في عام 2006 ظهرت قضية المطالبة بإسقاط القروض عن المواطنين، ويعود سبب تلك المطالبة التي لم تكن معروفة في التاريخ السياسي الكويتي إلى عدة أمور، من أهمها توجه الكويت لإسقاط ديون العراق بعد سقوط النظام البعثي، وسياسات الاقتراض حيث تصل نسبة الاستقطاع لقسط القرض إلى 70 أو 80% من الراتب، وقرض البالون الذي يقوم على فكرة أن تجدول قرضك بمدد أطول وبفائدة أعلى بحيث يستمر معك القرض لضعف مدته، ومنها منح قرض على قرضك من بنوك خليجية، ومنها رفع الفائدة 6 مرات خلال عدة سنوات، كل هذا أوجد 100 ألف مقترض بمبالغ عالية وبمدد سداد طويلة، ما يشكل عبئا على حياة الأسر الكويتية.
وخلال أكثر من 15 سنة ضبط البنك المركزي عمليات منح القروض وأصبحت نسبة القسط لا تجاوز 40% من الراتب، كما تم وضع ضوابط لسداد القروض وإلغاء قرض البالون وقروض البنوك الخليجية وإنشاء صندوق المعسرين لمعالجة حالة متعثري السداد، ومع هذا ظلت قضية إسقاط القروض تطرح بين فترة وأخرى حسب المزاج والوضع السياسي والجو الانتخابي.
وفي الفترة الأخيرة تجدد طرح قضية إسقاط القروض خاصة بعد اجتماع اللجنة المالية في مجلس الأمة لمناقشة عدة اقتراحات للتعامل مع القروض، ومنها أن الحكومة تشتري أصل الدين ويسددها المقترضون من العلاوة الاجتماعية، ومنها شراء فوائد القرض وغيرها من المقترحات.
ومن الطبيعي في حالة أي تحرك لمعالجة قضية القروض والتعامل معها فإن الناس وإبراء للذمة، وللخروج من الشبهة المالية يتم استفتاء مشايخ وعلماء في هذا الأمر، وكان ممن استفتي أو علق على موضوع القروض وإسقاطها الشيخ د.عجيل النشمي الذي عرف بأنه يفتي بما يملي عليه علمه وفقهه، وقد لفت الشيخ النشمي إلى أن إسقاط القروض لا يحقق مبدأ العدالة والمساواة بين المواطنين، كما حرم النشمي الفوائد الربوية، وأشار إلى أن هناك واجبا شرعيا يتحمله النواب وهو تحري الدقة في قضية إسقاط القروض وعدم إعطاء أمل في قضية تعتبر مخالفة شرعية.
فتوى الشيخ د.عجيل النشمي لم ترق وتعجب البعض فظهر تصريح لأحد السياسيين يقول «وعاظ السلاطين ما يظهرون وما يتكلمون إلا لما الأمور تخص الشعب، وظهرت ردود على فتوى الشيخ النشمي فهناك من يقول لماذا يفتي الشيخ عن إسقاط القروض ولا يفتي بحرمة السرقات ولا يفتي بالمنح التي تعطى لدول لا تستحق ولماذا لا يفتي في قضايا الفساد الإداري والمالي؟، متناسين أن د.النشمي له فتاوى كثيرة في هذه الأمور، فكل مسألة يتقدم بها مستفت يجاوب عنها وفق علمه وفقهه، حتى يؤثر عن الشيخ فتاوى أيام الغزو العراقي الغاشم ومنها حرمة التعامل مع الغزاة وحكم قتل المعتدين وحكم الاستعانة بالأجنبي لتحرير البلد وغيرها من الفتاوى، وهذه الفتاوى نشرت أيام الغزو العراقي.
كما ينسى من ينتقد النشمي أن التشريعات ومساءلة الحكومة عن الأموال العامة وتحقيق رفاهية المواطن وتعديل الرواتب ووضع حلول للمعسرين والغارمين من المواطنين هي مهمة نواب مجلس الأمة كمشرعين ومراقبين لأداء الحكومة، أما المشايخ والعلماء، فعليهم مسؤولية تبيان الحق وإرشاد الناس له وتحريم ما حرمه الله وتحليل ما أحله الله حتى لو لم يتوافق مع رغبات وأهواء الناس.. والحق أحق أن يتبع.