- قمتا الصين مع الدول الخليجية والعربية تمثلان فرصة مهمة لتنمية العلاقات المشتركة ووضع خطة لمستقبل مشرق للشراكة الإستراتيجية
- أبرز ملامح المستقبل المشترك تتضمن بناء منظومة أمنية مشتركة وشاملة وتعاونية ومستدامة في الشرق الأوسط وتكريس قيم الإنسانية المشتركة
- الصين تعد ثاني أكبر مصدر للاستثمارات الأجنبية في الكويت بإجمالي 550 مليون دولار
- 10 مليارات دولار إجمالي الاستثمار المالي الذي قامت به الهيئة العامة للاستثمار في الصين
- 22.1 مليار دولار أميركي إجمالي قيمة التبادل التجاري بين الصين والكويت خلال العام 2021
- تغلبنا على الآثار السلبية لجائحة كورونا وأصبحت الصين أكبر شريك تجاري للكويت
أجرى الحوار: أسامة دياب
أكد سفير جمهورية الصين الشعبية لدى البلاد تشانغ جيان وي أن دول الخليج شركاء مهمون لبلاده، لافتا إلى أن القمة الصينية ـ العربية علامة فارقة في تاريخ العلاقات المشتركة، وأن القمتين «الصينية ـ الخليجية» و«الصينية ـ العربية» تعدان فرصة لتنمية العلاقات الثنائية ووضع خطة للانطلاق نحو مستقبل مشرق للشراكة الاستراتيجية المشتركة.
وأشار السفير جيان وي، في لقاء خاص مع «الأنباء»، إلى أن العلاقات الصينية - الكويتية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها تعد أنشودة عذبة تطرب في جميع لحظاتها، كاشفا عن أن الكويت تعتبر أول مستثمر أجنبي في مجال شبكة السكك الحديدية عالية السرعة في بلاده بقيمة إجمالية تقدر بنحو 200 مليون دولار.
وبينما أكد السفير الصيني أن بلاده تدعم الكويت في تنفيذ رؤيتها التنموية «كويت 2035»، أشار إلى أن الشركات الصينية تشارك في تنفيذ أكثر من 80 مشروعا في الكويت خلال الوقت الحالي، مضيفا أن إجمالي حجم الاستثمارات الصينية المباشرة في الكويت يبلغ 550 مليون دولار، وبهذا تعتبر الصين ثاني أكبر مصدر للاستثمار الأجنبي في الكويت.
وزاد بأن قيمة التبادل التجاري بين البلدين في عام 2021 بلغت 22.1 مليار دولار أميركي، مشيرا إلى وجود تنسيق مع الكويت حيال العديد من الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك والبلدان كما أنهما تتبادلان الدعم في المحافل الدولية، فإلى التفاصيل:
بداية، كيف ترون أبرز نتائج القمتين «الصينية ـ العربية» و«الصينية ـ الخليجية» اللتين عقدتا مؤخرا في الرياض؟
٭ القمتان الصينية ـ العربية، والصينية الخليجية هما انعكاس واضح لقوة ومتانة العلاقات التاريخية التي تجمع الصين مع العالم العربي، ويعد انعقاد القمة الصينية - العربية الحدث الديبلوماسي الأبرز على مستوى العلاقات بين الصين والعالم العربي منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، كما أنه يعتبر علامة فارقة في تاريخ العلاقات الصينية - العربية، بغية تعزيز التضامن والتنسيق.
وفي ظل الظروف الحالية التي يمر بها العالم تعتبر القمة فرصة حقيقية لإيجاد سبل ناجعة لتنمية العلاقات الثنائية بشكل أكبر ووضع خطة للتعاون لاستشراف المستقبل والانطلاق نحو شراكة استراتيجية صينية - عربية حقيقية.
