قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن أسعار النفط أنهت تداولات يناير الماضي على تراجع في ظل استمرار حالة عدم اليقين بشأن آفاق نمو الاقتصاد العالمي، حيث انخفض سعر خام برنت بنسبة 1.7% على أساس شهري لينهي تداولات الشهر عند مستوى 84.5 دولارا للبرميل، فيما يعد أول تراجع شهري يسجله منذ نوفمبر الماضي.
وفي المقابل، أنهى خام التصدير الكويتي تداولات الشهر على ارتفاع طفيف عند مستوى 82.5 دولارا للبرميل (+0.6%)، ليسجل بذلك أول نمو شهري خلال 8 أشهر.
وأشار التقرير الى أن أسعار العقود الآجلة لمزيج خام برنت تحركت في نطاق محدود خلال معظم الشهر، وذلك على الرغم من العديد من المؤشرات الدالة على اتخاذه مسار تصاعدي خلال الأسابيع الأخيرة، بدءا من الدلائل التي تشير إلى تسارع وتيرة النشاط الاقتصادي في الصين ونمو الطلب على النفط وغيرها من المؤشرات الدالة على تعافي الاقتصاد الأميركي بشكل أفضل من المتوقع، وأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يبدأ تخفيف وتيرة تشديد سياساته النقدية.
وظهر دافع آخر ساهم في تعزيز الأسعار مؤخرا من جانب العرض، إذ اجتمع أعضاء لجنة المراقبة الوزارية المشتركة لـ«أوپيك» وحلفائها في الأول من فبراير، وأوصت اللجنة بالتزام الدول الأعضاء بالإبقاء على اتفاق خفض الإنتاج الحالي عند مستوى 40.1 مليون برميل يوميا بدلا من تغيير الحصص المتفق عليها وفقا لاتفاقية أكتوبر الماضي، والتي دعت الى خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا (مقارنة بالمستويات المرجعية لشهر أغسطس 2022) حتى نهاية عام 2023.
وتتبع «أوپيك»، مثل غيرها من المشاركين في أسواق النفط على نطاق أوسع، نهج «الانتظار والترقب» فيما يتعلق بمسار كل من الطلب العالمي وإمدادات النفط العالمية بعد قيام الصين برفع القيود المتعلقة باحتواء الجائحة والحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على واردات من النفط الروسي.
وتحسنت معنويات المستثمرين على كل الأصعدة، إذ ارتفع حجم المراكز المفتوحة التي تتوقع ارتفاع أسعار سوق العقود الآجلة لمزيج خام برنت لأعلى مستوياته في أحد عشر شهرا، إذ قاربت العقود طويلة الأجل نحو تسعة أضعاف عدد العقود قصيرة الأجل (ارتفع صافي الفروق بين العقود طويلة الأجل وقصيرة الأجل إلى 252 ألف عقد في 24 يناير، فيما يعد أعلى المستويات المسجلة منذ غزو روسيا لأوكرانيا).
من جهة أخرى، زاد عدد المراكز المفتوحة خلال شهر يناير إلى المستويات التي شهدناها آخر مرة في مارس من العام الماضي، وتحولت حركة فروق أسعار العقود الآجلة لمزيج خام برنت على المدى القريب (تسليم شهر أو شهرين على سبيل المثال) لتسجل ارتفاعا (ارتفع سعر العقود قصيرة الأجل مقارنة بعقود التسليم في تاريخ لاحق)، في إشارة على قرب تشديد أوضاع السوق.
إلا أن مشهد الطلب على النفط آخذ في التحسن. إذ كشف صندوق النقد الدولي، في أحدث تقاريره عن مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في يناير 2023، عن تعديل تقديراته للنمو العالمي لعام 2023 بنسبة 0.2% ليصل معدل النمو المتوقع الآن إلى 2.9% فيما يعد أول تعديل إيجابي منذ عام، مستشهدا بإعادة فتح اقتصاد الصين ومرونة الطلب الأميركي.
وقد يصل نمو الاقتصاد الصيني إلى 5.2% خلال العام الحالي مقابل 3.0% في عام 2022، مما قد يعزز تعافي الطلب بعد التراجع الذي شهده في عام 2022. وفي غضون ذلك جاءت المؤشرات المبكرة من الصين مشجعة مع انخفاض الحالات الحرجة والوفيات الناجمة عن الجائحة بأكثر من 70% مقارنة بمستويات الذروة، وارتفعت مبيعات البنزين بأكثر من 20% على أساس سنوي خلال أسبوع عطلة رأس السنة القمرية، ورفعت السلطات بشكل كبير كمية النفط الذي يسمح لمصافي التكرير المستقلة باستيراده.
وتقدر وكالة الطاقة الدولية أن يمثل استهلاك الصين من النفط نصف نمو الطلب العالمي البالغ 1.9 مليون برميل يوميا وفقا لتوقعات الوكالة للعام الحالي، وذلك في ظل تحسن الطلب على وقود الطائرات (السفر) والديزل (الصناعة) بشكل كبير. كما تتوقع أن يصل الطلب العالمي على النفط لمستوى قياسي قدره 101.7 مليون برميل يوميا في عام 2023.
ويتضمن ذلك تراجع الطلب على النفط بمقدار 0.8 مليون برميل يوميا على أساس ربع سنوي في الربع الأول من عام 2023 وسط انكماش النشاط الصناعي في أوروبا، قبل أن يرتفع مرة أخرى خلال الفترة المتبقية من العام ليصل إلى 103.5 ملايين برميل يوميا في الربع الرابع من عام 2023.