أعرب رئيس وفد الكويت وكيل الشعبة البرلمانية النائب ثامر السويط، عن ادانة الوفد الكويتي الشديدة للاعتداء السافر والاقتحام الآثم الذي قامت به قوات الكيان الصهيوني على مدينة جنين الفلسطينية، والذي أسفر عن استشهاد وإصابة الأبرياء بشكل ينتهك المواثيق والأعراف الدولية.
وأعلن السويط خلال كلمته أمام المؤتمر الـ17 لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، رفضه تجاهل الفعل والتركيز على ردة الفعل خاصة عندما يكون الفعل متعلقا بظلم وقهر واستبداد ووحشية وقتل الأبرياء وتدمير الممتلكات.
وأكد ان الكويت رسميا وشعبيا لن تحيد أبدا عن خط فلسطين، مضيفا «ستظل فلسطين درس الصمود الأكبر والأوحد، وستبقى فلسطين حاضرة في وجدان هذه الأمة جيلا بعد جيل».
وأعرب السويط عن إدانة الوفد الكويتي الشديدة للانتهاكات التي يتعرض لها المسلمون في أكثر من مكان، خصوصا ما أقدم عليه متطرفون بالتطاول على القرآن الكريم، مشددا على أن استهداف المقدسات لا يخلق سوى الكراهية، ولا يخلف سوى الأحقاد، ولا ينتج سوى التطرف، والتطرف المقابل. وشدد على أن استقرار المنطقة وسلامها منطلق رئيسي لتحقيق التنمية المستدامة في الدول الإسلامية، مبينا ان واقع عالمنا الإسلامي اليوم يستلزم منا أن نعقد العزم أكثر من أي وقت مضى على أن نخطو خطوتنا الأولى ونخوض غمار عالم التنمية بكل تحدياته ورهاناته. وأكد أن تلك الخطوة تحتم علينا في الوقت ذاته «أن نضع الأهمية البالغة للتنمية فوق أي اعتبار ووضع برامج وأهداف محددة نتحرك وفقا لها، لافتا الى أن تلك البرامج لن نستطيع تنفيذها ما لم يتحقق استقرار منطقتنا وسلامها».
وشدد السويط على أن استقطاب الخطط التنموية من الخارج كما هي من دون إسقاطها على معايير وإمكانات دولنا قد أخل بالمنظومة الاقتصادية والاجتماعية وكذلك البيئية في كثير منها. وأوضح «أن أهداف التنمية المستدامة التي أطلقتها الأمم المتحدة هي أفضل خارطة طريق يمكن الاستدلال بها لضمان تمتعنا جميعا بمستقبل أفضل وأكثر استدامة اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا». ودعا السويط الدول الإسلامية إلى كسر جمود الحركة العلمية، وتحرير العقل المسلم من قيود التبعية والتراجع، مؤكدا أنه «عقل منتج بطبيعته في المحيط المناسب، حيث كان له السبق في قيادة الإبداع والإنجاز في كثير من دول الغرب حينما توافرت له الإمكانات والموارد اللازمة».
وجاء في نص كلمة السويط ما يلي: يأتي اجتماعنا اليوم على أرض الجزائر الطيبة التي نستلهم منها جميعا إصرارنا على التوافق والنجاح في أعمال مؤتمرنا، وتذليل العقبات أمام قضايانا، فبلد المليون شهيد قد سطر لنا من قبل تاريخا مجيدا في النضال والدفاع عن الحق لا بد لنا أن نقف أمامه وقفة احترام وتأمل، لنكمل بالإصرار ذاته في مسيرة تحقيق الآمال والطموحات حتى نراها واقعا جليا في حاضرنا ولمستقبلنا.
فكل الشكر للجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية على هذه الاستضافة الكريمة والحفاوة البالغة: حكومة وبرلمانا وشعبا، وعظيم الامتنان للجزائر والأمانة العامة للاتحاد على ما بذلوه من جهود في تنظيم أعمال المؤتمر السابع عشر، سائلين المولى عز وجل أن يكللها بالنجاح والتوفيق.
وقبل كلمتي المعدة لمؤتمركم الكريم، اسمحوا لي بأن أستهل بما هو واجب، وأن أبدأ بما فرض، وأن أسجل والوفد الكويتي إدانتنا الشديدة للانتهاكات التي يتعرض لها المسلمون في أكثر من مكان، وبالأخص، ما يقدم عليه مجموعة من المتطرفين الشاذين عن كل خلق وسلوك قويم. ونقول: إننا ندرك جيدا معنى حرية التعبير، وحدودها، ونعرف جيدا كيف انتفضت أوروبا كلها وقمعت أدنى حرية في موضوع الحرب الروسية، للدرجة التي حاكمت فيها الصحافيين والمثقفين ورجال الأعمال، ووصل الأمر إلى إغلاق وحدة جامعية تتعلق بالأدب الروسي! لكن حين يأتي الأمر إلى القرآن الكريم، كتاب المسلمين المقدس، وبوصلتهم، وموجههم، يصبح أمر إحراقه حرية لا يمكن منعها أو عقابها.