ولقد أشار الرئيس الصيني شي جين بينغ، في كلمته خلال القمة إلى روح الصداقة الصينية ـ العربية الممتدة لآلاف السنين، وحدد أبرز ملامح المستقبل المشترك، ومنها التمسك بالاستقلالية، التركيز على التنمية الاقتصادية وتعزيز المواءمة بين الاستراتيجية التنموية، وبناء «الحزام والطريق» بجودة عالية، والتعامل مع التحديات الكبرى القائمة مثل أمن الغذاء والطاقة، الحفاظ على سلام المنطقة وبناء منظومة أمنية مشتركة وشاملة وتعاونية ومستدامة في الشرق الأوسط، وأخيرا تعزيز التبادل الحضاري وتعميق التعاون الإنساني والثقافي ورفض ما يسمى بـ «الإسلاموفوبيا» وتكريس قيم الإنسانية المشتركة المتمثلة في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديموقراطية والحرية.
أما فيما يخص القمة الصينية ـ الخليجية، فمن المعروف أن دول مجلس التعاون الخليجي شركاء مهمون للصين في إطار تعاونها مع الشرق الأوسط، ونرى أن العلاقات بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي تتمتع بنمو شامل وسريع وعميق على مدى السنوات الـ41 الماضية، من خلال التعاون المثمر في مختلف مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والخدمات المالية والاستثمار والتكنولوجيا الفائقة والفضاء واللغة والثقافة وهي أبرز ملامح العلاقات بين الصين والشرك الأوسط.
وقد أبرزت كلمة الرئيس شي جين بينغ عنوانا عريضا يتمثل في تكريس تقاليد الصداقة بين الصين ومجلس التعاون الخليجي ومواصلة إثراء المقومات الاستراتيجية للعلاقات الصينية - الخليجية، موضحا أن الجانب الصيني سيعمل مع الجانب العربي على بناء معادلة جديدة للتعاون الشامل الأبعاد في مجال الطاقة، والدفع بتحقيق تقدم جديد للتعاون في مجالي المال والاستثمار، وإفساح مجال جديد للتعاون الابتكاري والتكنولوجي، واستشراف مجالات جديدة للتعاون في مجال الفضاء، وخلق نقاط بارزة جديدة للتعاون اللغوي والثقافي، بغية العمل يدا بيد على خلق مستقبل أكثر إشراقا للعلاقات الصينية - الخليجية.
العلاقات الثنائية
كيف تصف العلاقات الصينية ـ الكويتية ماضيها وحاضرها وآفاقها المستقبلية؟
٭ العلاقات الصينية ـ الكويتية تتسم بالقوة والمتانة حيث بنيت على أسس صلبة من الصداقة والثقة والاحترام المتبادل، وهي علاقات تاريخية وإيجابية وبناءة في مجملها فلقد كانت الكويت أول دولة في الخليج تقيم علاقات ديبلوماسية مع الصين، وعلى مدار أكثر من 50 عاما تسير العلاقات الصينية ـ الكويتية في مسار تصاعدي وتتطور بشكل ملحوظ على كافة الأصعدة ومختلف مجالات التعاون بما يعود بالنفع على الشعبين الصديقين. بصفة عامة تعيش العلاقات الصينية ـ الكويتية أفضل مراحلها التاريخية.
أما فيما يتعلق بآفاق العلاقات المستقبلية فإن القيادة السياسية في البلدين حريصة دعم وتعزيز العلاقات الثنائية خلال الفترة المقبلة، مما يعزز استمرارية هذه الشراكة واستشراف مجالات أوسع وأرحب بما يعود بالنفع على البلدين وشعبيهما الصديقين مستقبلا.
وقد كان لقاء الرئيس الصيني شي جين بينغ مع سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد في الرياض، بمنزلة دفعة كبيرة تضخ مزيدا من القوة والحيوية لتعزيز العلاقات الصينية ـ الكويتية.
وبصفتي سفيرا جديدا لجمهورية الصين الشعبية لدى الكويت، فإنني على استعداد للعمل مع زملائي وأصدقائي في الكويت لمضاعفة جهودنا لتعميق الثقة السياسية المتبادلة بين الصين والكويت باستمرار، وتوسيع نطاق التعاون العملي، وتعزيز التفاهم المتبادل بين الشعبين.
وأنا على يقين بأن الصين والكويت، برعاية وتوجيهات الرئيس شي جين بينغ، وصاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، وسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، سيستمران في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بينهما بمدلولات أعمق وآفاق أوسع، فالعلاقات بين البلدين الصديقين في ماضيها وحاضرها ومستقبلها أنشودة عذبة تطرب في جميع لحظاتها.
