محمود عيسى
ذكرت مجلة ميد ان تحديات الطاقة العالمية تخيم على التوقعات العامة التي يرسمها المحللون والخبراء لعام 2023 حيث يتخيل العالم مستقبلا جديدا للطاقة، لكن صانعي السياسات ومن في ايديهم صلاحيات صنع القرارات عاجزون عن التعامل مع الاوضاع القائمة.
ففي منتصف ديسمبر الجاري، تحدث علماء أميركيون عن تحقيق تقدم في التطبيق العملي للاندماج النووي الذي يمكن أن يطلق كميات غير محدودة تقريبا من الطاقة المستدامة بيئيا. ويعتبر هذا الاعلان بمنزلة أخبار مثيرة، على الرغم من اعلان مماثل صدر قبل 30 عاما.
وقالت المجلة في تحليل بقلم رئيس التحرير السابق ادموند او سوليفان ان منطقة الشرق الأوسط تزخر بما يقرب من 50 مشروعا للهيدروجين يتم التخطيط لها في الوقت الحاضر كجزء من الجهود العالمية الرامية لتطوير أنواع الوقود التي ستنتج كميات أقل من الكربون.
وفي حين يمكن تطبيق هذه التكنولوجيا الا ان تأثيرها على تغيير المناخ العالمي الذي نشهده الآن سيكون ضئيلا على المدى القصير.
واضاف المحلل ان دول المنطقة تمضي في بذل الجهود في هذا الاتجاه، ومن الامثلة على ذلك البرنامج الذي تخطط له شركة ارامكو السعودية لتنتج بحلول عام 2036 ما يوازي ملياري قدم مكعبة من الغاز المعد للبيع يوميا وهو ما يعادل 360 الف برميل يوميا ـ بالاضافة الى الايثان والسوائل الاخرى، وسيتم استخدام معظمها لإنتاج الهيدروجين الأزرق، الذي ينتج من الغاز الطبيعي والكربون الملتقط من إنتاج النفط الخام.
وتعتبر هذه التطورات من الدلائل على أن التكنولوجيا ومصادر التمويل البديلة ستعلب دورا مهما ومتزايدا في تشكيل أسواق الطاقة العالمية.
وفي حين قال المحلل ان المستقبل يحمل إمكانات كبيرة، الا ان الحاضر يبدو أقل اشراقا في الوقت الذي يستعد العالم فيه لاستقبال العام الجديد، ويبذل المستهلكون جهودا كبيرة للتغلب على أسعار الطاقة المتزايدة، بينما يواجه سكان نصف الكرة الشمالي احتمال انقطاع التيار الكهربائي.
ففي بداية ديسمبر الجاري فرض الاتحاد الأوروبي حدا أقصى لسعر النفط الروسي مكثفا هجومه الاقتصادي على روسيا التي تعتبر أكبر مزود للاتحاد بالطاقة، وفي غضون ذلك لاتزال واشنطن مستاءة من تخفيضات أوپيك للإنتاج في أكتوبر، والتي من شانها ضمان بقاء النفط عند حوالي 100 دولار للبرميل في عام 2023.
وبالمقابل، تفرض الدول المستوردة للطاقة ضرائب عالية على الشركات المنتجة الطاقة وتحدد سقفا للمبالغ التي يدفعها المستهلكون مقابل ذلك.
ومن هنا فليس من المستغرب أن نرى مؤسسات القطاع الخاص توجه استثماراتها طويلة الأجل الى مناطق اخرى.
وهذا بالضبط عكس ما يحتاجه العالم في عام 2023 في ضوء توقعات المتنبئين بأن يتجاوز الطلب العالمي على النفط للمرة الأولى 100 مليون برميل يوميا خلال الاثني عشر شهرا القادمة، ما سيرفع إجمالي استهلاك الوقود الأحفوري إلى مستوى قياسي جديد.إنها معادلة لتقلبات أسعار الطاقة من شأنها أن تلحق الضرر بالآفاق الاقتصادية لكل الاطراف.
وختم المحلل بالقول ان صانعي القرار يخفقون في إنتاج الحلول المناسبة للتحديات طويلة الأمد التي عرفوها منذ عقود. ولا شك ان هذا الوضع يسبب فوضى في الطاقة في كل مكان تقريبا.
ولا يسعنا إلا أن نعلق الآمال على تحسن الأمور في عام 2023، وان كان اصحاب الرأي الحكيم لن يروا الا مزيدا من التدهور.