لكننا نقول، إن كل ما يجري من استهداف للإسلام والمسلمين لهو أمر يتراكم ويسبب ما تدعي أوروبا والغرب محاربته من عنف وعدم استقرار، فاستهداف المقدسات لا يخلق سوى الكراهية، ولا يخلف سوى الأحقاد، ولا ينتج سوى التطرف، والتطرف المقابل. وإننا إذ ننزه قرآننا الكريم عن دنس، ونرفعه عن أي إساءة، فإننا نسجل موقفنا الذي لا يدين المتطرفين فقط، بل يدين السكوت عنهم، والسماح لهم بهذه الإساءات.
وهنا أيضا، نذكر بأنه لا يكتمل لاجتماع إسلامي عقد من دون ذكر فلسطين الحبيبة المقاومة والصامدة، والتي تأبى إلا أن تسجل للعالم وعلى مدى تاريخ احتلالها البغيض والذي بدأ في عام 48، أن تسجل كل الدروس والعبر في المحافظة على الأرض، ومواجهة الظلم، والصمود أمام الاحتلال الاستيطاني العنصري المدعوم من القوى الكبرى، في ظل عجز عربي وإسلامي فاضح عن المساندة والدعم الواجبين، إلا أن عودتها وتحررها هو عمود الارتكاز في إيماننا الذي لا يتزعزع أبدا ولا يهتز لحظة واحدة، مهما كانت الظروف والصعاب التي نراها أمام أعيننا، فقد واجهت الأمة ما واجهت من قبل، وانتصرت وسادت بفضل من الله وعمل وجهد ومثابرة وتعاون. إن صلابة وشموخ الشباب الفلسطيني في جنين، أعظم عبرة في المقاومة ورفض الظلم، وإن كان البعض لا يملك تقديم الدعم والمساندة فعليه إيقاف الخذلان والطعن.
راهن البعض على النسيان والإحباط واليأس ولم يدركوا بأن الإيمان بالحقوق يزداد ثباتا مع الزمن، وأن الأمة تزداد مع مرور الوقت إصرارا على نصرة الحق.
نحن في الكويت، رسميا وشعبيا اليوم وغدا لا نحيد أبدا عن خط فلسطين، وستظل فلسطين درس الصمود الأكبر والأوحد، وستبقى فلسطين حاضرة في وجدان هذه الأمة جيلا بعد جيل، ولذلك فإنه باسمي وباسم الوفد البرلماني الكويتي، فإننا ندين وبشدة الاعتداء السافر والاقتحام الآثم الذي قامت به قوات الكيان الصهيوني على مدينة جنين الفلسطينية، والذي أسفر عن استشهاد وإصابة الأبرياء بشكل ينتهك المواثيق والأعراف الدولية.
كما أننا نرفض تجاهل الفعل والتركيز على ردة الفعل خاصة عندما يكون الفعل «ظلم وقهر واستبداد ووحشية وقتل الأبرياء وتدمير الممتلكات».
لا يخفى على أحد أن عالمنا الإسلامي الرحب بشعوبه وموارده وخصائصه الجغرافية يواجه تحديات ومخاطر بالغة الشدة والدقة، تعيقه منذ سنوات طوال عن تحقيق التقدم والتنمية المنشودة، وحينما نقول ـ المنشودة ـ هنا،، فنحن نتحدث عن الحاجة الملحة إلى التوقف عن استيراد (مظاهر) التنمية من الخارج لنكون نحن المبدعين لها وفق ما يتماشى مع حاجاتنا وطموحاتنا، والأهم من ذلك مواءمتها لقيمنا ومبادئ ديننا الإسلامي.
ولنا في واقعنا (المعاصر) أوضح مثال على أن استقطاب الخطط التنموية من الخارج كما هي من دون إسقاطها على معايير وإمكانات دولنا قد أخل بالمنظومة الاقتصادية والاجتماعية وكذلك البيئية في كثير منها.
ولعل أصحاب العقول النيرة مدركون منذ زمن أن هذا الاستيراد قد جاء نتيجة نوايا وخطط غربية تحاك منذ عقود طويلة أغرقتنا عمدا في خلافات ونزاعات وحالات عدم استقرار في مجالات عدة سياسية كانت أو اقتصادية أو عسكرية حتى باتت هي محط أنظارنا وجل اهتمامنا.. وقد أنتج لنا ذلك الحال - بالطبع - أجيالا منهكة لا تتطلع إلى أبعد من ذلك ولا أفضل منه، وهذا هو لب حديثنا ومقصده.. فحينما نتحدث عن التنمية وصناعتها نجد أن الإنسان الذي هو أهم ركائزها وأقوى أدواتها مهمشا في عالمنا، على الرغم من أن الدين الإسلامي قد شجع منذ بدايته ـ ولا يزال ـ على الارتقاء به وبمجتمعه وموطنه نحو أفضل ما يستطيع البشر تحقيقه والوصول إليه، إلا أننا قد غفلنا عن مدى اهتمام الإسلام ورعايته البالغة للإنسان والنفس البشرية، وكان تركيزنا منصبا على استغلال الثروات الطبيعية فقط من دون أدنى اعتبار للثروة البشرية التي نملكها.
