بالأمس مرت علينا ذكرى صاحب السيرة العطرة والفكر النير والقلب الرحيم، الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، طيب الله ثراه، الذي مازالت ذكراه الطيبة ماثلة، وما فتئت إنجازاته قائمة، فكلما ذكر اسمه تعالت الأصوات داعية له بالرحمة والمغفرة، لأنه كان أبا للجميع، يحنو عليهم ويهتم بشؤونهم ويعمل ليلا ونهارا من أجل إسعادهم، إنه حقا أمير القلوب، لأنه يتربع على عروشها، وهو المتواضع الذي أحب الناس فأحبوه، وأعطاهم فردوا الجميل وفاء ودعاء، ولما وافاه الأجل ذرفت عليه قلوبهم قبل عيونهم، وبكى عليه كبارهم وصغارهم ورجالهم ونساؤهم، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
لا يستطيع الإنسان مهما كان حظه من البلاغة أن يختصر سيرة الأمير الراحل وإنجازاته في مقال بل في مجلدات، لذلك سأكتفي بذكر أهم النقاط المضيئة التي توضح شمائله وتبين خصاله وتفصح عن جوهر شخصيته وتبرز ما قدمه للكويت خلال مسيرة حياته:
لقد تبوأ قبل منصب الإمارة مناصب كثيرة، وكان في كل موقع يتولاه قدوة تحتذى في التواضع والإخلاص والعطاء والإنجاز، ففي أثناء توليه رحمه الله حقيبة وزارة المالية حقق عددا من الإنجازات البالغة الأهمية منها: إنشاء بنك الائتمان لتيسير الائتمان العقاري والزراعي والصناعي، وإصدار نقد كويتي بدلا من النقد الهندي حرصا على الاستقلال المالي، وإنشاء مؤسسة مهمة هي (مجلس النقد الكويتي) الذي أشرف على إصدار أوراق النقد والمسكوكات في الكويت، وإعداد النظام الخاص بالصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية. وقد أسفرت الأفكار النيرة لسموه رحمه الله عن إنشاء البنك المركزي، وإنجاز مشروع المخطط الهيكلي للدولة، وفي أثناء ترؤسه المجلس الأعلى للبترول عام 1963م خطت الكويت خطوة نفطية هائلة ذات تأثير عظيم في المنطقة، وذلك بإلغاء الامتياز النفطي الذي أعطي للشركات الأجنبية، فاستعادت ثروتها النفطية كاملة، ويعرف القاصي والداني أن الهاجس الأول الذي كان يؤرقه هو مصير الأجيال القادمة فهداه تفكيره المستنير الى إنشاء صندوق الأجيال القادمة الذي يكفل للأجيال القادمة حياة كريمة ومرفهة، وسعى خلال عهده الميمون إلى القضاء على الأمية فصدر مرسوم بقانون بشأن إلزامية التعليم ومحو الأمية، وذلك في 23 /8 /1981، ولإيمان سموه بعمق الروابط التي تصل بين شعوب الخليج انبثقت في ذهنه فكرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي أصبح واقعا في عام 1981.
رحم الله أمير القلوب «جابر» الخير وأدخله فسيح جناته، اللهم آمين.