بيروت ـ عمر حبنجر
في سلسلة عظاته الناضحة بالمرارة، قال البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظة الميلاد أمس «يا ليت الذين كبلتهم أنانيتهم ومصالحهم يتحررون من سلاسلها فيكفوا عن تعطيل جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، لكي تعود الحياة إلى المؤسسات الدستورية وتخرج البلاد من أزماتها».
وأضاف «الكبرياء يمنع السياسيين من التلاقي والتحاور من أجل الخروج من أزمة انتخاب رئيس، فيما أنين الشعب الجائع والمقهور لا يبلغ آذان قلوبهم وضمائرهم».
والراهن أن الحوارات قائمة بين مختلف الأضداد، ولكن ضمن إطار تنظيم الخلاف، لا من اجل انتخاب رئيس للجمهورية لأن «فاقد الشيء لا يعطيه».
وقد بات من المسلم به أن رئيس الجمهورية اللبنانية يصنع في الخارج، ولهذا الخارج حساباته الخاصة، وكم من مناسبة دولية أو لقاء إقليمي حصل، بوعد للبنان بإخراجه من مأزقه، ومر على الأزمة اللبنانية مرور الكرام.
والآن هناك وعد جديد من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعقد لقاء في باريس بعد رأس السنة بحضور أميركي وعربي حول لبنان.
وبعد مواقف ماكرون الأخيرة، بالإضاءة على السلبية الإيرانية، تخشى بعض الأوساط أن يتعدل موقفه هذا بعد مبادرة حزب الله إلى تسليم من يبدو أنه أطلق النار على الجنود الإيرلنديين وتسبب بقتل أحدهم وجرح ثلاثة آخرين، كمبادرة من الحزب لرفع الملامة عنه، ودعم وجهة النظر القائلة إن الحادث «ابن ساعته»، ولم يكن كمينا مدبرا، كما تعتقد قيادة القوات الدولية.
وبالعودة إلى آخر محطات الحوار المحلية، التي تمثلت بلقاء رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ورئيس «التيار الحر» النائب جبران باسيل، لاحظت المصادر المتابعة أن باسيل هو الذي طلب الموعد بإلحاح من صديق مشترك، هو جوي بيار الضاهر، صهر جنبلاط، في فترة خلافه مع حليفه حزب الله، بسبب تبني الأخير غير المعلن لرئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية كمرشح لرئاسة الجمهورية، وكان هدفه من اللقاء إزعاج رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي بينه وبين الضاهر الأب حكاية إعلامية قديمة، لكن جنبلاط كان حريصا على وضع جعجع في أجواء اللقاء قبل حصوله، عبر إيفاد النائب وائل أبوفاعور، عضو اللقاء الديموقراطي، إلى معراب، كما وضع النائب المرشح ميشال معوض في الصورة.
وحول ما دار في اللقاء، تقول المعلومات إنه تم التداول بأمرين أساسيين: انتخاب رئيس الجمهورية والتمديد لكبار الضباط، وفي الملفين ظلت مواقف الطرفين متباعدة.
ففي الموضوع الرئاسي عرض كل طرف موقفه، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالتمديد لبعض الضباط وبترقية البعض الآخر، وقال باسيل إن موقفه لا يهدف إلى عرقلة التمديد لرئيس الأركان والمفتش العام، بل انطلاقا من مبدأ عدم التمديد لأي كان في إدارات الدولة والمؤسسات العامة.
وأوضح النائب «الاشتراكي» هادي أبوالحسن أن اللقاء أتى بطلب من باسيل منذ فترة طويلة، ولم تتوافر الظروف المناسبة قبل ذلك، مؤكدا أن هذا اللقاء لم يكن من اجل تمرير تعيينات كما تردد، ولا من أجل التأثير على تحالفاتنا.
وكشف أبوالحسن عن لقاء آخر بين «اللقاء الديموقراطي» و«التيار الحر» قبل شهر «ولم نلمس تبدلا في خطاب التيار».
أما رئيس «التيار» باسيل فقال في تصريح أمس، نقلته محطة «إم تي في»، «ستكون لنا مبادرة واضحة في الأسبوع الأول من السنة الجديدة ولم نأخذ عطلة بالعيد ويجب أن يكفينا أسبوعان».
إلى ذلك، هناك «نافذة» حوار فتحت بين «المردة» و«القوات اللبنانية» جرى تداولها في الإعلام، وقد أكد النائب طوني فرنجية وجود علاقة مودة واحترام مع النائب القواتي ملحم رياشي «لكن ما تم تداوله بيننا عن نقاش رئاسي غير دقيق».
وقال فرنجية لموقع «ليبانون ديبايت»: «هناك مصالحة تاريخية حصلت قبل صداقتنا مع ملحم والخطوط مفتوحة وكل الاحتمالات واردة ولا أستبعد الاتفاق الرئاسي مع «القوات»، ونحن نختلف معها سياسيا، إنما الكلام بيننا موجود».
ويبدو ان ترشيح سليمان فرنجية أخذ طريقه إلى الواجهة الأمامية امس عبر إعلان النائب فريد هيكل الخازن من بكركي لـ «الجديد»: «نحن كتكتل وطني مستقل نطرح مرشحا يتمتع بما يكفي من الصفات التوافقية هو الوزير سليمان فرنجية».
يذكر أن فرنجية هو مرشح حزب الله وفريق الممانعة، لكن الحزب لم يتبن ترشيحه.