يتساءل البعض: هل كثرة الاستقالات القيادية ستؤثر على الوضع العام للحكومة أو مصالح الناس؟ الجواب لا بلا شك حتى لو كان العدد أكبر من ذلك، وذلك لعدة أسباب:
أولا، ان التشعب في المناصب القيادية في الآونة الأخيرة وتغيير الهيكل التنظيمي للوزارات وتفرع الإدارات والأقسام والقطاعات إلى عدد أكبر، كان على حساب الأداء والوقت والتكلفة المادية على ميزانية الدولة.
كان في السابق هناك نظام ثابت وموحد ومعمول به بجميع الجهات الحكومية، والذي يتدرج من وزير ووكيل ومديرين ومراقبين ورؤساء أقسام الى موظفين عاديين، وكان الأمر طبيعيا وذا إنتاجية.
إلى أن تشعبت هذه الأقسام من الوزارات الى هيئات وقطاعات بلا معنى وكلها تكلفة إضافية على الدولة وتسكين هذه المناصب دون مراعاة الأهداف أو الإنتاجية.
مع وجود جميع هذه الهيئات والقطاعات والوكلاء والوكلاء المساعدين والمديرين والمراقبين ورؤساء الأقسام، نرى ان حال البلد لا يرتقي بالحد الأدنى لإرضاء القيادة السياسية ورئيس مجلس الوزراء ومجلس الأمة والشعب، وأدى إلى التدني بجميع قطاعات الدولة بلا استثناء.
كان لمنصب «مدير إدارة» في فترة الثمانينيات هيبة كبيرة وكان صاحبه ذا علم ومعرفة وحنكة إدارية ومتعلم ومثقف إلى أبعد الحدود سواء في القطاعات الحكومية أو النفطية أو الشركات والهيئات الحكومية.
ومن باب حماية الموظف الكويتي شرع قانون لحماية الموظفين الكويتيين حتى سن ثلاثين عاما، وصعوبة تنحي القياديين من مناصبهم، أو عدم التجديد لهم، ولذلك ارتأت الحكومة وضع ميزة لتشجيع القياديين على التنحي عن مناصبهم وإتاحة الفرصة لإشراك كوكبة جديدة من الشباب لمواكبة المستقبل وأداء أفضل.
من جهة أخرى، هل من العدل العمل على إسقاط القروض الاستهلاكية وفوائدها باختلاف مبلغها وان كانت 14 مليارا، أو مليارا و800 مليون دينار حسب تصنيف القروض، وذلك بين مؤيد ومعارض أو المزيد من الدراسة، ويبدو أن الأزمة بين السلطتين قد بدأت.
وكون القضية تخص المواطنو لذا يصعب على النواب مجاراة الحكومة لصعوبة أخذ القرار المناسب في حل أزمة الديون كونها قضية شعبية، والتصعيد النيابي كان الأقرب لإبداء رغبة الشارع الكويتي والمواطن، ونرجح مبادرة النائب أحمد لاري عضو مجلس الأمة بزيادة الدعم لغلاء المعيشة من 120 دينارا الى 300 دينار للجميع وهذا الحل عادل ومرض للجميع.
يجب على الحكومة أن تضع شعارا جديدا لإدارة الوقت والتكلفة والجودة كما تعمل بها الدول المتقدمة والشركات العالمية أو الحكومية التي تعمل على مبدأ الوقت والتكلفة.
ولتلك الأسباب نجد أن المشاريع الحكومية المرتبطة بالروتين الحكومي، والتي لا تعمل على مبدأ الوقت والتكلفة متأخرة، وجميع مشاريعها متعثرة ومتأخرة.
وللأسف نرى أن أغلبية القضايا التي تنظر بالمحاكم عن تأخير المشاريع نظير تطبيق الغرامات عليها، والسبب هو عدم تقدير الجهات الحكومية للوقت.
وكما أن أغلبية المشاريع الخاصة بالقطاعين الخاص والحكومي، مرتبطة بإصدار التراخيص من الجهات الحكومية وغالبا ما تكون بها تأخير، وإجراءات إيصال التيار تستغرق طويلا، وفعليا نرى ان فترة إنجاز المشروع تستغرق نفس فترة إصدار التراخيص وهذا الشيء يسبب تكلفة على الشركات وخسارة على الملاك والسبب الروتين الحكومي المميت.
ونأمل من النهج الجديد العمل على غربلة تلك التأخيرات الروتينية المملة، وأن تعمل على تقدير الوقت لدى جميع الجهات الحكومية.
هل تعلم أن استخراج الموافقات من بعض الجهات الحكومية قد تستغرق مدة عام؟ وهذا بلا شك على حساب هدر الوقت والمال بسبب الروتين.
وفي المقابل يقوم بعض العاملين بالجهات الحكومية بتطبيق الغرامات المالية كالسيف مع الشركات، ولا يرأفون بالحال مع معرفتهم التامة بأن سبب التأخير هو مصدر حكومي.
والله يصلح الحال مع الأزمة الحالية بين السلطتين.
[email protected]