فبراير من الأشهر الغالية على نفوسنا جميعا، ولهذا الشهر مكانة خاصة، فنحن نحتفل بأعياد الكويت، العيد الوطني وعيد التحرير، وكذلك أمر آخر يتعلق بهذا الشهر وهو أن تكون به الكويت دولة مستقلة ذات سيادة.
عندما يحل علينا العيد الوطني وعيد التحرير، ينبغي علينا أن نخر ساجدين لله شاكرين فضله ونعمه علينا، فلقد مررنا بتجربة قاسية ومؤلمة، فهل هناك أقسى من فقد الوطن والهوية، وعندما يحل علينا هذان العيدان لابد أن نذكر أو نتذكر ما مر بنا ونعتبر بتلك الأحداث القاسية، وما كان ينتظرنا من بلاء لولا لطف الله ورعايته، وإلا كنا سنصبح من اللاجئين المشردين، اللهم لك الحمد ولك الشكر آناء الليل وأطراف النهار، فقد عادت إلينا كويتنا الغالية، وعدنا إليها وجعلتنا نرى عظمة وقدرة الله على من تجبر، وظن ألن يقدر عليه أحد، فعصفت به وبجنوده إلى أسفل سافلين، وفرقت شملهم وهزمت جمعهم وجعلتهم هباء منثورا، لك الحمد يا الله فلقد طهرت بلدنا من دنس عدو مغتصب لا يرحم، عاث في ارضنا فسادا وتدميرا، وأشعل في مصدر رزقنا حرائق ظن أنها لن تخمد إلى يوم يبعثون (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).
نحمدك يا ربنا لقد هيأت من حارب ووقف معنا ومع الحق وانتزع بلدنا من براثن الطاغية وأزلامه، وحررنا تراب الكويت من دنس البعث الصدامي، لك الحمد نصرتنا وانتصرت لكل المستضعفين في الأرض، فعلينا جميعا ونحن نستقبل أعيادنا الوطنية أن نترحم على شهدائنا الأبرار الذين فاضت أرواحهم الطاهرة فداء لتراب الكويت، وأن نتأدب بآداب هذه المناسبة العظيمة بأن نحسن الاحتفال ولا نتجاوز الأدب في احتفالاتنا، فإذا كان الله عز وجل قد أمدنا بأسباب النصر فلنحفظ للمولى عز وجل كرماته، ولا نسيئ بارتكاب المعاصي بدعوى الاحتفال بالنصر، فالاحتفال بالنصر يكون بالتقرب إلى الله وذكره، وأخذ العظة والعبرة مما حدث لنا، والترحم على شهدائنا وشهداء من وقف معنا، فنحن نحتفل بهذه الأعياد ورسم البسمة على شفاه الناس لا نستغل هذه الأجواء بالرقص والمجون، فقد اشتكى كثير من الناس الأعوام السابقة من التصرفات الطائشة الصبيانية، كالرقص في الشوارع وتشغيل الأغاني الهابطة التي ابتلينا بها، وفتح سيارات العائلات ورش الصابون والرغوة التي تسبب أمراض العيون، وليس التحرش بالنساء والتزاحم معهن من آداب الاحتفال، وليس التشفيط بالسيارات واستظهار البراعة وارتكاب الحوادث دلالة على الفرح والسرور.
إن الله سبحانه وتعالى عندما نصرنا على أعدائنا إنما نصرنا بفضله وقدرته ثم بفضل الدول العربية والإسلامية والصديقة والأجنبية وأعمال البر والتقوى والخير التي كانت ومازالت تقدمها الكويت إلى كل محتاج في جميع بلدان العالم، فلا تفسدوا علينا فرحة التحرير والنصر وتحولوا هذا العرس الجميل إلى حوادث لا تحمد عقباها، ولنجعل احتفالاتنا فرصة بالقرب إلى الله، واستذكار نعمه علينا، واستذكار شهدائنا وشهداء من دافع عنا الذين فاضت أرواحهم فداء للكويت، علموا أولادكم حب الوطن وآداب الاحتفال، واشرحوا لهم المرارة التي عشناها في فترة الغزو، وعلموهم نعم الله علينا، وعلموهم أن يقدسوا الشهادة في سبيل الوطن، وان يقدموا أرواحهم فداء للكويت، وعمقوا فيهم الولاء والانتماء لهذه الأرض الطيبة المعطاءة.
أرجو أن تعيد الحكومة خلال السنوات القادمة المسيرات الجميلة بالمركبات، وقد آن الأوان لتكون لاحتفالاتنا معان كبيرة زاخرة وكلمات رائعة تعتز وتفخر بها الأجيال، فليحصد الأبناء ما زرعه لهم الآباء، ولابد أن نتذكر جميعا أمير القلوب الراحل سمو الشيخ جابر الأحمد، وحبه للكويت وترابها، ونتذكر سمو الأمير الراحل الشيخ سعد العبدالله ومحبته للكويت وتراب الكويت، ونتذكر سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد وحبه للكويت، ونتذكر شهداءنا الأبرار وشهداء من وقف مع الكويت الذين فاضت أرواحهم ودماؤهم زكية طاهرة على تراب الكويت، وان نتمسك جميعا بتعاليم الإسلام السمحة، ونتوجه إلى الله بالشكر الكثير أن من علينا بهذا النصر العظيم.
قال الشاعر:
حزت نصرا يا كويت العرب
وتسامى شعبك الحر الأبي
وسمت أعلامنا خفاقة
فوق هامات النجوم والشهب
اللهم احفظ بلدي الكويت وأميرها وشعبها والمخلصين لها من كل مكروه، اللهم آمين.
[email protected]