أبرز مجالات التعاون
ما أبرز مجالات التعاون الثنائي بين البلدين؟
٭ كما سبق وذكرت، العلاقات الثنائية بين البلدين شهدت تطورا ملحوظا خلال العقود الـ 5 الماضية في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، فالصين صديق موثوق للكويت، ولقد حافظ البلدان على زخم نمو التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما في عام 2021، واستطاعا التغلب على الآثار السلبية لجائحة كورونا، حيث أصبحت الصين أكبر شريك تجاري للكويت.
كما واصلت الشركات الصينية مشاركتها الفعالة والنشطة في مشروعات الكويت ورؤيتها التنموية 2035 في مجالات الطاقة والإسكان والاتصالات والبنية التحتية، مثل إنجاز مشروع مدينة المطلاع السكنية، والذي شهد مشاركة فاعلة من قبل شركات صينية، وكذلك مشروع إنشاء مرافق الإدارة لمدينة صباح السالم الجامعية.
وخلال مقابلة وزيري خارجية البلدين في بداية العام الحالي، أجمع الجانبان على تعزيز التعاون في مجالي الزراعة والأمن الغذائي، وتوسيع التعاون في مجالات التكنولوجيا الفائقة والحديثة مثل الطاقة المتجددة واتصالات الجيل الخامس والمدن الذكية وغيرها، واستشرافا للمستقبل، أنا على ثقة تامة بأن كلا البلدين سيواصلان كفاحهما الدؤوب من أجل حياة وعالم أفضل.
كم يبلغ عدد الاتفاقيات الثنائية ومذكرات التفاهم التي تسير العلاقة بين البلدين؟ وهل هناك نية لتحديث بعضها أو توقيع اتفاقيات جديدة؟
٭ لدينا عدد كاف من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تسير علاقتنا مع الكويت وتمثل الإطار القانوني لها وتغطي مختلف مجالات التعاون بغية تطوير وترسيخ العلاقات الثنائية سياسيا واقتصاديا وتجاريا وثقافيا.
الكويت كانت أول دولة عربية توقع وثيقة التعاون مع الصين في مبادرة «الحزام والطريق»، وخلال زيارة سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد إلى الصين في عام 2018 تم توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين تتعلق بالتعاون في مجالات التجارة الإلكترونية والصادرات والائتمان وتشجيع الاستثمار وتطبيق المدن الذكية وما إلى ذلك.
ونحن منفتحون ولدينا رغبة في توقيع العديد من الاتفاقيات في مختلف المجالات بما يحقق مصلحة البلدين والشعبين الصديقين.
العلاقات التجارية والاستثمار
ماذا عن إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين؟
٭ في عام 2021، شهد التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين تطورا ملحوظا، فقد حافظ التعاون الاقتصادي والتجاري على زخم نموه القوي، حيث تبوأت الصين صدارة الدول المصدرة للبضائع إلى الكويت وشركائها التجاريين في المجال غير النفطي.
ويبلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين 22.1 مليار دولار أميركي، بزيادة قدرها 54.9% على أساس سنوي، ومن بينها ما استوردته الصين من الكويت بقيمة 17.7 مليار دولار أميركي، بزيادة قدرها 65.2% على أساس سنوي، وذلك يحتوي على 30.16 مليون طن من النفط الخام بقيمة 15.3 مليار دولار أميركي، بزيادة قدرها 70.28% على أساس سنوي، وبذلك قد أصبحت الكويت ثامن أكبر مصدر للنفط الخام إلى الصين.
وماذا عن حجم الاستثمارات الكويتية في الصين، وحجم الاستثمارات الصينية في الكويت؟
٭ وفقا للإحصائيات الصادرة عن هيئة تشجيع الاستثمار المباشر مؤخرا، بلغت القيمة المتراكمة للاستثمار المباشر الذي قامت به الصين في الكويت نحو 550 مليون دولار أميركي، وبذلك أصبحت الصين ثاني أكبر مصدر للاستثمار الأجنبي في الكويت.
