قالت خبيرة علم الحشرات والأستاذ المساعد بقسم العلوم في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي د.جنان الحربي إن فكرة أن الحيوانات يمكنها اكتشاف الزلازل القوية قبل البشر موجودة منذ العصور القديمة.
وانتشرت تقارير اخبارية عدة عن أن الحيوانات تمتلك الحاسة السادسة التي تسمح لها بالتنبؤ بالكوارث الطبيعية حيث تتصرف بغرابة قبل وقوع الزلازل والبراكين. ولكن هل يدعمها العلم؟
جاء هذا التساؤل بعد أن ادعى مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي أن الحيوانات كانت تتصرف بشكل غريب قبل الزلزال الهائل الذي حدث في تركيا البالغة قوته 7.8 درجات بمقياس ريختر.
وأوضحت الحربي في تصريح لـ«الأنباء» أنه خرج بعض الجيولوجيين بادعاءاتهم أنه لا يمكن استخدام التغييرات في سلوك الحيوان للتنبؤ بالزلازل بالرغم من وجود حالات موثقة لسلوك حيواني غير عادي قبل الزلازل.
ولكن البيولوجيين وعلماء الحشرات خالفوهم الرأي وأثبتوا بدورهم أنه يمكن للحيوانات في كثير من الأحيان أن تشعر بالزلزال في مراحله المبكرة قبل أن يتمكن البشر من حوله من ذلك.
وأضافت: أكد العلماء أن لدى الحيوانات والحشرات حواس أكثر تطورا من البشر، ليس فقط السمع، ولكن الحواس الأخرى مثل استشعار التغيرات في الضغط الجوي والرطوبة، فالحيوانات لديها القدرة على الإحساس بالموجات ذات التردد المنخفض التي تتولد في العادة من خلال الأحداث النشطة مثل الزلازل والانفجارات البركانية والانهيارات الثلجية مما يؤثر على سلوكها الطبيعي.
وهي أيضا تستخدم الموجات الجوية ذات التردد المنخفض الناتجة من اختلاف الضغوط والغازات الجوية في التواصل فيما بينها في حياتها الاعتيادية.
وتابعت الحربي: وفقا للمسح الجيولوجي الأميركي، يتم تفسير سلوك الحيوان غير الطبيعي في الثواني التي تسبق الزلزال من خلال التأثر بالموجات الأولية P ذات التردد المنخفض وهي أول موجات تنبعث من الزلازل والتي تتميز بقدرتها على المرور عبر المواد الصلبة أو السائلة أو الغازية بسرعة أميال عدة في الثانية. ثم تليها الموجات الثانوية S القوية التي يشعر فيها الإنسان.
وبينت أن هناك دراسات عديدة وثقت تمتع بعض الحيوانات بالقدرة على توقع الزلازل مثل نمل الخشب. وأشارت دراسة حديثة المانية استمرت لمدة ثلاث سنوات الى أن النمل يقوم ببناء مستعمرات صغيرة وأعشاش على طول خطوط الصدع النشطة للزلازل.
ووجد أن النمل وغيره من الكائنات لديها مستقبلات يمكنها التقاط التغيرات في غازات الغلاف الجوي مثل غاز الرادون والهيليوم والغازات المنبعثة من بلورات الكوارتز والمجالات الكهرومغناطيسية السابقة لحدوث الزلازل.
وأوضحت الحربي أنه أخيرا وخاصة بعد حدوث زلزال تركيا توصل البيولوجيون الى تفسير ظاهرة دوران البط والأغنام والخيول والنمل والأبقار حول أنفسها لمدة ساعات والتي انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الإخبارية منذ أشهر، وأشار الباحث «مارتن وكيلسكي» المتخصص في سلوك الحيوانات الى أن تلك الحيوانات كانت «فائقة النشاط» بشكل غير عادي، وتحركت باستمرار لأكثر من 45 دقيقة.
وعلق أن الحيوانات لديها القدرة على أن تشعر بكارثة وشيكة الزلازل وهي على بعد 12 ميلا من مركز الزلزال وبأكثر من 15 ساعة قبل الإنسان وقبل أجهزة «سيزموغراف» لرصد الزلازل.
ففي عام 2018 تم حصر 700 ادعاء مسجل لسلوك حيواني غير طبيعي قبل حدوث الزلازل.
وتابعت: يتساءل الكثير من الناس لماذا لا يشعر الإنسان بالزلزال قبل وقوعه؟ في الواقع يوجد لدى الإنسان مستقبلات ميكانيكية في الجلد تعرف بجسيمات «باسيني»، وهي نوع من المستقبلات الميكانيكية التي تعمل على اكتشاف التغيرات في الاهتزاز والضغط الموجود سواء في الجلد المشعر او الأصلع والأحشاء، والمفاصل والعظام.
ولكن نظرا لأن حساسيتها المثلى هي 250 هرتز وأكثر، وموجات الزلازل الأولية عادة ما تكون أقل من 20 هرتز في بداياتها، فلذلك السبب لا يشعر الإنسان بالزلازل قبل حدوثها مثل بقية الكائنات الحية.
وختمت الحربي بالقول: على الرغم من أن بعض العلماء يختلفون في الرأي حول ما إذا كان يمكن استخدام سلوك الحيوان للتنبؤ بالزلازل والكوارث الطبيعية، إلا أنهم يتفقون جميعا على أنه من الممكن للحيوانات أن تشعر بالتغيرات في البيئة قبل البشر.
ويواصل الباحثون باستخدام أجهزة تتبع GPS لمراقبة تحركات الحيوانات في جميع أنحاء العالم على أمل أن يكونوا قادرين على التنبؤ بالكوارث الطبيعية مستقبلا.