لو جلسنا مع أنفسنا قليلا، وراجعنا الماضي الأبعد ثم الأقرب، لوجدنا أنه منذ عصر النبوة، ومرورا بالعصور المتتالية، وحتى يومنا هذا، كان ومازال «المنافق» هو أخطر شخص على الإطلاق، فهو الشخص الوحيد الذي من خلاله ينبثق الشر بكل أشكاله، ويحقق الشيطان أهدافه، لأنه القائم بأعمال الشيطان بين الناس!
وكما هو معلوم لنا جميعا فإن مجمل الأشخاص - في الشأن العام - ينقسمون إلى قسمين، فإما أن يكون الشخص معك أو يكون ضدك، ومن خلال هذا التقسيم المذكور يتعامل الإنسان مع كل طرف، وما يميز التعامل هنا أنه مبني على الوضوح التام، سواء مع من هو ضدك أو من هو معك، فكلاهما واضح أمامك، ولكن هناك قسما ثالثا، وهو قسم خطير، يمثله شخص يقف بمنتصف الطريق يرفع راية الغموض!، يقف في الوسط ويمارس ممارستين، فيعطيك وجها، ويعطي الطرف الآخر وجها آخر!، وهذا هو الشخص الأخطر على الإطلاق، لأنه الشخص الكذوب الذي يمثل راية الخداع والتلون، وهو المنافق!.
ولو أخذنا نظرة عبر عصر النبي ﷺ لوجدنا هناك سيلا من التحذيرات الشديدة التي تبين خطر المنافق، وهناك الكثير من القصص والأحداث تذكر لنا خطر المنافق وما أحدثه من ممارسات فتاكة، ويطول ذكرها، لكن هدفنا من هذا المقال هو تنوير العقول حول خطورة المنافق، ففي كل عصر هناك منافقون، ولا يخلو عصر من المنافق، لذلك علينا إدراك هذا الواقع جيدا، بأن المنافقين يعيشون بيننا بالتأكيد!.
وتعالوا معي لنقف عند هذه الآية الكريمة، التي يصف بها الله سبحانه حال بعض المنافقين، فيقول: (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون) «المنافقون: 4».
فالآية تبين أن هناك منافقين ذوي أجسام جبارة تشعرك بأنهم سند منيع لك، وأن وجودهم معك الأمان والسلامة، وتبين أيضا أن لهم ألسنة ماهرة تشعرك بأنهم في غاية الفهامة والرجاحة وأن ليس بعد قولهم أي قول يقدم!، فالآية كريمة تشير إلى أن المهارات الكلامية والأشكال العظيمة هي ستار قد يتخذه المنافق حتى يحظى بما يريده.
لذلك أيها الكرام، حتى تنتصروا على أي منافق فعليكم بالتمسك بالحق أينما كان، اجعلوا الحق هو سبيلكم الوحيد في مناصرة أي رأي واتجاه، وإن كانت هناك غشاوة تعتري هذا الحق فتوجهوا نحو أهل القلوب الصادقة الذين عرفوا من خلال حكمتهم ومسيرتهم الحياتية بالإخلاص المتناهي، والعدل الكبير، واستشيروهم، فمن خلال هؤلاء ستزول تلك الغشاوة، ويكون الحق ظاهرا أمام أعينكم.. بإذن الله.
كفانا الله شر النفاق والمنافقين، فهم من بددوا أمجاد الأمم، ومزقوا كل جميل في المجتمعات، وأغلقوا كل سبل الخير بالطرقات، وكانوا حجرة عثرة أمام التقدم وخير معين للشيطان وأهله !، نعوذ بالله من الشيطان الرجيم ونعوذ بالله من قائم مقام الشيطان وهو (المنافق).
وفي الختام: قال تعالى: (والله يشهد إن المنافقين لكاذبون).
وقال رسول الله ﷺ:«آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان».