تابعت، والهم يعتصر القلب، قضية نقص الدواء في الكويت، إننا في دولة أفاء الله عليها بنعم كثيرة، وبعلاقات متميزة مع أغلب دول العالم، فكيف نعاني من نقص في الأدوية بوزارة الصحة؟! وهذا أمر ربما نسميه «خيانة عظمى»، أو خطرا يهدد الأمن القومي، ولا مبالغة في ذلك، وهذه المعضلة تنم عن وجود سببين أساسيين، الأول: استشراء الفساد، والثاني: انعدام التخطيط.
من ناحية الفساد، يقول الفيلسوف أرسطو: «شر الناس هو ذلك الذي بفسوقه يضر نفسه والناس»، والفساد الموجود في نقص الأودية لم يضر الفاسد فقط، وإنما ضر الناس جميعا، بل أوجد سمعة سيئة عن البلد، فيجب أن يحاسب كل قطاع الأدوية عن هذا الخلل، بل والتحويل إلى هيئة النزاهة والنائب العام.
وأما السبب الثاني فهو كما نقول باللهجة الكويتية «قلة دبرة»، ألا يوجد في وزارة الصحة إدارة للتخطيط وضبط الجودة، وإدارة للإحصاء؟! ألا يجري الصيدلي كل يوم حصيلة صرف، أو جردا، ويعمل إحصائية آخر الدوام، ماذا صرف؟ وماذا بقي؟ ولماذا كانت الأدوية توزع بلا رقيب ولا حسيب، والآن لا يوجد دواء؟!
أين دور الأطباء في الصرف للحاجة فقط ولمدة معينة؟ لماذا لا يكون هناك ربط بين المستوصفات والمستشفيات؟ فمن يراجع ويأخذ دواء، ثم يعود ويأخذ نفس الدواء، يمنع من صرفه.
يا وزارة الصحة، إن حل المشكلة ليس بفرض رسوم، أقل ما توصف بأنها «ظالمة» على الإخوة الوافدين بدون خدمة جيدة، وفي هذا السياق، فإن الوافد يدفع مبلغا قدره 50 دينارا للتأمين الصحي في العام، ففي أي بند تأخذ منه مبلغ دينارين لمراجعة الطبيب و5 دنانير لصرف الدواء؟! لماذا لا تنشأ مستشفيات الضمان الصحي في كل المحافظات وخاصة بالمناطق التي تتكدس بها العمالة مثل حولي والفروانية، يقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) «المائدة: 8».
ولماذا لا يفرض على الشركات عمل تأمين صحي بسيط للعمالة وتحديد الأمراض المشمولة في التأمين على غرار تأمين «عافية» وبكلفة أقل؟
وعندما ترى الوزارة أن الوافد كثير الأمراض يطبق عليه كشف صحي، وإذا كان غير لائق يرحل إلى بلده، ألا يعلم من اتخذ قرار هذه الرسوم أنها سوف تؤثر على المواطن الكويتي من خلال رفع العمالة والشركات للأجور؟! فالقرار يمس جيب المواطن قبل الوافد.
حل مشكلة الدواء يتطلب إعادة تقييم قطاع الأدوية بوزارة الصحة بالكامل، و«نفضه»، فالإصلاح يبدأ بخطوة حقيقية وليس بتبادل الاتهامات مع الوزارات الأخرى.
٭ نكشة: الأخ وزير الصحة، صحة الناس برقبتك يوم القيامة.
[email protected]