[email protected]
عجيب أمر السر في حياة الإنسان؛ لأن الذي يستودع السر أضيق!
في الحديث الشريف: «استعينوا على أموركم بالكتمان».
في الدولة أو في الوظيفة أو المكان هناك أسرار ينبغي ألا أن تخرج إطلاقا حفاظا على خصوصية المكان والزمان والبشر.
اليوم في المشهد المرئي رأيت العجب، فأكثر الناس لا يتمالكون إفشاء سرهم، فإذا ظهر عاتبوا من أخبروا به، فواعجبا كيف ضاقوا بحبسه ذرعا ثم لاموا من أفشاه؟!
أحيانا، أرى وأقرأ مستندات مهربة عن وزارة أو مؤسسة أو جهة حكومية او خاصة، طبعا هنا (مهرب) لهذه التسريبة ،وغالبا ما يكون من البطانات المقربة أو «السكرتارية» المشتراة!
الموظف الصغير يخاف ولا يفعلها، وإنما التسريب أحيانا يكون مقصودا من كبير أو من موظف ناقم حاقد مستهتر!
النفس البشرية يصعب عليها كتم الشيء أو المعلومة، وهناك من يفعل هذا انتقاما في إفشاء أسرار المكان بقصد التدمير!
الحقيقة ان حديثا جاوز الاثنين شاع!
هذه ضعها حقيقة أبدية، وكل إفشاء للاسرار يبدأ من الهمس الثنائي!
في بدايات الكويت وفي عهد التحرير وما بعد الاستقلال كان الموظف في الدولة رجلا كان أو امرأة يحفظ السر، ولا يمكن ان يفشي سرا.
يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
لا تفش سرا ما استطعت الى امرئ
فكما تراه بسر غيرك صانعاً
يفشي إليك سرائراً يستودع
فكذا بسرك لا محالة يصنع
اليوم، والله مصيبة، الناس استهانت بالأمر، وبدأت تنشر أسرارها وكأن الأمر بدأ معكوسا «الصح» ان تنشر مثل هذه المعلومات!
وغاب عنهم أن دينهم وشريعتهم تحرم إفشاء السر ما دمت مؤتمنا عليه، وستر المصائب من جملة كتمان السر؛ لأن إظهار هذه الأسرار يفرح الشامت للأسف.
٭ ومضة:
في إفشاء السر وحرمته قد قيل الكثير، اختار لكم هذا:
احذر عدوك مرة
واحذر صديقك ألف مرة
فلربما انقلب الصديق
فكان أعلم بالمضرة
وهكذا اليوم صار «السر» لا قدسية له عند الناس والموظفين، وتجاسر عليه كل مستطيع!
قال الأحنف بن قيس:
لا تنطق بسرك كل سرٍّ
إذا ما جاوز الاثنين شاع
٭ آخر الكلام:
كتمان الأسرار الوظيفية والمؤسسية من الخصال المحمودة، فلا خير في إنسان لا يحفظ السر المؤتمن عليه!
حفظ الأسرار في الدولة واجب على كل مواطن؛ لأن إفشاء السر خيانة للأمانة، كما انه من علامات النفاق والعياذ بالله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر» رواه البخاري ومسلم.
تذكر عزيزي وقارئي: صدرك أوسع لسرك من صدر غيرك.
٭ زبدة الحچي:
عزيزي القارئ الكريم، اعلم ان إفشاء الاسرار محرم شرعا سواء كان هذا السر متعلقا بالوظيفة او بالحياة الزوجية خاصة ان كثيرا من النساء ينقلن للأقارب والصديقات احاديث المنزل والحياة الزوجية، وهنا لا يحل لهذه المرأة ان تفشي سر بيتها الى أحد من الناس.
قارئي: ونحن في دهاليز هذه الحياة انت مؤتمن على كم من الاسرار هي ليست ملكك، حافظ على من ائتمنك، فلا تضع السر في افواه الآخرين.
قالوا: سرك أسيرك، فإن تكلمت به صرت أسيره!
قال تعالى في محكم التنزيل: (والله يعلم ما تسرون وما تعلنون - النحل: 90).
يقول الخليفة الخامس عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه: «الصدور خزائن الأسرار، والشفاه أقفالها، والألسن مفاتيحها، فليحفظ كل امرئ مفتاح سره»!
هذا في السر وكتمانه يا قوم مكاري!
في أمان الله..