أعلنت السلطات التركية اكتمال اعمال الانقاذ في ست مدن من الولايات المنكوبة، في حين حذرت منظمات اغاثية من تفش خطير للأمراض في سورية، مشيرة الى أن كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب البلدين اكبر من ان تقدر اي جهة على تحملها منفردة.
ورغم تضاؤل الآمال في العثور على ناجين بعد مرور 11 يوما على الكارثة، واصلت فرق إنقاذ محلية ودولية انتشال ناجين وإن بوتيرة اقل بكثير من الأيام السابقة. وفيما يشبه المعجزة نجحت فرق الإغاثة في إنقاذ شابة تركية من تحت الأنقاض في ولاية كهرمان مرعش بعد مضي 248 ساعة (11 يوما) على كارثة الزلزال.
وانتشلت الفرق الشابة ألينا أولماز ذات الـ17 عاما، حية من تحت أنقاض مبنى منهار في منطقة «دول قادر أوغلو»، بحسب وكالة الأناضول. وفي كهرمان مرعش التركية مركز الزلزال، علقت صورة لولدين مفقودين على شجرة قرب بناية سكنية كانا يعيشان فيها.
وقال بايرام نجار أحد الناجين من الزلزال ان «والديهما توفيا»، وهو يقف منتظرا مع سكان آخرين يضعون كمامات بينما يرفع حفار كومة ضخمة من الخرسانة المحطمة والقضبان الحديدية الملتوية وراء الشجرة.
وقال إن جثماني الوالدين لايزالان تحت الأنقاض. وأضاف «كان الوالد يدعى أتيلا ولم نعثر على جثمانه بعد. نأمل في أن نعثر على الوالدين بعد أن يزيل الحفارون تلك الأنقاض».
إلى ذلك، أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية (أفاد) أمس أن عدد قتلى الزلزال الذي بلغت شدته 7.8 درجات، ارتفع إلى 36187 قتيلا.
وأضافت أن أكثر من 4300 هزة ارتدادية ضربت منطقة الكارثة. ونقلت قناة «الجزيرة» عن مصادر في «أفاد» اكتمال عمليات الإنقاذ في ولايات ملاطية وعثمانية وكيليس وشانلي أورفا وأضنة.
ونجحت حملة تبرعات نظمتها وسائل الإعلام التركية تحت شعار «قلب واحد»، في جمع نحو 115 مليارا و146 مليون ليرة تركية (أي ما يقارب 6.1 مليارات دولار) خلال نحو 7 ساعات من البث فقط.
وقالت وكالة «الأناضول» ان الحملة شاركت فيها 213 محطة تلفزيونية و562 إذاعة داخل تركيا وخارجها. كما شارك العديد من السياسيين ورؤساء الأحزاب والبنوك ورجال أعمال وفنانين ورياضيين، بمن في ذلك رجال أعمال سوريون تبرعوا بعدة ملايين من الليرات التركية.
هذا، وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» ينس ستولتنبرغ إن زلزال تركيا أكبر الكوارث المميتة والمروعة في أراضي حلف «الناتو» منذ تأسيسه، مؤكدا أن الحلف سيركز الآن على إيواء المشردين وإعادة الإعمار.
وأضاف أن دول الحلف تقف إلى جانب الشعب التركي في كل الأوقات، وأن مواطنيها يجمعون ملايين اليوروهات لمساعدة تركيا. وقال، في مؤتمر صحافي في أنقرة مع وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، إن «الناتو» يبني ملاجئ مؤقتة ويعتزم إرسال «عشرات الآلاف من الخيام» إلى تركيا في الأيام والأسابيع المقبلة.
وأضاف ستولتنبرغ أن الناتو سيستخدم «امكاناته الاستراتيجية للنقل الجوي» لنقل المساعدات.
من جانبه، قال بنك «جيه.بي مورغان» إن الأضرار المباشرة التي لحقت بالمنشآت في تركيا بسبب الزلزال المدمر، قد تصل إلى 2.5% من نمو الناتج المحلي أو 25 مليار دولار.
وذكر البنك أنه يتوقع أيضا أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس أخرى في اجتماعه الأسبوع المقبل إلى 8%.
وفي سورية، التي أضاف الزلزال فيها أزمة جديدة إلى الأزمة الإنسانية والاقتصادية بسبب الحرب الدائرة منذ أكثر من 11 عاما، بلغ عدد القتلى نحو 5800 وهو عدد لم يتغير تغيرا يذكر في الأيام الماضية. ولم تعلن السلطات في تركيا وسورية عدد من لايزالون في عداد المفقودين. ووقع الجزء الأكبر من القتلى في سورية في الشمال الغربي الخاضع لسيطرة المعارضة لكن المنقذين يقولون إنه لم يتم العثور على أي شخص على قيد الحياة هناك منذ التاسع من فبراير وتحول التركيز إلى مساعدة الناجين. وقال متحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لـ«رويترز» إنه حتى أمس مرت 119 شاحنة تابعة للأمم المتحدة عبر معبري باب الهوى وباب السلامة، وهو ما أثار انتقادات لاذعة من المعارضة السورية والمنظمات الاغاثية المحلية، بسبب تأخر تلك المساعدات لأكثر من 5 أيام وانتظار موافقة حكومة دمشق لفتح المعابر مع تركيا. وحذر الأمين العام للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر الدوليين، جاجان شاباجين أمس، من ان سورية قد تواجه تفشيا خطيرا للأمراض، إذا لم يحصل مئات الآلاف من النازحين على مساكن دائمة قريبا، فيما يكافح السوريون لتلقي المساعدات الإنسانية وسط الأزمة المتصاعدة. وقال إن كارثة الزلزال كبيرة لدرجة أنه لا توجد مؤسسة قادرة على الاستجابة لها منفردة. وأضاف أنه «يجب أن نكون في المناطق المنكوبة لمدة عامين، لأن الأزمة طويلة الأمد». وشدد شاباجين، في مقابلة مع وكالة أنباء «أسوشيتد برس»، على أن العائلات التي تعيش في ملاجئ مؤقتة دون تدفئة كافية بحاجة ماسة إلى مساكن دائمة.
وقال: «إنهم مازالوا يعيشون في ظروف بسيطة للغاية في غرف مدرسية شديدة البرودة. إذا استمر هذا لفترة طويلة من الزمن، فستكون هناك عواقب صحية».