القاهرة ـ هناء السيد
قال عضو مجلس الأمة وعضو البرلمان العربي أحمد لاري: إذا كانت لغتنا العربية يعتريها عدد من التحديات في وقتنا الراهن، إلا أن ثمة جهودا تبذل على جميع الأصعدة في سبيل الحفاظ عليها وحمايتها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، جهود البرلمان العربي في صياغة القانون الاسترشادي العربي للنهوض باللغة العربية.
جاء ذلك في تصريحات خاصة لـ«الأنباء» خلال افتتاح المؤتمر الدولي للقوانين والأنظمة والسياسات والتخطيط اللغوي، الذي عقد تحت رعاية جامعة الدول العربية، وبالتعاون المشترك بين البرلمان العربي والمجلس الدولي للغة العربية، وهو المؤتمر الذي تم تنظيمه بالتزامن مع ذكرى الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، الذي يتم الاحتفال به في 18 ديسمبر من كل عام، بمناسبة قرار الأمم المتحدة باعتماد اللغة العربية ضمن لغاتها الرسمية الست. وقال خلال كلمته: أود أولا أن أعرب عن سعادتي البالغة للمشاركة في هذا المؤتمر، لما له من أهمية خاصة في وقتنا الراهن، حيث يتصدى لواحدة من أهم القضايا اللصيقة بشكل مباشر بهويتنا العربية الأصيلة.
إذا كانت لغتنا العربية تعتريها عدد من التحديات في وقتنا الراهن، إلا أنه ثمة جهود تبذل على كافة الأصعدة في سبيل الحفاظ عليها وحمايتها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، جهود البرلمان العربي في صياغة القانون الاسترشادي العربي للنهوض باللغة العربية.
وعلى الرغم من أن هذا القانون قد تضمن العديد من القضايا الحيوية التي تهدف إلى حماية وتعزيز لغتنا العربية، فإنه لاعتبارات الوقت وصعوبة تناول كافة القضايا، سوف أركز في مداخلتي على دور الإعلام، خاصة أن الإعلام ووسائل اتصاله المختلفة يعد أحد أهم الآليات التي يمكن من خلالها نشر وحماية اللغة العربية وإحيائها على نطاق واسع، وذلك نظرا لتنوع الفئة المستهدفة لجمهور وسائل الإعلام. وانطلاقا من العلاقة الوثيقة بين اللغة العربية ووسائل الإعلام، وتأكيدا على أهمية الدور الذي يضطلع به الإعلام العربي تجاه دعم اللغة العربية، والعمل على استعادة دورها الحضاري عالميا وإقليميا، فقد أفرد القانون الفصل السادس بأكمله ليكون عن «دور الإعلام».
وإدراكا لمدى انعكاس وسائل الاتصال الإعلامي على لغتنا العربية بالسلب أو بالإيجاب، فقد نص القانون على اعتماد اللغة العربية الفصحى، كلغة وحيدة مستخدمة في جميع مؤسسات الإعلام الموجه للمواطن العربي، فضلا عن الحرص على حضور اللغة العربية الفصحى في كافة الأعمال الأدبية شعرا ونثرا ورواية، وعدم الاكتراث بنشر الأعمال الأدبية باللهجات العامية والتحذير من استعمال اللهجات العامية في الأعمال الأدبية كافة.
كما استطرد القانون في هذا الفصل، ليحث على وضع آليات وطنية لتنظيم حضور اللغة العربية في الأعمال الفنية والدرامية (كالمسلسلات ـ الأفلام المسرحيات مع العمل على إنتاج برامج درامية تخاطب الأطفال باللغة العربية الفصحى في شتى المجالات الاجتماعية)، كذلك نص القانون على أن تقوم جميع المؤسسات الإعلامية إداريا، وفنيا، وتقنيا بتعريب وترجمة المواقع الإلكترونية إلى اللغة العربية وخضوعها للرقابة اللغوية لإجازة الأعمال قبل نشرها، علاوة عن إجراء دورات مكثفة للعاملين في المؤسسات الإعلامية للتعرف على أهمية التعريب، وكيفية استخدام اللغة العربية الفصحى في جميع المؤسسات الإعلامية المحلية والوطنية والعربية والأجنبية التي تبث في الوطن العربي.
لقد اهتم القانون كذلك بتعزيز دور وسائل الإعلام في زيادة التوعية بأهمية اللغة العربية ونص صراحة على مشاركة وسائل الإعلام بجميع أنواعها في التثقيف باللغة العربية الفصحى من خلال الإعلانات والنشرات، والمطبوعات، والمسلسلات بكل أنواعها ليشيع استعمالها بين الجميع وليكون ذلك وفق خطط متواصلة ومدروسة.
وختاما، وبما أن إعلامنا اليوم امتد ليتناول كافة مناحي الحياة، أرجو أن يتطرق مؤتمرنا في جلساته المختلفة إلى علم اللغة الإعلامي للوقوف على المفردات اللغوية الصحيحة والمضامين الإعلامية الواجب الاهتمام بها لحماية لغتنا العربية وتعزيز مكانتها، فمسؤولية الارتقاء باللغة العربية هي مسؤوليتنا جميعا.
من جانبه، دعا عادل بن عبدالرحمن العسومي رئيس البرلمان العربي إلى إعداد ميثاق عربي مشترك للنهوض بواقع اللغة العربية، بحيث يقدم خريطة عمل واضحة وشاملة لكل القضايا والمحاور التي يجب العمل عليها من أجل النهوض بواقع اللغة العربية، مشددا على الحاجة الماسة إلى تبني مبادرات نوعية لإعادة الزخم إلى اللغة العربية واستعادة مكانتها التاريخية الرائدة بين لغات العالم المختلفة، موضحا أن الميثاق المقترح يمكن أن يشكل نقطة تلاقي لجميع مؤسسات العمل العربي المشترك من أجل التفاعل الإيجابي والانخراط في جهود عربية مشتركة للمساهمة في تعزيز المكانة العالمية للغة العربية، وتأكيد دورها الراسخ في الحفاظ على التراث الفكري والعلمي والإبداعي والثقافي للأمة، وأن النهوض بواقع اللغة العربية يمثل إحدى قضايا الأمن القومي العربي في مفهومه الجامع والشامل، لأنها ليست مجرد أداة لتحقيق التواصل أو التفاهم، بل تمثل الأيقونة الرئيسية لترسيخ الهوية والثقافة العربية، خاصة لدى الأجيال الناشئة وتعميق ارتباطهم بأوطانهم وإكسابهم مناعة ذاتية ضد كل المحاولات التي تهدف إلى استقطابهم أو طمس هويتهم العربية، مضيفا في كلمته أن «الاهتمام بلغتنا العربية، يمثل حائط صد قوي أمام بعض التأثيرات الثقافية الوافدة، التي تلقي بظلالها السلبية على مجتمعاتنا العربية».