وفي أكتوبر عام 2019، ساهمت الهيئة العامة للاستثمار في الكويت بمبلغ 200 مليون دولار أميركي في صندوق استثمار سكة حديد عالية السرعة بين مدينتي جينان وتشينغداو في الصين، وأصبحت الكويت أول مستثمر أجنبي في مجال شبكة السكك الحديدية عالية السرعة فيها، كما استثمرت الكويت أيضا في كل من: البنك الصناعي والبنك التجاري الصيني (Industrial and Commercial Bank of China)، والبنك الزراعي الصيني (Bank of China Agricultural)، وشركة سيتيك للأوراق المالية (CITIC Securities)، وفي غيرها من المؤسسات المالية في الصين، وهو ما نعتبره يتماشى مع العلاقات ذات التطور والنمو المستمرين بين الجانبين.
وقد بلغت القيمة الإجمالية للاستثمار المالي الذي قامت به الهيئة العامة للاستثمار في الصين (بما فيها منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة) أكثر من 10 مليارات دولار أميركي.
كيف ترون رؤية الكويت التنموية 2035 وما مدى اهتمام الشركات الصينية بها؟
٭ بصفتي سفيرا لجمهورية الصين الشعبية لدى الكويت، سأحرص على تعزيز التضافر والتوافق بين مبادرة «الحزام والطريق» و«رؤية الكويت 2035»، وسنضع أمام الكويت تجاربنا وخبراتنا في بناء المناطق الاقتصادية والتجارة الحرة للمساهمة في رؤيتها التنموية، ونحن على استعداد لتعزيز التعاون في مجال تنفيذ خططها التنموية ومشاريعها المستقبلية الطموحة.
ولقد حظي نجاح المسار الصيني نحو التحديث بالتقدير على نطاق واسع، حيث وصف بمعجزة في تاريخ التنمية البشرية حيث يقدم نهجا بديلا لتحقيق التحديث يختلف عن نهج الدول الغربية.
أعتقد أنه يجب على الصين والكويت اغتنام الفرص التي تأتي بها التنمية العالية الجودة الصينية الجديدة،
وخلال اللقاء الذي جمع الرئيس الصيني شي جين بينغ وسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أكد الرئيس شي أن الصين تدعم الكويت في تنفيذ «رؤيتها التنموية 2035»، وتحرص على تعزيز المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية للبلدين، والمشاركة النشطة في بناء المشاريع الهامة في الكويت، واستكشاف إمكانات التعاون في مجالات الطاقة الجديدة والجيل الخامس للاتصالات والاقتصاد الرقمي، وتدعيم التواصل والتعاون في مجال الثقافة.
كم يبلغ عدد الشركات الصينية في الكويت؟ وما حجم المشروعات التي تنفذها؟
٭ تشارك الشركات الصينية في تنفيذ أكثر من 80 مشروعا كويتيا مهما، كما ساهمت الشركات الصينية في تحقيق نسبة عالية لتغطية شبكة الجيل الخامس في الكويت.
وواصلت الشركات الصينية مشاركتها النشطة في مشروعات الكويت بمجالات الطاقة والإسكان والبنية التحتية والاتصالات وغيرها، وأصبحت السيارات الصينية تحظى بشعبية كبيرة في الكويت.
التعاون العسكري
ماذا عن أبرز ملامح التعاون العسكري بين البلدين؟ وهل تساهمون في تسليح الجيش الكويتي؟
٭ علاقات الصداقة والتعاون في المجال العسكري تشكل جزءا مهما من الشراكة الاستراتيجية بين الصين والكويت، ويحرص الجانب الصيني على تطوير العلاقات الثنائية في المجال العسكري، نحن نقف دائما إلى جانب الكويت، ونقدر موقفها الدائم والثابت الداعم للموقف الصيني، خصوصا في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية مثل قضية تايوان.
وفي المقابل، تدعم الصين الكويت في صيانة سيادتها والحفاظ على وحدة أراضيها واستقلالها، ونحترم اختيار الشعب الكويتي لاستكشاف الطريق التنموي بإرادته المستقلة.
