يستغل فيلم «Missing»، الذي يأتي من إخراج كل من نيكولاس دي جونسون وويل ميريك، نجاح الجزء الأول «Searching» للمخرج آنيش تشاغانتي لتقديم قصة أخرى من نوع «Screenlife على شاشة الكمبيوتر» حول أفراد عائلة يبدو أنهم اختفوا من دون أي أثر.
إن «Missing» ليس جزءا ثانيا بقدر ما هو لم شمل للمخرجين جونسون وميريك، ويركز على فتاة خبيرة بالكمبيوتر تبلغ 18 عاما تختفي والدتها، وعلى غرار سرد «Searching» وقصته التي تتناول البحث التكنولوجي، يضع «Missing» كل قوته في شخص مرتاح خلف الشاشة، لكنه يقدم تصفحا ورسائل إلكترونية أقل تشويقا هذه المرة، حيث تبدو الشاشة أقل حياة.
تلعب ستورم ريد دور بطلة الفيلم «جونباغ» كما تسميها والدتها المفرطة بالحماية غريس آلين (نيا لونغ)، ويبدأ الغموض عندما تصل «جون» لنقل «غريس» وزوج والدتها المتفائل كيفن (كين ليونغ) بعد قضائهما إجازة رومانسية في كولومبيا، لكن تصاب «جون» بالارتباك عندما لا ينزل أيا منهما من الطائرة، وهنا نتذكر على الفور فيلم «Searching» مع نغمات الرسائل التي لا يتم الرد عليها، ونغمات الرنين التي تبقى من دون إجابة.
لا تخشى النجمة ستورم ريد من حمل «Missing» على كاهلها، حيث تتواصل شخصية «جون» مع بارك (دانييل هيني) احد وكلاء السفارة الأميركية، وجافي (واكيم دي ألميدا) من عمال «Taskrabbit» في أميركا الجنوبية، وصديقتها المفضلة فيينا (ميغان سوري) التي تظهر على شاشة الكاميرا الأمنية لبابها الأمامي.
تبدو إدارة عناصر الفيديوهات المسجلة على الشاشة أقل فاعلية وتميل للطابع السينمائي أكثر هذه المرة، وغالبا ما تقوم الكاميرا بتقريب الصورة على النقاط المحورية أو تتجاهل حقيقة مشاهدة الفيلم كما لو أننا نستخدم حاسبا ولسنا أمام شاشة عرض كبيرة، حيث يبحر المصور السينمائي ستيفن هوليران عبر المناظر الطبيعية لخرائط «غوغل» كما لو كنا نقود على الطريق السريع أو يتنقل عبر مونتاج نوافذ من دون قيود الوقت الفعلي، وهو الأمر الذي يبدو غريبا.
يحترم فيلم «Searching» بشكل كبير مسألة الانغماس بصورة شاشة الكمبيوتر، في حين لا يهتم «Missing» كثيرا حول قوانين هذا النوع الفرعي من أفلام الـ «Screenlife»، وعند المقارنة، يبدو أن «Missing» يقدم تجربة مسرحية أكثر من كونه فيلما ثانيا من «Searching»، حيث كان ذعر «ريد» ملموسا عندما أدركت شخصية «جونباغ» أن والدتها أصبحت متورطة في حادثة اختفاء تتطور أحداثها باستمرار.
يساعد المخرجان جونسون وميريك في جعل هذا العمل مختلفا عن سابقه بسبب اختلاف الأجيال بين «جونباغ» وبين ديفيد كيم (جون تشو)، مثل سهولة طباعة «جونباغ» للأدلة المختصرة عبر تطبيق الملاحظات خاصتها مقارنة بملفات «إكسل» المنظمة التي استخدمها «ديفيد»، كما أن هناك مجموعة أكبر من اللحظات التي لا يوجد تفسير منطقي لها والتي تتطلب أقصى قدر من الحظ، مثل تخمين كلمات المرور، أو الاستخدام المستمر لتطبيق «فيستايم» على اللابتوب لرؤية شخصية «ريد»، ولحظات مؤثرة مع عاملين مستقلين يعملون مقابل 8 دولارات بالساعة، لكن كلما ازدادت الفوضى التي تعيشها «غريس»، ازداد فضولنا واندماجنا مع ما يجري.
هناك شعور أن جونسون وميريك لديهما سيطرة أقل كمخرجين، لكن هذا يكاد يكون أمرا إيجابيا، فمع تحول «Missing» إلى ما يشبه أعمال الجريمة الحقيقية وبناء الصداقات من خلال المراسلة، يجد أداء «جونباغ» أبعادا جديدة، ويمكن القول أن الفيلم أقل نجاحا بالالتزام بعناصر أفلام شاشة الكمبيوتر لكنه أكثر عدوانية كفيلم تحقيق إجرامي وسري للغاية يقترب من حدود الرعب.
باختصار.. لا يمثل «Missing» تكملة أفضل لفيلم «Searching» بالرغم من ثقته العالية بالذكاء التكنولوجي، ومع ذلك يبقى منصة ملائمة من ناحية التحقيقات المحمومة باستخدام «الواي فاي» ويميل المخرجان نيكولاس دي جونسون وويل ميريك إلى جيلهما من ناحية جاذبية ما يظهر على شاشة «Missing»، فيعتنقان أسلوبا أكثر سينمائية، وأقل تشددا من ناحية عناصر هذا النوع من الأفلام، ويتجنب الفيلم بشكل لافت محاولة محاكاة سابقه «Searching» وينتقل ما بين الأسلوب المسرحي في الطرح والمعالجة الدرامية في التصوير السينمائي.