لست هنا بصدد ذكر حلول لمشكلة نقص الأدوية، لكنني أود أن أستعرض من خلال ممارستي المهنية في وزارة الصحة بعض العوامل التي شهدتها وكانت هي المؤثر القوي على وجود كميات كافية من الأدوية والمستلزمات الطبية لتغطي احتياج المستشفيات والمرضى.
مشكلة نقص الأدوية تؤثر فينا كصيادلة من عدة نواح دون مبالغة، جوانب نفسية وأخرى فنية، والمريض يعتقد أن الصيدلي أو الصيدلية المسؤول عن هذه المشكلة. وحتى يستوعب المريض المشكلة الأساس وحتى تعي الوزارة حجم المشكلة الدوائية المتراكمة يجب أن نستوضح بعض الأمور!
بما أنني مسؤول عهدة دواء الـ ferriprox أحد الأدوية المهمة التي تستخدم في علاج الثلاسيميا، أحد أشكال أمراض الدم، تواصلت مع المستودعات حتى أعرف سبب شح كميات هذا الدواء، فجاءني الرد الصاعق، أن هناك مشكلة حصلت بين المورد والشركة المصنعة، فتساءلت بيني وبين نفسي من الخاسر الأول والأخير من هذه المشكلة؟!
ولا أعتقد أنني أحتاج إلى تذكير الوزارة بالمشكلة الأخيرة التي حصلت فيما يتعلق بمستشفى «غوستاف روسي» أنهت الوزارة المشكلة التي حصلت بين الوكيل والمستشفى كادت تنهي وجوده في الكويت، لماذا لا تتواصل الوزارة بشكل مباشر مع الشركات الدوائية ليسهل على المستشفيات الحصول على الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة.
أزمة «كورونا» كانت درسا واضحا لكل وزارات الصحة في العالم، يجب ألا نطوي صفحة الأزمات والمشاكل التي واجهتنا وكانت تتعلق بإدارتنا لوزارة بحجم وزارة الصحة الحالية، على سبيل المثال لا الحصر، التعاون الذي حصل بين شركة أسترازينيكا ومعهد المصل الهندي أثناء الأزمة لإنتاج كميات كبيرة من لقاح أكسفورد- أسترازينيكا تستوعب حاجة المنطقة خير مثال لطريقة استثمار ذكية يجب أن تكون في أذهاننا دائما.
الأسباب اللوجستية أيضا ساهمت في تفاقم هذه المشكلة ونلمسها كصيادلة، الدولة لديها المادة والقدرة على البناء والتوسعة ولا تملك إلا مستودعا واحدا فقط لتخزين الأدوية المستوردة من الخارج، هذا يعيق وجود كمّ هائل من الأدوية والمستلزمات الطبية الأخرى التي تحتاج إلى أماكن كبيرة وآمنة.
أمر آخر يتعلق بحجم الوزارة، ربما أجمل وصف ممكن أن نصف به الوزارة الحالية هو ما وصفه بها د.محمد جمال في لقاء على قناة الراي مع الإعلامي عبدالعزيز بوفتين وهو «النظام الفيلي»، أي أن حجمها أصبح كحجم الفيل، وهي حقيقة أصبح حجم الوزارة لا يطاق وهي غير قادرة على إدارة كل ما يتعلق بالصحة، نظام مركزي يحاول الإدارة لكنه يفشل مع كل محاولة.
الوزير السابق جاسم العون في لقاء له في برنامج «الصندوق الأسود»، ذكر أنه اعتذر للمغفور له بإذن الله الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله (رحمه الله) عن توليه حقيبة وزارة الصحة، وعندما سأله الأمير الوالد عن السبب قال: إننا نحتاج إلى وضع قنبلة في داخلها لتنفجر ونعيد إدارتها من جديد.
وعندما أرادت الوزارة حل المشكلة الأخيرة، قامت بحلول «ترقيعية» وهي زيادة الرسوم على الوافدين، وهل المشكلة متعلقة بالوافدين؟! كان على الوزارة أن تنظر في طريقة طلب الأدوية وجلبها، وعلى نظام إدارة مستودعات الأدوية بدلا عن إصدار حلول هشة وغير مدروسة.
كل ما يهمنا هو إدارة حقيقية وصحيحة لوزارة كوزارة الصحة، لأن المنفعة التي نريد تحقيقها تصب في صالح مستشفياتنا ومرضانا.