كما أن الصين تنتهج سياسة دفاع وطني ذات طبيعة دفاعية، وتعد تنمية الصين إضافة إلى قوى السلام العالمية، وبغض النظر عن مدى تطورها، فلن تسعى الصين وراء الهيمنة أبدا، ولن تنخرط في أطماع التوسع الخارجي أبدا.
ماذا عن التنسيق بين البلدين في المحافل الدولية؟ وما مدى التوافق حيال القضايا والملفات الإقليمية والدولية؟
٭ لدينا تنسيق مستمر مع الكويت حيال العديد من الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية والدولية ونتبادل الدعم في المحافل الدولية انطلاقا من مبدأ الصدق والاحترام المتبادل.
وتلتزم الكويت دائما بمبدأ الصين الواحدة، كما تدعم الصين الكويت في الحفاظ على سيادتها وأمنها واستقرارها ونقدر إسهامات الكويت البارزة في تعزيز السلام والاستقرار في الخليج، وفي تعزيز وحدة دول مجلس التعاون الخليجي وتطوير ذاتها.
وأود أن أشير إلى حالة التوافق الكبير بين الصين والكويت حول رؤيتهما للأحداث في منطقة الشرق الأوسط، وتقدر حكومة الصين سياسة الكويت المتسمة بالحكمة والاتزان في التعامل مع الأحداث في المنطقة، وهو ما يبرز حكمة القيادة الكويتية في السياسات الخارجية، وهناك مبادئ عامة تنتهجها الخارجية الصينية تتفق تماما مع السياسة العامة للخارجية الكويتية وأهمها عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى وإيجاد الحلول السياسية للمشاكل عبر الحوار والمفاوضات والسماح للشعوب بتقرير مصيرها ومستقبلها.
هل تعملون على ترتيب زيارات مرتقبة رفيعة المستوى بين البلدين؟
٭ الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى تعزز العلاقات التاريخية الوثيقة بين الكويت والصين، وقد شهد فبراير من عام 2021 الزيارة الرسمية لعضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومدير مكتب اللجنة المركزية للشؤون الخارجية بالصين يانغ جيه تشي إلى الكويت، ونتطلع إلى تبادل الزيارات بين البلدين لما يسهم فيه ذلك من تعزيز التواصل الرفيع المستوى وتعميق الثقة الاستراتيجية المتبادلة بين البلدين.
مكافحة «كورونا»
كيف تقيم التعاون الثنائي في القطاعين الطبي والأكاديمي والبحث العلمي؟
٭ خلال جائحة كورونا، تضافرت الجهود، حيث قدمت الكويت مساعدات طبية للصين، بينما أرسلت الصين مجموعة من الخبراء لمساعدة الكويت في مكافحة الوباء، وقد شهدنا في شهر أكتوبر الماضي وداع أعضاء الفريق الطبي الصيني المنتهية أعمالهم في الكويت والبالغ عددهم 17 شخصا، وأتت الدفعة الجديدة للفريق الطبي مؤخرا، فعلى مدار العقود الأربعة الماضية، أوفدت الصين ما مجموعه 239 كادرا طبيا قاموا بتشخيص وعلاج قرابة 800 ألف مريض في الكويت، فبرنامج إرسال الفرق الطبية الصينية إلى الكويت مجرد مثال لتعاوننا الصحي وشراكتنا الاستراتيجية، كما تمت إقامة المعرض العلمي الأول للطفل الذي نظمه معهد الكويت للأبحاث العلمية بالتعاون مع سفارتنا بهدف اكتشاف وتطوير مواهب الناشئة وغرس روح البحث العلمي في نفوسهم.
للتبادل الثقافي أهمية كبرى في تعزيز التواصل بين الشعوب، ما أبرز جهود السفارة في هذا الصدد؟
٭ يعد التواصل الثقافي والإنساني وسيلة مهمة لتعزيز التقارب بين الشعوب، وجزءا مهما من العلاقات الصينية ـ الكويتية أيضا، وقد شهد التبادل الثقافي بين الصين والكويت فعاليات رائعة ومتنوعة، حيث قمنا بإقامة المهرجان الثقافي الصيني للسينما والطعام، وذلك بالتعاون مع مكتبة الكويت الوطنية، بهدف تعزيز التواصل والتبادلات الثقافية بين الشعبين، كما تمت ترجمة الأعمال الكلاسيكية بين اللغتين الصينية والعربية، وقد أصبحت العديد من الروايات الكويتية مثل «وسمية تخرج من البحر» و«ساق البامبو» و«طعم الذئب» وغيرها معروفة جيدا لدى القراء الصينيين، وقد توجه العدد من الفرق والوفود الفنية الصينية رفيعة المستوى إلى الكويت للمشاركة في مهرجان القرين الثقافي وغيره من الفعاليات والأنشطة.
