في عام 2006 ومن قطر بلاد العرب، حبس ما يقرب من خمسين ألف متفرج أنفاسهم من الذين احتشدوا في ستاد خليفة الدولي لافتتاح دورة الألعاب الآسيوية في الدوحة، وذلك عندما حمل الشعلة الفارس الشيخ محمد بن حمد آل ثاني وانطلق على خيله بأقصى سرعة عبر سلم حاد الارتفاع، وقام بإيقاد الشعلة على منصة عالية.
والآن في ديسمبر 2022 تنفس الصعداء ملايين المتابعين والمترقبين بعد بدء وانتهاء بطولة كأس العالم لكرة القدم والتي أقيمت في قطر، بعد تحديات كبيرة واجهتها قطر وعراقيل كثيرة، مثل التحديات المناخية ودرجات الحرارة وكيفية توفير مساكن للجماهير القادمة على مساحة صغيرة، إلى جانب تحديات البنى التحتية والخدمات اللوجستية والمنظومة الأمنية لمثل هذا الحدث.
نعم، أبدعت قطر قيادة وحكومة وشعبا بالتخطيط والإعداد والتنفيذ، بل أكثر من ذلك، فبتصدٍ مخملي وناعم وحازم رسموا الحدود لجميع الأجندات التي لا تتعلق بالهدف الحقيقي لهذا النوع من الفعاليات، وخطت الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها لأي تحريض ضد إقامة هذا الحدث في دوحة المجد، فوضعت أخلاق وأهداف المونديال في إطارها الصحيح، فسيطرت أجواء المونديال على أرجاء العالم، وكانت المشاهد مليئة بروح التضامن بين الجماهير والروح الرياضية بين اللاعبين، وتزينت المباريات بمشاركة طاقم تحكيمي نسائي لأول مرة في تاريخ المونديال.
وفي مفارقة جديدة سيطرت المنافسة الحماسية على معظم المباريات، فأغلب الفرق لم تحسم تأهلها للأدوار المتقدمة بسهولة، إلى أن وصلنا للمباراة النهائية التي كانت فريدة من حيث مجرياتها وأهدافها وإدارتها، وتفردت قطر بإنشاء ملاعب تعتمد على مفهوم الاستدامة والحفاظ على الموارد، علاوة على تصاميم تضمن الخروج الآمن والسهل والسلس للجماهير الغفيرة، فلا تدافع ولا حوادث.
لم تكن فقط مشاعر العروبة هي الحاضرة في الأفراح بل تخطتها للمشاركة بالمبادرة بالأعمال، فانتابتنا مشاعر الفخر ونحن نرى مشاهد حقيقية تلقائية تعزز الثقافة والهوية الخليجية العربية الإسلامية، فكانت الدوحة منبرا بصوت وصورة وعمل متقن وحسن لتغيير صورة نمطية في أذهان العالم عن شعوبنا.
نهنئ دوحة المجد عاصمة قطر التي أصبحت وجهة لإقامة الفعاليات العالمية، ونبارك للأرجنتين وفريقها حصولهم على كأس العالم و«المشلح» القطري.
imandashtti@