إسقاط ساخر شاهدته في أحد الأفلام الكوميدية لمراجع مسن ممسكا عكازه ينتظر انتهاء معاملته تحت لوحة لمبنى حكومي اسمه «بيروغراطية» يسأله أحد المارة: ما هي معاملتك؟ ويرد: استخراج شهادة ميلاد..!
قصص طول الدورة المستندية لانتهاء المعاملات الحكومية التي تأخذ من عمرنا وتؤخر مصالحنا ومصالح الدولة وعدم احترام الوقت لا تحتاج إلى أمثلة حيث يقع في شباكها كل يوم كل من يقرأ هذه المقالة (ما عدا الحيتان)، حيث تتمزق بمرورهم حبال البيروقراطية.
برسالة «واتساب» وتخلص كل معاملاتهم وتعود بملف «واتساب»، لذلك بعض المسؤولين من طبقة «الحيتان» لا يشعرون بما تعانيه «الأسماك الصغيرة» وهي تسبح في محيط البيروقراطية، إلا بعد أن تعود كسمكة بسيطة بعد أن تتقاعد من وظيفتها كحوت.
وبعيدا عن «زفرة البيروغراطية» ما زلت أتذكر الحلقة النقاشية التي جمعت عددا من رجال الاقتصاد ونواب في مجلس الأمة ووزراء سابقين تمت في مؤتمر عقد في غرفة التجارة والصناعة 12 يوليو 2007 الذي خصص لمناقشة الدور التنموي والاجتماعي للقطاع الخاص، حيث ذكر أن الحكومة والمجلس لا يريدون لهذه الدورة المستندية أن تقصر!، بحيث يجب أن تتعطل معاملة المواطن ويحتاج إلى النائب لمساعدته في إنجازها عبر مرور النائب إلى الوزير الذي سيتجمل على النائب ليقف معه ومع المواقف الحكومية في التصويت بمجلس الأمة! فلو أصبحت كل المعاملات سهلة وإلكترونية كبقية الدول المتقدمة التي حولنا، فلن يحتاج المواطن إلى النائب سوى في التشريع والمراقبة، وسيجبر الوزير على محاربة الفساد، دون السماح بليّ ذراع النواب بتمرير المعاملات وعدم تعطيل مصالح الناس.
وانتقد التعامل الحكومي مع تجاوزات شركات القطاع الخاص آنذاك من خلال فسخ عقود الـ BOT، والتشديد على ضرورة البحث عن وسائل أفضل للتعامل مع مخالفات الشركات بما يضمن استمرار الوفاق بين الطرفين.
كما حمّل مجلس الأمة «المسؤولية كاملة» عن عرقلة مشروعات الخصخصة وإفساح المجال أمام القطاع الخاص لممارسة الدور التنموي المنشود.
كما تم التنويه إلى غياب الخطة والرؤية الواضحة لدى الحكومة للنهوض بالاقتصاد الوطني، حيث إن القطاع الخاص يخوض معركة إثبات وجود خاضها في السابق، وأثبت انه على قدر المسؤولية ولابد أن تتاح له الفرصة لأن يكون شريكا في التنمية، لا أن يقتصر دوره على «متلق ومنفذ».
[email protected]