وهنا نشير إلى أنه بدأت أعمال في الكويت لإنشاء أول مركز ثقافي صيني بمنطقة الخليج كجسر جديد للتبادلات الشعبية والثقافية بين الصين والكويت.
متى وأين سيعقد الاجتماع القادم للجنة المشتركة بين البلدين، وعلى أي مستوى؟
٭ مما لا شك فيه أن اجتماعات اللجنة المشتركة بين البلدين لها أهمية كبيرة لمواصلة العمل لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتنموية بين البلدين، ونتذكر هنا انعقاد أعمال الدورة السادسة من اجتماعات اللجنة (الكويتية ـ الصينية) المشتركة في نوفمبر من عام 2019، حيث تم بحث سبل الدفع بآليات التعاون المشترك بما يسهم في تحقيق مصلحة البلدين وتدعيم الشراكة الاستراتيجية، ونحن نتطلع إلى عقد اجتماعات مشتركة بين البلدين لما لها من أثر عظيم في توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين الصديقين.
كيف تقيم تعاون زملائك في وزارة الخارجية الكويتية معكم؟
٭ أود الإشادة هنا بحكمة وحنكة القيادة السياسية العليا في الكويت واتزان سياستها الخارجية وبالجهود التي تقوم بها في ترسيخ دعائم حفظ الأمن والسلم في المنطقة، ومما لا شك فيه أن وزارة الخارجية الكويتية وممثليها يعكسون بجلاء تلك النقاط المضيئة في سياسة الكويت الخارجية، فهم يتسمون بالحكمة والاتزان، وهم مثقفون ويتحلون بدرجة عالية من التعاون والمهنية، مما يساهم بشكل جلي في تعزيز العلاقات بين البلدين والارتقاء بها دائما إلى آفاق أرحب.
سجل مشرف للكويت
وما نظرتكم للدور الذي تلعبه الكويت إقليميا ودوليا ومبادراتها في حل النزاعات والحلال السلام؟
٭ الكويت حققت العديد من النجاحات في جهود الوساطة بفضل رصيدها الديبلوماسي وثرائها التفاوضي، فالكويت بنت سجلها الناجح والمشرف والحافل بالوساطات منذ الستينيات واستطاعت خلال تلك العقود لعب دور الوسيط بنجاح، ولذلك فإن نجاحها في حل الخلافات لم يأت من فراغ، وإنما يستند إلى سجل حافل من ديبلوماسية الوساطة، وبالتأكيد فإن المصالحة الخليجية التي جرت في «قمة العلا» زادت الكويت علوا، فالكويت وإن كانت صغيرة المساحة والحيز الجغرافي إلا أنها كبيرة المكانة إقليميا وعالميا، ونقدر ما تقوم به من جهود وساطة بين الأشقاء.
كيف ترى المشهد المعقد والملتبس بمنطقة الشرق الأوسط؟ وماذا عن مبادراتكم لتخفيف حدة هذا التوتر؟
٭ نحن نعارض الحرب وندعو إلى الحوار كأداة لا بديل عنها لحل النزاعات وإحلال السلام، وستستمر الصين في تعزيز التواصل مع الدول العربية من حيث الاستراتيجيات والممارسات، ودفع بناء «الحزام والطريق» يدا بيد، والعمل معا لدعم الاستقرار في المنطقة، والدفاع عن العدالة والإنصاف، وتعزيز التنمية المشتركة.
