- الطبطبائي: صلاة الرغائب بدعة باتفاق أئمة الشرع ولا أصل لها بل محدثة
- الخميس: يكره إفراد شهر رجب بالصيام وإن كان من الأشهر الحرم لتعظيم الجاهلية له
- العنزي: لم يرد في فضل شهر رجب شيء صحيح وثابت في السنة إلا أنه من الأشهر الحرم
- الحزامي: ليس لشهر رجب فضل في الصيام ولا العمرة ولا يخصه أحد بعبادة خاصة
قال الله تعالى: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم... - التوبة: 36)
ونحن نستقبل شهر رجب.. فما هو فضله؟ وهل الصيام فيه مستحب؟ وهل العمرة مستحبة في شهر رجب؟ وهل تخصيصه بالصدقة والزكاة أفضل من غيره من الشهور؟ وما الأحاديث الدالة على ذلك؟
وضعنا هذه التساؤلات أمام عدد من علماء الشرع، وجاءت أقوالهم على النحو التالي:في البداية، يوضح د.سيد محمد الطبطبائي حول ما يراه البعض في أفضلية شهر رجب على غيره من الشهور بقوله: قال ابن حجر لم يرد فضل شهر رجب ولا صيامه ولا في صيام شيء منه معين ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه، كما قال ايضا: وأما الأحاديث الواردة في فضل رجب أو في فضل صيامه او صيام شيء منه فهي إما ضعيفة وإما موضوعة.
وحذر د.الطبطائي من البدع المحدثة في شهر رجب بقوله الابتداع في الدين من الأمور الخطيرة التي تناقض نصوص الكتاب والسنة، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يمت إلا وقد اكتمل الدين، قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) وجاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» وقد ابتدع بعض الناس في رجب امورا متعددة منها: صلاة الرغائب وهي تقام في اول ليلة من رجب قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - «صلاة الرغائب بدعة باتفاق أئمة الدين ولا أصل لها بل هي محدثة فلا تستحب لا جماعة ولا فرادى» وقال النووي: هي بدعة قبيحة منكرة أشد انكار مشتملة على منكرات فيتعين تركها والإعراض عنها وإنكارها على فاعلها، وقال ابن النحاس: وهي بدعة، والحديث الوارد فيها موضوع باتفاق المحدثين.
شهر حرام
وعن اختيار الله تعالى شهر رجب من الأشهر الحرم هل يدل ذلك على أفضليته؟ أورد د.الطبطبائي قوله تعالى: (وربك يخلق ما يشاء ويختار) ومن اختياره وتفضيله اختيار بعض الأيام والشهور وتفضيلها على بعضها وقد اختار الله من بين الشهور أربعة حرما، وإن للأشهر الحرم مكانة عظيمة ومنها شهر رجب لأنه احد هذه الأشهر الحرم قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام) أي لا تحلوا محرماته التي امركم الله بتعظيمها ونهاكم عن ارتكابها، وقال تعالى: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) فينبغي مراعاة حرمة هذه الأشهر لما خصها الله بالمنزلة والحذر من الوقوع في المعاصي والآثام تقديرا لما لها من حرمة ولأن المعاصي تعظم بسبب شرف الزمان الذي حرمه الله.
أربعة حرم
وعن فضل شهر رجب يؤكد الشيخ د.عثمان الخميس مكانة الشهر فيقول: شهر رجب من الأشهر الحرم قال الله عز وجل: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين) كما يحرم القتال في شهر رجب والإثم فيه اكثر من الإثم في الأشهر الأخرى.
وحول تخصيص شهر رجب بعبادة خاصة قال د. الخميس: لم يثبت في رجب عبادة خاصة إلا أنه من الأشهر الأربعة: رجب، ذو القعدة، ذو الحجة، ومحرم.
أما طقوس خاصة في رجب فلم يثبت فيه شيء وإنما هو من الأشهر الحرم، وعن صيام شهر رجب وضح د.الخميس ان افراد رجب بالصيام مكروه لأن شهر رجب كانت تعظمه الجاهلية فما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتشبه بأهل الجاهلية، ومن هذا الباب كانت كراهة صيام شهر رجب وإن كان من الأشهر الحرم.
وعن سبب تسميته رجب فقد قال د.الخميس: ان قبيلة مضر كانت تزيد من تعظيمه وتسميه «مضر» كانت لا تغيره بل توقعه في وقته بخلاف باقي العرب الذين كانوا يغيرون في الشهور بحسب حالة الحرب عندهم وهو ما يسمى بالنسيء، قال تعالى: (إنما النسيء زيادة في الفكر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين) وسمي رجب «الأصم» لأن السيوف لا يسمع صوتها فيه وكانت العرب تترك القتال فيه تعظيما ومهابة له، ولفت د. الخميس إلى أن السيئة تعظم في الأشهر الحرم من حيث الكم والكيف.
شهر يغفل عنه الناس
ويؤكد د. سعد العنزي انه لم يرد في فضل شهر رجب شيء صحيح وثابت في السنة الا انه من الاشهر الحرم (رجب، ذو القعدة، ذو الحجة، ومحرم) وكل ما ورد من فضل خاص لشهر رجب اما ضعيف أو موضوع أو سنده لا يرقى الى الصحة، الا ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن «إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم اكثر ما يصوم في شعبان، فلما سئل عن ذلك قال: إنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان» فحري بالمسلمين اتباع ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث وما تناقله علماء الحديث من احاديث صحيحة لسلامة دينهم والحفاظ على منهج نبيهم صلى الله عليه وسلم.
أحاديث موضوعة
من جهته، قال الشيخ رائد الخزيمي: شهر رجب هو الشهر السابع ترتيبا في السنة الهجرية ولم يأت حديث يخص هذا الشهر بفضل من الفضائل سوى انه من الاشهر الحرم التي كان القتال فيها محرما عند العرب لأجل فتح باب العمرة للناس، وليكونوا آمنين فيه فلا يعتدي بعضهم على بعض، وكانت الأشهر الحرم الثلاثة ثلاثة اشهر متتاليات ذي القعدة وذي الحجة ومحرم وذلك لأجل تمكن الناس من السفر لأداء الحج فيكونون آمنين ثلاثة أشهر ولكي لا ينقطع الناس عن الحرم، وكان شهر رجب مبتعدا عن باقي الاشهر وسمي شهر رجب بركب مضر لأن قبيلة مضر لم تغير مكان هذا الشهر وبقيت محافظة على وقته بينما تلاعبت باقي القبائل في اشهر السنة وغيروا اماكنها لأجل القتال والحروب وقد استدار الزمان كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض كما جاء ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم.
وكل حديث في فضائل شهر رجب فإنه لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فليس لشهر رجب فضل في الصيام ولا القيام ولا العمرة ولا يخصه احد بعبادة خاصة فيه معتقدا افضلية في هذا الشهر كمن يعتمر في شهر رجب ويسميه العمرة الرجبية فهذا لا يصح بل اننا نجد ان كل عمر (جمع عمرة) رسول الله صلى الله عليه وسلم الأربع كانت في ذي القعدة ولم يعتمر في رجب ولم يأت دليل واحد صحيح يدل على الافضلية، ولم نجد احدا من الصحابة او السلف خص شهر رجب بفضل، والله هو الذي يشرع لنا العبادة وهو الذي خلق الازمان، وهو الذي يختار منها ويخص منها ما يشاء بالفضل كمثل شهر رمضان والعشر الليالي الآخرة منه وليلة القدر والعشر الأوائل من شهر ذي الحجة وخص الجمعة والعديد بالفضائل دون سائر الأزمان والله يقول عن نفسه (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون).