قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن الحساب الجاري للكويت سجل فائضا كبيرا بلغ 15 مليار دينار (37.9% من الناتج المحلي الإجمالي) خلال الأرباع الثلاثة الأولى من 2022، أي أكثر من ضعف الفائض المسجل في الفترة المماثلة من عام 2021، ويعزى ذلك بصفة رئيسية إلى النمو الكبير لعائدات تصدير النفط والإيرادات الاستثمارية.
وفي ذات الوقت، سجل الحساب المالي تدفقات كبيرة للخارج (14.5 مليار دينار) نتيجة لارتفاع تدفقات الاستثمار المباشر واستثمارات محفظة الأوراق المالية، وقد يصل فائض الحساب الجاري في عام 2022 (بمجرد صدور بيانات ميزان المدفوعات عن فترة الربع الرابع من العام) لأعلى المستويات المسجلة منذ عام 2014، وصولا إلى 18.1 مليار دينار (33.4% من الناتج المحلي الإجمالي) - حتى مع تراجع أسعار النفط في الربع الرابع من عام 2022.
وشهد الميزان السلعي أداء قويا خلال الفترة الممتدة ما بين الربعين الأول والثالث من عام 2022 (17.8 مليار دينار) بدعم من ارتفاع أسعار النفط (ارتفع متوسط سعر خام التصدير الكويتي بنسبة 56.6% على أساس سنوي إلى 105.2 دولارات للبرميل) وزيادة إنتاج النفط (+13.7% على أساس سنوي إلى 2.7 مليون برميل يوميا)، إذ رفعت الكويت إنتاجها النفطي بوتيرة مطردة تماشيا مع سياسة الأوپيك وحلفائها.
إضافة لذلك، ارتفعت الصادرات غير النفطية (7.2% من إجمالي الصادرات) بنسبة 48.1% على أساس سنوي، متجاوزة أخيرا مستويات ما قبل الجائحة (2019). وفي المقابل، نمت الواردات أيضا (+4.6% على أساس سنوي)، وإن كان بدرجة أقل مما كانت عليه في الفترة المماثلة من عام 2021 (+10.6% على أساس سنوي)، وذلك نظرا لتلاشى الدعم الذي وفره الطلب المكبوت بعد الجائحة.
وفي ذات الوقت، تضاعف عجز حساب الخدمات ليصل إلى نحو 4.1 مليارات دينار، في ظل الإنفاق السياحي خارج الكويت بعد رفع القيود المتعلقة بالجائحة في مايو. كما ارتفعت مدفوعات بند النقل بنسبة 34% على أساس سنوي، والذي قد يكون مرتبطا بارتفاع تكاليف الشحن والوقود.
واستقر فائض حساب الدخل الأساسي، والذي يشمل بصفة رئيسية تدفقات الدخل من رأس المال والعمالة، لحد كبير خلال الفترة الممتدة ما بين الربعين الأول والثالث من عام 2022 (+6% على أساس سنوي إلى 5.6 مليارات دينار).
وارتفع دخل الاستثمار من الاستثمارات المباشرة و«الأخرى» بشكل ملحوظ، بنسبة 51.6% و104.4% على التوالي. وقد يعكس هذا الأداء عائدات استثمارات الأوراق المالية وأدوات الدخل الثابت، بعد رفع أسعار الفائدة في كافة أنحاء العالم.
من جهة أخرى، حققت الاستثمارات الأجنبية في الكويت أداء جيدا، إذ ازدادت بأكثر من ثلاثة أضعاف (لتصل إلى 0.8 مليار دينار) على خلفية تسجيل بورصة الكويت لمكاسب بنسبة 23.3%، وارتفاع معدلات الودائع عقب رفع بنك الكويت المركزي لسعر الفائدة (+1.5% بنحو تراكمي خلال الفترة الممتدة ما بين يناير وسبتمبر 2022) وتعافي الاقتصاد الكويتي.
في حين اتسع عجز رصيد الدخل الثانوي، الذي يشمل التحويلات الجارية للمقيمين في الكويت وبقية دول العالم، ليصل إلى 4.3 مليارات دينار نتيجة لزيادة تحويلات الوافدين إلى الخارج، وذلك على الرغم من اعتدال معدلات النمو مقارنة بالسنوات السابقة (+2.4 على أساس سنوي).
وفي ذات الوقت، بقيت التحويلات الحكومية، والتي بلغت 29.2 مليون دينار، منخفضة نسبيا، فيما يعزى لتداعيات الجائحة على الأرجح.
وعلى الجانب الآخر من حساب ميزان المدفوعات، تضاعفت قيمة التدفقات الخارجية للحساب المالي تقريبا خلال الفترة الممتدة ما بين الربعين الأول والثالث من عام 2022 (14.5 مليار دينار). وعكست الاستثمارات المباشرة المسار الذي اتخذته في عام 2021، ليصل صافي التدفقات للخارج إلى 4.1 مليارات دينار، في حين ارتفعت تدفقات الاستثمارات في محفظة الأوراق المالية في الخارج إلى 12.6 مليار دينار. وتحولت التوجهات نحو أدوات الدين بدلا من الأوراق المالية، وهو الاتجاه الذي كان سائدا خلال السنوات السابقة.
كما ارتفع صافي التدفقات المالية للكويت ضمن بند الاستثمارات الأخرى في ظل انخفاض الودائع الحكومية في الخارج بنحو 1.4 مليار دينار (في الربع الأول من عام 2022 بصفة رئيسية)، فيما قد يكون مرتبطا بسداد الكويت لسندات دولية بقيمة 1.1 مليار دينار لأجل 5 سنوات في مارس 2022.
كما ارتفعت احتياطات بنك الكويت المركزي بنحو 0.4 مليار دينار لتصل إلى 14.1 مليار دينار بما يكفي لتغطية نحو 10 أشهر من واردات السلع والخدمات. علما أنه خلال الفترة المماثلة من عام 2021، تراجعت أصول بنك الكويت المركزي بمقدار 0.6 مليار دينار.
وبصفة عامة، تحسن المركز الخارجي للكويت بشكل ملحوظ في ظل تعافي أسعار النفط. وبمجرد نشر بيانات الربع الرابع من العام، والتي من المتوقع أن تكشف عن تسجيل فائض أقل في الحساب الجاري (3.1 مليارات دينار) نتيجة لانخفاض عائدات تصدير النفط انخفضت أسعار النفط وحصص الإنتاج في الربع الرابع من عام 2022.
ويعزى هذا الأخير إلى سياسة الإنتاج التي أقرتها الأوپيك وحلفائها، يتوقع أن يسجل الحساب الجاري للعام بأكمله أعلى فائض منذ نحو عقد من الزمان، والذي قد يصل إلى 18.1 مليار دينار (33.4% من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2022)، إلا أنه وعلى المدى المتوسط، من المتوقع أن يتقلص الفائض بسبب انخفاض أسعار النفط وضعف الاقتصاد العالمي. كما يميل ميزان المخاطر إلى جانب التطورات السلبية، إذ تزداد المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية والتي تشمل ارتفاع معدلات التضخم، ومواصلة تشديد السياسات النقدية العالمية، وتفشي الجائحة في بعض مدن الصين بعد إغلاقها، هذا إلى جانب المزيد من التداعيات الناجمة عن الأزمة الروسية- الأوكرانية، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك، سيبقى مركز الكويت الخارجي قويا بدعم من توافر الاحتياطات المالية الكبيرة لدى صندوق الأجيال القادمة، والتي تقدر بأكثر من 700 مليار دولار.