كنت بالسابق أنظر إلى موضوع التحول من إنجاز المعاملات الورقية إلى المعاملات الإلكترونية على أنه تحد لنتخلص من الورق في الخدمات المختلفة في الحكومة وخطوة لتقليل الدورة المستندية وتقليل المراجعات لدوائر الحكومية وبالتالي تقليل عدد المراجعين.
إلا أنه وبعد أن وصلنا إلى نقطة مهمة خلال السنتين الماضيتين في التحول الإلكتروني والبوابات الإلكترونية الحكومية ونهاية إلى تطبيق «سهل» الشامل للمعاملات والخدامات الحكومية، ظهر لنا تحد آخر أشبه بالبحر لعمق ذلك المجال المتطور بسرعة والمتشعب في التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي.
إن هذا التحدي هو في كيفية حماية هذه البوابات الإلكترونية والرقمية ومحتواها والمعلومات السرية خلفها وأيضا حماية الأموال التي تم تحصيلها نظير دفع الرسوم مقابل الخدمات المختلفة.
ولا يخفى عليكم جميعا، تصلنا وبشكل متكرر رسائل إلكترونية على الهواتف والبريد الإلكتروني تنتحل صفة الجهات الرسمية ووصل الأمر الآن من خلال الاتصال بالفيديو صوتا وصورة، بزي رسمي لجهات أمنية لإيهام الناس بأنها حقيقية لتنفيذ عمليات الاحتيال الإلكتروني.
هذا الأمر ليس بجديد ولكنه يتطور بسرعة في استغلال أساليب جديدة، لم يعد «الهاكرز» التقليديون أي مخترقو البوابات والثغرات الإلكترونية وحدهم الخطر علينا، فقد تعددت الوسائل والهدف واحد وهو التحايل والنصب والسرقة للمعلومات والأموال.
نعلم أن لكل شيء جانبا سلبيا وآخر إيجابيا، وما يهمنا الجانب الإيجابي للارتقاء بالعمل والتطور في تقديم الخدمات، وأيضا يهمنا الجانب السلبي لنعرف كيف نحمي أنفسنا من الاستغلال والسرقة.
اليوم الأمن السيبراني تهتم به الحكومات وتنظم له المؤتمرات وتبادل الخبرات على كل المستويات، أبرزها الأمنية والعسكرية والمالية.
ومن المهم تثقيف المجتمع بهذا الشأن، حيث إن ذلك يزيد من الوعي لدى الناس لتفادي استغفالهم من المتربصين بهم لكي يقعوا بفخ النصب والاحتيال.
والأمر الأكثر أهمية هو اكتساح الذكاء الاصطناعي فهل تتخيل أن يتوقع جهازك اللوحي بماذا تفكر؟ أو هاتفك الذكي يمكنه معرفة جميع المعلومات مثلا بغرض التسويق واستهدافك لمعرفة ماذا تحب أن تأكل أو تشرب والى أي واجهة تبحث للسفر؟
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يدير مصنعا للسيارات أو مصنعا للأدوية أو حتى مفاعلا نوويا!
كذلك لا نستبعد أن تستحدث وزارة في الحكومة خاصة بالذكاء الاصطناعي فمدى أهمية هذا المجال واتساعه كالبحر سيغزو ججميع المجالات ولا حدود للاستفادة منه.
في السابق كانت شهادة ICDL في علوم الكمبيوتر مطلبا مهما للوظيفة أما حاليا فنحن نحتاج الى المزيد بإدخال مواد علمية في المراحل الدراسية والجامعات تختص بالأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي.
يجب أن نستثمر في عقول البشر وتحديدا الشباب، ومن يمتلك مهارات متميزة يتم استقطابه لتدريبه وتعليمه لكي لا يتجه للجانب السلبي للتكنولوجيا بل نطورها بالاتجاه الإيجابي من خلال دورات ومؤتمرات وجوائز تشجيعية.
بالنهاية، لم يعد التغيير في القيادات إلى الوجوه الشابة كافيا بل يجب التركيز أيضا على ما يتسلح به هؤلاء الشباب من علم حديث ومهارات تمكنهم من التوازن مع متطلبات العصر الحديث.
٭ في الختام: لن نصل إلى نتيجة مختلفة أبدا إذا فكرنا بالأسلوب نفسه كل مرة فهل ستكون وسيلتنا الجديدة «الذكاء الاصطناعي» مخرجا لعثراتنا البشرية المتكررة، فنرى كل شيء مدروسا بالكم والنوع وينجز بالوقت المحدد؟ دمتم بخير.