مما لا شك فيه أن المشهد في منطقة الشرق الأوسط ملتبس ومعقد ويحتوي على عدد من المناطق الملتهبة، إلا أن الصين كدولة كبيرة ومسؤولة تطبق بجدية المفهوم الجديد للأمن المشترك والمتكامل والتعاوني والمستدام، وتعمل على تعزيز التواصل والتنسيق مع الدول العربية، بغية توحيد الجهود للدفع بإيجاد حل سياسي للقضايا الساخنة في المنطقة، حيث اننا نعيش الآن في عصر مليء بالتحديات، ولكنه في ذات الوقت مفعم بالآمال.
ويجمعنا مع الدول العربية عدد من القيم المشتركة مثل احترام السيادة والاستقلال وسلامة الأراضي وعدم الاعتداء وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتحقيق المساواة والمنفعة المتبادلة والتعايش السلمي، كما نرفض التدخل الخارجي والهيمنة وسياسة القوة بجميع أشكالها.ما موقفكم من القضية الفلسطينية والنزاع الذي طال أمده؟
٭ تدعم الصين بثبات القضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، وتدعم إقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة الكاملة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كما ندعم فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ونقدم بنشاط مساعدات إنسانية إلى الشعب الفلسطيني.
وتدعم الصين جهود جامعة الدول العربية والدول الأعضاء لها في القضية الفلسطينية، وتدعو المجتمع الدولي إلى إعطاء الأولوية للقضية الفلسطينية في الأجندة الدولية، وتحث الأطراف المعنية على الالتزام بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة و«مبادرة السلام العربية» ومبدأ «الأرض مقابل السلام» وغيرها من التوافقات، ودفع مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على أساس «حل الدولتين»، بغية الدفع بإيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية في يوم مبكر.
ما تأثير الحرب الروسية ـ الأوكرانية على أمن واستقرار العالم؟ وما السبيل الأمثل للخروج من هذه الأزمة؟
٭ القضية الأوكرانية أدخلت العالم إلى جولة جديدة من الاضطرابات والتحولات، ولطالما دأبت الصين على اتخاذ موقف يدافع عن السلام والعدالة، وترى الصين أنه ينبغي احترام سيادة جميع البلدان وسلامتها الإقليمية، ويجب التقيد الكامل بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
وتؤيد الصين الحل السلمي، فموقفنا من أوكرانيا هو دفع عملية التفاوض، كما أن العزل والعقوبات لن تؤدي إلا إلى «طريق مسدود»، والشيء الوحيد الذي ترغبه الصين هو تحقيق السلام في أوكرانيا.
هل سيشهد العالم حربا عالمية ثالثة أم أن زمن الحروب التقليدية قد ولى؟
٭ لا أحدا يريد أن يرى اندلاع الحرب العالمية الثالثة، ولذلك يجب على الجميع التكاتف لدعم الحوار والمفاوضات كآلية لا بديل عنها لحل النزاعات وإحلال السلام.
الصين بوصفها نصيرا للعدالة والسلام دائما ما تختار الحوار بدلا من العقوبات الأحادية، والتهدئة بدلا من التصعيد، وفي الوقت نفسه، تعارض بشدة نزعة الهيمنة وعقلية الحرب الباردة وسياسات القوة بكافة أشكالها، كما تعارض تصرفات مثل «بناء الجدران وإقامة الحواجز» و«فك الارتباط وقطع سلاسل الصناعة والتوريد»، وتعارض العقوبات الأحادية الجانب وفرض الضغط البالغ الشدة.
الصين مستعدة للتعاون مع جميع البلدان والشعوب المحبة للسلام وذات التوجه الإنمائي لتنفيذ مبادرة الأمن العالمي، وشق طريق نحو السلام الدائم، وإقامة تآزر قوي لبناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، فيجب أن نبقى ملتزمين بالحل السلمي للخلافات والنزاعات بين الدول من خلال الحوار والتشاور، وندعم كل الجهود التي تؤدي إلى التسوية السلمية للأزمات، ونرفض المعايير المزدوجة، ونعارض الاستخدام التعسفي للعقوبات الأحادية والولاية القضائية طويلة الذراع.
