عندما تعتاد في مجلس على شخصية تمثل فاكهة ومحور هذا المجلس التي تبادر الحاضرين بالابتسامة وتزودهم بقدر من السعادة وتمدهم بالحكمة، وتطربهم بالقصائد ذات المعاني المتنوعة والجميلة سواء كانت هذه القصائد اجتماعية أو وطنية أو غزلية أو غير ذلك، عندما تعتاد على كل ذلك في رجل واحد فلا شك بأن غيابه سيترك فراغا كبيرا، رحمك الله عمي الغالي أبا عيسى.
كل من عرف العم عبدالله مناور لابد أن يشعر بما أشعر به الآن وهو يقرأ هذه السطور، لقد كان يمثل لنا قيمة أخلاقية لا مثيل لها ومعرفة جميلة بالتاريخ وطريقة سرده أو بتقديمه للقصص الواقعية وأخبار الأولين، كما يطلق عليها.
عمي الغالي، وضعناك في الثرى ونعلم أن هذا هو الحق، لكنني أقسم بأنك ما زلت شامخا في قلوبنا وذكراك تعطر مجلسنا وتشغل جوانحنا، بالأمس كنا في الديوان ولم يكن لدى أي منا شك بأنك بيننا نراك في كل ركن من الديوان.
آه يا عمي، لو أتيحت لك رؤية المقبرة وقد امتلأت بالناس، جيرانك القدامى في حولي، زملاؤك في جمعية الوفرة، أصحابك الشعراء، كلهم جاؤوك مودعين، وجيرانك أطفأوا أنوار بيوتهم احتراما وتقديرا لك.
آه يا عمي، آه يا صاحب الابتسامة الجميلة والضحكة البهية وصاحب كل شيء جميل، نعم لقد فقدناك جسداً، لكن روحك ما زالت تحوم حولنا تزودنا بكل جميل، ابتسامتك ما زالت تطالعنا في كل لحظة، هيئتك ماثلة بيننا نتحدث مع أبنائك عن رحلة تجمعنا كما كنت تجمعنا، واتفقنا على أن يكون يوم الجمعة المقبل إن شاء الله يوم رحلة تذكرنا بك، اتفقنا على المكان الذي اعتدت أن تجمعنا به لنستشعر ما كنا نشعر به معك من محبة وود، نعم سنجتمع لنحيي ذكراك التي لن ننساها.
عمي الغالي، سوف تبقى الفاكهة الجميلة مهما مرت الأيام ومهما طال الزمان، فأنت نعم العم ونعم الأب، ونعم الزميل ونعم الصديق ونعم الجار ونعم الإنسان.. رحمك الله وأسكنك فسيح جناته ونقاك كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ووسع مدخلك وعوضك داراً خيراً من دارك.
عمي الغالي، سوف تبقى ماثلا أمام أعيننا، وحبا يشغل جوانحنا، ونبعا للحب ونبضا في قلوبنا يملأ صدورنا، وروحا ترفرف حولنا. (إنا لله وإنا إليه راجعون).