الإعلام بوسائله وطبيعته يعتبر نعمة من نعم الله علينا، فتخيل عزيزي القارئ لو لم يكن لدينا إعلام، كيف ستصبح حالنا؟ وإذا كنا لا نتمتع بالحرية المسؤولة، كيف ستصبح حالنا؟ هذان السؤالان أضعهما أمام من لا يؤمنون بالإعلام ووسائله ولا بالإعلاميين وأطروحاتهم.
عرف العلماء الإعلام بأنه ينظم التفاعل بين الناس وتجاوبهم وتعاطفهم في الآراء فيما بينهم، فإذا وضعت أمامه القيود فسوف يكون عاجزا عن تطبيق مفهومه بالشكل الصحيح، أما وظائف الإعلام فقد حددها المختصون بخمس، كل وظيفة تشمل عدة مفاهيم بين طياتها وهي: التوجيه وتكوين المواقف والاتجاهات، زيادة الثقافة والمعلومات، تنمية العلاقات الأسرية، التسلية وقضاء أوقات الفراغ، والإعلان والدعاية.
وهذه الوظائف لا يمكن تحقيقها أيضا في ظل قيود مسلطة عليها، فقد أطلق المفكر «جون ملتون» دعواه الشهيرة لحرية الصحافة: أعطني حرية أن أعرف وأن أعبر وأن أناقش بحرية ووعي، فهذه الحرية فوق كل الحريات.
عندما جاء الإسلام كانت المجتمعات لا تعرف الحرية بمفهومها العادل، بالكاد كانت تعرف حرية الغزو والسلب والقتل، فأراد الإسلام أن يدفع ركب الإنسانية إلى الأمام من خلال تنظيم حياة الفرد لأنه مصدر الحضارة ومقومات الدولة، فالإسلام ينظر للإنسان بمعنى الحرية، والحرية في نظر الإسلام تعني الإنسان. يقول المفكر الإسلامي د.مصطفى الرافعي إن حرية الإنسان المسلم «تكاد تخلو من القيود والضوابط ما لم تتجاوز تلك الحرية الخط الأحمر الذي يقوده إلى إلحاق الضرر بنفسه أو بغيره ممن يعايشونه على أرضه، فهنا فقط تتوقف حريته حتى لا تصطدم بحرية الآخرين»، فإذا كان القول غريزة من غرائز الإنسان ومن حقه أن يبدي رأيه وأن يحاور ويمازح من يشاء فلابد ألا يخرج هذا القول عن وازع الدين والخلق، وألا يكون لغوا أو نميمة أو يخدش الحياء أو يكون كلاما باطلا لقوله صلى الله عليه وسلم: «قل الحق ولو على نفسك»، فالأصل في القول هو الصدق مهما كان هذا القول، لأنه عندما يصبح المجتمع صادقا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فإنه سيصبح مجتمعا مثاليا يحتذى به والجميع يتمنى العيش فيه، ناهيك عن أنه مجتمع مستمر رغم كل التغيرات السياسية والاقتصادية التي يمر بها، أما قول الكذب فهو مذموم متذبذب غير مستقر ومحرم أيضا، لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين).
المقصد مما سبق عزيزي القارئ، هو تذكير أن في الأنظمة المثالية «الحق لا يتعطل لديها» بل يؤخذ بسرعة فائقة حتى كاد الإنسان الذي يعيش في تلك الأنظمة يردع نفسه بنفسه، عن طريق التفكير العميق والتدقيق والتمحيص عما يراد قوله، وهذا هو العدل لأنه يأتي من هيئة العدالة وليست الحكومة التي دائما تكون طرفا في كثير من القضايا المطروحة.
وأختم بدندنة «بلبل الخليج» الفنان نبيل شعيل عندما تغنى «أطالع غيرك وأقصدك أنتي»، وأقول: كيف ستصبح حالنا؟ والله ما وراء القصد.
«كل عام والكويت وحكامها وحكومتها وشعبها بألف خير».