذه البطولة كل المنتخبات الافريقية قدمت أشياء جيدة». وفي الواقع، اجتازت السنغال، بطلة افريقيا، الدور الأول أيضا، قبل أن تخرج على يد إنجلترا (0-3) في ثمن النهائي.
وإذا تم إقصاء المنتخبات الثلاثة الأخرى، فإنها خرجت بنتيجتين ستبقيان خالدتين، فتونس فازت على فرنسا 1-0، والكاميرون على البرازيل بالنتيجة ذاتها في الجولة الثالثة الأخيرة من الدور الأول، حتى لو أن «الديوك» و«السيليساو» خاضا المباراتين بالتشكيلة الرديفة كونهما كانا ضامنين تأهلهما إلى الدور الثاني.
أما غانا فقد فازت بمباراة واحدة أيضا، وكانت ضد كوريا الجنوبية (3-2) في الجولة الثانية، وكان مصيرها بين يديها في المباراة الأخيرة لكنها فشلت في الثأر من الأوروغواي التي كانت قطعت الطريق عليها لبلوغ نصف نهائي نسخة 2010، وخسرت أمامها 0-2 وودعتا معا الدوحة.
وضعت افريقيا منتخبين في ثمن النهائي للمرة الثانية بعد 2014 (الجزائر ونيجيريا)، علما انه في 2018 في روسيا، لم ينجح أي منتخب من القارة السمراء في اجتياز الدور الأول.
وهنا أضاف سايس: «يجب ألا يكون لديك عقدة نقص، اليوم جميع المنتخبات الافريقية تتكون من لاعبين رائعين جدا، وليس فقط أولئك الذين كانوا متواجدين هنا» في قطر.
طريق طويل
وتابع القائد المغربي الذي أبعدته الإصابة عن المباراة الأخيرة لبلاده التي خسرت مباراة تحديد المركز الثالث ضد كرواتيا: «آمل في أن يكون ما حققناه مثالا يحتذى في المستقبل، حيث سيكون هناك المزيد والمزيد من المنتخبات الافريقية التي تصل إلى نصف النهائي».
من جهته، قال مدرب المغرب وليد الركراكي: «افريقيا والمغرب تتطوران، لقد فهمنا أخيرا أنه كان علينا أن نضع مصيرنا بين أيدينا، أظهرنا للعالم أننا في المغرب نعمل ونتقدم إلى الأمام».
بدوره، قال مساعد مدرب الكاميرون سيباستيان مينييه: «لا ينسى عام 1990 الذي كان في ذلك الوقت ثورة في حد ذاته. لقد جلبت (الأسود غير المروضة) التي كانت أول منتخب افريقي يبلغ ربع النهائي في تاريخ المونديال، دفعة معنوية كبيرة، نشعر بذلك قليلا مع المغرب الآن».
قبل هؤلاء الرواد، كان الطريق طويلا ومليئا بالمطبات. لم يكن للقارة السمراء مكان مضمون قبل مونديال 1970، عندما حجز المغرب البطاقة الأولى المباشرة، لكنها حصلت على نقطة واحدة فقط في النهائيات.
في السابق، لم تشارك سوى مصر مرة واحدة، وخسرت في الدور الأول أمام المجر 2-4 في عام 1934. وفي عام 1974، تعرضت زائير لثلاث هزائم مذلة أبرزها أمام يوغوسلافيا 0-9.
وأول فوز لمنتخب افريقي تحقق عام 1978، عندما فازت تونس على المكسيك 3-1، خسرت بعدها أمام پولندا 0-1 ثم صمدت أمام ألمانيا الغربية وخرجت بتعادل سلبي لكنها خرجت خالية الوفاض.
وانطلاقا من 1982، كان لافريقيا ممثلان وكان يتألق واحد منهما على الأقل في النهائيات. فقد فاجأت الجزائر ألمانيا الغربية بالفوز 2-1 قبل إقصائها بـ «مباراة العار» عندما تواطأت النمسا وألمانيا الغربية بخسارة الأولى أمام الثانية 0-1 وتأهلهما معا إلى الدور الثاني.
«اللعب بدون عقدة نقص»
وأصبح المغرب بالفعل أول دولة افريقية تتأهل للدور الثاني عام 1986. وقد مكن المشوار الرائع للكاميرون في مونديال إيطاليا 1990، الاتحاد الافريقي من الحصول على بطاقة ثالثة في 1994، ثم 4 بطاقات و5 بطاقات اعتبارا من 1998. ومع الانتقال إلى 48 دولة، سيكون لأفريقيا 9 منتخبات في مونديال 2026 في المكسيك والولايات المتحدة وكندا.
بشكل عام، وصلت نيجيريا إلى ثمن النهائي 3 مرات (1994 و1998 و2014)، وغانا مرتين (2006 و2010) والسنغال مرتين (2002 و2022)، مع ربع نهائي للنجوم السوداء عام 2010 و«أسود التيرانغا» في 2002.
أما الركراكي فرفع السقف عاليا في ختام المشاركة الرائعة للمغرب والأفارقة قائلا: «في يوم من الأيام سنفوز بكأس العالم. لقد تعلمنا كثيرا من هذه التجربة. نحن لسنا بعيدين. خسرنا بسبب تفاصيل صغيرة.. مع 9 مشاركين في مونديال 2026 سنتعلم. في 15 و20 سنة، أنا متأكد من تتويج منتخب أفريقي».