قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن أداء الإنفاق الاستهلاكي بالكويت ظل قويا منذ جائحة كورونا، حيث شكل إلى جانب القطاع النفطي أبرز العناصر الجوهرية المساهمة في نمو الاقتصاد، وساهمت التركيبة السكانية المواتية، وزيادة معدلات التوظيف وارتفاع الأجور، وتدابير الرفاهية التي توفرها الدولة، في تعزيز الإنفاق الاستهلاكي، الذي سجل ارتفاعا ملحوظا، وإن كان بوتيرة أقل بلغت 16% على أساس سنوي في الربع الأخير من عام 2022.
وأضاف التقرير ان اعتدال وتيرة النمو يرجع إلى عودة الأنشطة لمستوياتها الطبيعية بعد 3 أعوام من الجائحة، مع ارتفاع العمالة، ونمو الأجور، وعودة ثقة المستهلك لمستويات مستقرة، أما بالنسبة للعام المقبل، فتشير التقديرات إلى أن الإنفاق سيبقى قويا في ظل محركات الطلب القوية والسياسات الحكومية التوسعية.
فعلى سبيل المثال، يتضمن مشروع مسودة الموازنة الحكومية المعلن عنه مؤخرا للسنة المالية 2023/2024 زيادة كل من الرواتب والدعوم، وهو الأمر الذي إذا تمت المصادقة عليه فقد يساهم في دعم إنفاق الأسر هذا العام. ومن المرجح تباطؤ وتيرة النمو، خاصة في النصف الأول من عام 2023، نظرا لارتفاع قاعدة المقارنة في العام الماضي والظروف النقدية الأكثر تشددا مقارنة بالعام الماضي.
ولفت تقرير الوطني إلى أنه بعد صدمة الجائحة، بدأت بعض العلامات الدالة على انتعاش سوق العمل بالظهور، مع ارتفاع التعداد السكاني ومعدلات التوظيف مرة أخرى وتسارع نمو الأجور. وتوفر هذه التطورات بعض الدعم الأساسي لتوقعات الإنفاق.
ووفقا للبيانات الصادرة عن الهيئة العامة للمعلومات المدنية، ارتفعت معدلات التوظيف الإجمالي (باستثناء العمالة المنزلية) بنسبة 3.8% على أساس سنوي بالربع الثالث من 2022، إذ بدأت العمالة الوافدة بالعودة بعد اضطرارهم للمغادرة بسبب الجائحة، فيما ارتفع عدد الوظائف التي يعمل بها المواطنون بنسبة 3.4% على أساس سنوي إلى 439 ألف وظيفة بدعم من القطاع العام.
وانتعش نمو أجور المواطنين الكويتيين هذا العام بدعم من القطاعين العام والخاص. وخلال الربع الثالث من عام 2022، ارتفع متوسط رواتب المواطنين الكويتيين بنسبة 1.9% على أساس سنوي بعد تسجيل نموا بنسبة 2.1% على أساس سنوي في الربع الثاني من عام 2022.
كما تسارعت وتيرة نمو أجور القطاع العام إلى 1.6% على أساس سنوي في الربع الثالث من عام 2022، فيما يعد أعلى معدل نمو سنوي منذ عامين. في ذات الوقت، اعتدلت وتيرة نمو أجور القطاع الخاص إلى 3.4% على أساس سنوي في الربع الثالث من عام 2022 مقابل 4.7% في الربع الثاني من عام 2022.
ووفقا لإحصاءات بنك الكويت المركزي، نما الإنفاق الاستهلاكي باستخدام البطاقات المصرفية، بما في ذلك عمليات السحب النقدي من أجهزة السحب الآلي، بنسبة 16% على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2022 مقابل 17% في الربع الثالث من عام 2022. وقد أدى ذلك لزيادة معدل النمو للعام بأكمله إلى 22% على أساس سنوي. أما بالنسبة للأداء على أساس ربع سنوي، فقد ارتفع الإنفاق باستخدام البطاقات المصرفية بنسبة 5% بعد تسجيل تراجع هامشي (-0.3%) في الربع السابق. وكان الإنفاق الاستهلاكي قويا بصفة خاصة في عام 2022 بفضل استفادته من تدابير الدعم الحكومي التي وفرتها الدولة للمواطنين خلال النصف الأول من عام 2022. وفي ظل تلاشي التأثير الإيجابي لتلك التدابير وخفوت تأثير التعافي بعد الجائحة، عادت معدلات نمو الإنفاق الى مستوياتها الطبيعية.
وفيما يتعلق بقنوات الاستخدام، فقد زادت المعاملات التي تم إجراؤها بواسطة بوابات الدفع الإلكتروني (أي عبر الإنترنت) بوتيرة مطردة وحلت محل النقد (انخفاض عمليات السحب من أجهزة السحب الآلي)، مع نمو حصتها من إجمالي الإنفاق إلى 37% مقابل 24% في الربع الرابع من عام 2020. وفي المقابل، بقيت حصة معاملات نقاط البيع ثابتة إلى حد كبير.