أصبح المنطق في القرن الحادي والعشرين أكثر من أي وقت مضى تخصصا عصريا لا غنى عنه في مجتمعاتنا واقتصاداتنا، فالمعلوماتية والتكنولوجية هما تقنيات تستند في الأساس إلى التفكير المنطقي والخوارزمي وقد أعلنت اليونيسكو يوما عالميا للمنطق بالاشتراك مع المجلس الدولي للفلسفة والعلوم الإنسانية لتوطيد التعاون الدولي وتعزيز العمل على تطوير المنطق في البحث والتدريس ودعم أنشطة الجمعيات والجامعات وغيرها من المؤسسات المعنية بالمنطق وتحسين فهم الناس للمنطق وآثاره على العلوم والتكنولوجيا والابتكار، بالإضافة إلى أن من شأن الاحتفال باليوم العالمي للمنطق أن يسهم في نشر ثقافة السلام والحوار والتفاهم.
يوافق الرابع عشر من يناير اليوم العالمي للمنطق، حيث أوصى المجلس التنفيذي في دورته الـ 40 بالاشتراك مع المجلس الدولي للفلسفة والعلوم الإنسانية باعتماده يوما عالميا وأقيم أول احتفال به في عام 2019 بناء على مبادرة اتخذتها جامعات ومعاهد بحثية ومؤسسات وجمعيات تعمل في ميادين الرياضيات والفلسفة وعلوم الحاسوب والهندسة والاقتصاد والعلوم المعرفية لما للمنطق من دور رئيسي في تحقيق السلام والتنمية المستدامين.
إن القدرة على التفكير هي من أبرز السمات البشرية ويرتبط تعريف البشرية للمنطق في مختلف الثقافات بمفاهيم ترتبط بالوعي والمعرفة والعقل، وقد قامت حضارات كثيرة بدراسة المنطق للوقوف على مبادئ التفكير المنطقي إذ إنه كان للمنطق منذ بداياته دور مهم في تطوير الفلسفة والعلوم.
ويقوم اليوم العالمي للمنطق بنشر العديد من مظاهر السلام والأمان ونشر ثقافة الحوار والنقاش والتفاهم مع الآخرين، وكل هذا بفضل التطور الذي يفتح المجال الواسع للمنطق وإحرازه في تخصص التربية والعلوم والتعليم.
إن الناس هم أكثر حاجة للمنطق والذي به يمكن للعالم أن يصل إلى بناء تفاهمات تحتاجها البشرية لتعزيز ثقافة الحوار والسلام والتسامح، وكل غياب للمنطق هو تغييب للعقل ودعوة مفتوحة لأفكار الجهل والظلام أن تظل سائدة.
ويخاف الإنسان الظلامي من المنطق ويعتبره عدوه الأول وكذلك يخاف الجاهل من الفلسفة خشية أن ينزلق في أفكارها الحرة، وعلى الرغم من أن الأديان جميعها تحثنا على التفكر والتأمل والسعي في الأرض إلا ان بعض الجماعات تحذر من هذا التفكر وتعتبره بدعة أو كفرا وخاصة أن هناك من نادى بمنع تدريس الفلسفة في المناهج التعليمية إذ إن هؤلاء هم من يسعون لتدمير بنية المجتمع ومنع انفتاحه وتقدمه للأمام، ولا ننسى أن لحظات التنوير الكبرى في تاريخ البشرية تولدت من التفكير المنطقي.