بداية، فإن تقدم الأمم ونهضتها الحقيقية يبدأ بالتعليم، وأن كل الدول المتقدمة صناعيا وعلميا واقتصاديا تقدمت من بوابة التعليم، وهذه الدول المتقدمة تضع التعليم وإصلاحه في أولوية برامجها وسياساتها وأحدثت طفرات هائلة في النمو الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي، وهذه الدول المتقدمة وجهت جهودها للاستثمار البشرى من خلال الاهتمام بالتعليم، والهدف من عملية التعليم الاهتمام بالإنسان من الناحية الجسمانية والعقلية والانفعالية والوجدانية والاهتمام بشخصية المتعلم. فالتعليم أصبح اليوم من أهم متطلبات التنمية الشاملة.
وتطوير التعليم وتجديد المناهج ووسائله وطرائقه واجبة وحتمية ومنسجمة مع التغيرات العالمية والعلمية، وتحتاج إلى التخطيط والعمل الميداني والمشاركة في المؤتمرات الدولية والعربية والإقليمية.
والتعليم عبارة عن العملية التي يتم من خلالها نقل المعلومات والمعرفة من المعلم إلى المتعلم، والغرض من هذه العملية هو اكتساب المتعلم مجموعة من المهارات والمعلومات الجديدة التي تسهم بشكل فعال في بناء عقله وتسهم في تقدم التعليم والدول وتطورها.
وإذا أردنا تطوير وإصلاح التعليم علينا الاهتمام بالمعلم هو المحور الأساسي في العملية التعليمية، فهو الموكل بمهمة إعداد أجيال المستقبل وتعليمهم، لذا وجب الحرص على الاهتمام باختيار المعلم المناسب والكفؤ ولديه الرغبة الكاملة في هذه المهنة وإخضاعه باستمرار إلى دورات تدريبية تكسبه المزيد من مهارة التعلم ورفع معدل حجم الانفاق على التدريب، فالمعلم أساس العملية التعليمية فعليه أن يعي بأصول مهنته ومعرفته التامة بأساليب التدريس الحديثة واختياره طريقة التدريس المناسبة لعرض مادته العلمية بحيث ترتكز على الفهم والابداع والابتكار والنقد والتحليل وحل المشكلات وتنمية مهارات التفكير وأساليب جديدة قائمة على النشاط.
فالمعلم الناجح يجب أن يكون متمكنا من مادته العلمية وينمي شخصيته الانسانية ومستواه العلمي، والدقة في وضع الاختبارات المناسبة تساعد على التقييم، فالمعلم يعتبر قدوة ومثالا يقتدي به المتعلم في الأخلاق والعلم، ويجب تشجيع المعلم ومكافأته باستمرار.
ومن أجل مواكبة سرعة التقدم العملي والمعرفي وفي جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية للمجتمعات البشرية، يجب تطوير وإصلاح المناهج الدراسية بشكل مستمر لكي تتناسب مع تطور العالم والاجيال وتتناسب مع متطلبات سوق العمل وربط ما يدرسه الطالب بما درسه سابقا وما سيدرسه في المستقبل لتكون العملية التعليمية عملية تكاملية غير منقطعة، ويجب ان يؤكد على الجانب الخلقي بضبط السلوك وربط المعارف بالظروف الاجتماعية مثل السلامة، الامن، تعاطي المخدرات، تغيير المناخ وغيرها من المواضيع مع الحرص على الاهتمام باللغة العربية وكذلك اللغة الإنجليزية وهي من اكثر اللغات المستخدمة في سوق العمل.
كما يجب إيجاد فرق متخصصة لتطوير المناهج باستمرار والتركيز على المهارات الحركية ومهارتي الكتابة والقراءة في المراحل المبكرة، اما المرحلة الثانوية فتولي المهارات الاكاديمية كالرياضيات والعلوم والعلوم الانسانية حيزا من الأهمية، وإصلاح التعليم يجب أن يوجه من خلال التخطيط الشامل من كل القطاعات التنموية في المجتمع ويلبي حاجة الدولة في إعداد كوادر خاصة لمختلف القطاعات، فالمناهج الدراسية مؤشر للحكم على تقدم المجتمع أو تأخره من خلال المخرجات التعليمية، لذا يتطلب مراعاة المنهج لما يطرأ على المجتمع من تغيرات اجتماعية وثقافية، كما يجب ان يكون المنهج مرنا بحيث يمكن تكييف موضوعاته للتغيرات التي تحدث، ويقتضي وضع خطة لتعديل المنهج جزئيا أو كليا في ضوء ما يجد من الاكتشافات والابتكارات في سائر الميادين، وأن يتم التعديل على أسس سليمة.
[email protected]