تألق عربي وصيني في قطر
هنأ السفير تشانغ جيان وي دولة قطر على نجاحها في استضافة كأس العالم لكرة القدم، وعلى التنظيم الرائع غير المسبوق للبطولة، كما هنأ الشعوب العربية جميعا على أداء منتخب المغرب وحصوله على المركز الرابع، وعلى الفوز التاريخي للمنتخب السعودي على نظيره الأرجنتيني، وكذلك تفوق تونس على فرنسا حامل اللقب، خلال مباراتهما في نهاية الدور الأول، موضحا أن العرب تركوا بصمة واضحة في هذا الحدث العالمي، وأن المنتجات الصينية الصنع تألقت على مدار أيام البطولة من خلال مجموعة رائعة، فمن ستاد لوسيل، والمركبات الكهربائية إلى الجوانب الثقافية، وغيرها من الأمور المتميزة.
300 جامعة ومعهد ومدرسة لتدريس اللغة الصينية
أشار السفير الصيني لدى البلاد تشانغ جيان وي إلى أن الرئيس شي جين بينغ أعلن أثناء القمة الصينية - الخليجية، أن الصين على استعداد لإقامة تعاون مع 300 جامعة ومعهد ومدرسة ثانوية وابتدائية لتدريس اللغة الصينية في دول الخليج، إضافة إلى وجود 300 حجرة تدريس ذكية «أونلاين» لتدريس اللغة الصينية، وسيكون المركز الرئيسي لتنظيم الاختبارات في بكين.
وقال جيان وي إن «التبادل الثقافي بين الصين ودول الخليج يزداد بشكل كبير وخصوصا على صعيد اللغات، وسيتم تأسيس مكتبة مشتركة للكتب بين الكويت والصين، وأعتقد أن هناك مجالا أوسع لتعزيز التعاون في تدريس اللغة الصينية في الكويت».
وتابع أن «العلاقات الصينية - الكويتية سبقت الدول الأخرى لأن الكويت أول دولة في الخليج أقامت علاقات ديبلوماسية مع الصين، كما أنها أول دولة وقعت وثيقة تعاون (الحزام والطريق) وهي كذلك أول دولة فتحت مركزا ثقافيا صينيا في كويت، وهذا المركز سيعود للعمل مجددا بعد انتهاء أعمال الترميم في وقت قريب، وسيساهم هذا المركز مساهمة كبيرة في تقريب التعارف بيننا، وسيشهد فعاليات كثيرة، منها تدريس اللغة الصينية وتعليم فن الخط وتعليم الأكل الصيني، إضافة إلى تعليم رياضة الكونغ فو كونغ، التي تشهد إقبالا كبيرا من الكويتيين على تعلمها.
وختم السفير الصيني كلامه قائلا: «أظن أن التعاون الثقافي مهم ويمكن أن يكون جسرا مهما بين الشعوب وبعد وصولي إلى الكويت وجدت أن الشعب الكويتي يحب الثقافة الصينية كثيرا، وخصوصا الأكل الصيني والثقافة الصينية التقليدية، وهذا الذي أسعى إلى تعزيزه من خلال التعريف بالثقافة الصينية في الكويت».
المطبخ الكويتي عامر
أوضح سفير جمهورية الصين الشعبية لدى البلاد تشانغ جيان وي أن المطبخ الكويتي زاخر بالمأكولات التي تحمل بين طياتها عبق التاريخ.
واضاف: لقد سنحت لي الفرصة لتذوق بعض المأكولات الكويتية الشهية مثل الهريس والتشريب والمجبوس، ولعلي أفضل الجريش في هذه الأيام الباردة طقسا، الدافئة ودا وتقاربا مع الشعب الكويتي الصديق.
أم كلثوم وفيروز
أشار سفير جمهورية الصين الشعبية لدى البلاد تشانغ جيان وي إلى أن الفن العربي بجميع أشكاله زاخر وغني، وله دور كبير في التقارب بين الشعوب، ويبني جسرا يربط بين الصين والدول العربية، ويلعب دورا مهما في تعزيز وتحفيز التبادلات الثقافية والفنية والاستفادة من الخبرات والموروث الحضاري لكل جانب، مستذكرا أسماء مطربين أثروا الساحة العربية مثل عبدالكريم عبدالقادر، وطلال المداح، وأم كلثوم، وفيروز.