في الوقت الذي انصب فيه معظم اهتمامنا في العالم الإسلامي على المادة دون الإنسان ظهرت أهداف التنمية المستدامة لتحوي أبعادا أخرى أكثر تركيزا على البيئة والثقافة والجوانب الاجتماعية، فأصبحت بذلك تحمل بعدا استراتيجيا ومستقبليا يحافظ على حقوق الأجيال القادمة من دون تدمير ونهب أو استغلال غير مبرر،،،
ولذلك فإن أهداف التنمية المستدامة التي أطلقتها الأمم المتحدة هي أفضل خارطة طريق يمكن الاستدلال بها لضمان تمتعنا جميعا بمستقبل أفضل وأكثر استدامة اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا، وهي تحتم علينا العمل وفق أساليب مبتكرة لمواكبة المتطلبات والاحتياجات الإنمائية، ويكون ذلك من خلال العمل الجماعي والشراكة الفعالة فيما بيننا وفق مبدأ المسؤولية المشتركة.
وعليه، فإن التنمية التي نتحدث عنها اليوم لابد أن تبدأ من الإنسان وتنتهي به، تبدأ بتعليمه وتثقيفه، بإعطائه الكرامة، الأمان، الثقة والولاء حتى يكون لنا ثروة بشرية منتجة وقادرة على العطاء، فاستراتيجيات التنمية قد اتجهت منذ زمن نحو الاستثمار في الإنسان وتطويره على المستوى العلمي والتقني، وقد أثبتت لنا تجارب العديد من الدول نجاح ذلك وبجدارة، حيث نهضت من عثراتها بحرصها على التعليم والذي تتالت بعده مجموعة من التطورات والإمكانيات الاقتصادية مكنتهم من أن يكونوا في مصاف الدول المتقدمة، وهذا هو التوجه الصحيح الذي يجب أن نعيره كل انتباهنا واهتمامنا، فلا يمكن لنا أن نراهن على وجود الموارد من دون تقدير لمكانة الإنسان ودوره في عملية البناء والتقدم.
السيدات والسادة الأفاضل،،
قد آن الأوان لنا أن نكسر جمود الحركة العلمية في عالمنا، ونحرر العقل المسلم من قيود التبعية والتراجع، فهو عقل منتج بطبيعته في المحيط المناسب، حيث كان له السبق في قيادة الإبداع والإنجاز في كثير من دول الغرب حينما توافرت له الإمكانات والموارد اللازمة.
ثم بعد ذلك يمكننا الحديث ـ أيها الإخوة الزملاء ـ عن استغلال ما حبانا الله ـ تعالى ـ به من نعم وثروات استغلالا مثاليا، نتكاتف من خلاله لاستثمار مواردنا في مشاريع تعزز التكامل والتعاون بيننا، فقد حبانا الخالق ـ عز وجل ـ بأراض صالحة للزراعة مليئة بالموارد الطبيعية الأولية، وأيد عاملة ماهرة، ومواقع جغرافية مهمة، ورؤوس أموال يمكن استثمارها في مجالات عدة بدءا من الزراعة وصولا إلى التكنولوجيا والعالم التقني.
يقول تبارك وتعالى في محكم كتابه، بسم الله الرحمن الرحيم: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى).
واقع عالمنا الإسلامي اليوم يستلزم منا أن نعقد العزم أكثر من أي وقت مضى على أن نخطو خطوتنا الأولى ونخوض غمار عالم التنمية بكل تحدياته ورهاناته، وإن تلك الخطوة تحتم علينا في الوقت ذاته أن نضع الأهمية البالغة للتنمية فوق أي اعتبار أو خلاف كان، حتى يسهل علينا الأمر وتفتح لنا الآفاق، لأننا ندرك أن تحقيق التنمية في دولنا يتطلب وضع برامج وأهداف محددة نتحرك وفقا لها، لن نستطيع تنفيذها ما لم يتحقق استقرار منطقتنا وسلامها،،،
لكن كلي أمل ـ أيها الأخوات والإخوة ـ أن تشد هذه اللقاءات الأخوية أواصر علاقاتنا، وتقرب وجهات نظرنا، والتوافق بين آرائنا حتى نضطلع بأدوارنا كبرلمانيين مسلمين لنخرج برؤية تنموية مشتركة واضحة تراعي حقوق شعوبنا وأجيالنا القادمة في تحقيق مستويات مرضية للحياة الكريمة الآمنة المستقرة وسط بيئة من الإبداع والتقدم المستدام.
وكان وفد الشعبة البرلمانية الكويتية برئاسة وكيل الشعبة ثامر السويط التقى رابطة «برلمانيون لأجل القدس» بحضور أمين سر الشعبة د. محمد المهان وأمين الصندوق حمد العبيد.