من يجلس ليتفكر ويفكر فيما مرت به الكويت من أحداث وأزمات سيجد رصيدا هائلا وأرضا خصبة يمكن أن تتحول لمنتجات وثمار أدبية وروائية مكتوبة أو أعمال فنية من مسرحيات ومسلسلات وأفلام بأنواعها.
لا أعني بذلك قصصا حول الماضي القريب خلال العشرين والثلاثين عاما الأخيرة، بل ما يتجاوز ذلك من أحداث وقعت ما قبل تأسيس الدولة الدستورية الحديثة.
المجتمع الكويتي كان دائما محورا لأحداث عديدة، فعلى سبيل المثال لا الحصر دون ترتيب، لدينا سنة المجلس والطاعون وسنة الهدامة والطفحة والبطاقة، وبناء السور، ومعارك الرقة وهدية والجهراء والصريف، والاستقلال والدستور، وحادثة الصامتة، وانتخابات 1967 ودواوين الاثنين، وأزمتا المناخ وتفجيرات المقاهي الشعبية والمنشآت النفطية ومحاولة اغتيال الأمير الراحل جابر الأحمد، واختطاف كاظمة والجابرية، والغزو العراقي الغاشم ومؤتمر جدة والتحرير والأسرى، وإعادة الإعمار وإسقاط نظام المقبور صدام حسين، وديوان الحربش والحراك، وخلية العبدلي ومسجد الصادق وداعش، وغيرها الكثير من الأحداث.
ترك هذا التاريخ الزاخر بالقصص دون توثيقه أدبيا وفنيا، يعني ترك فراغ حقيقي سيأتي أحدهم يوما ليملؤه بما يريده من إسقاطات تسيء للمجتمع والرموز.
كما حدث في مسلسل الجابرية 422 الذي حاول محاكاة جريمة اختطاف طائرة الجابرية في عام 1988، ولكن المسلسل فشل بشكل كبير بسبب الرفض الشعبي له وللإساءة للرموز الوطنية من خلال المسلسل.
الفن والثقافة قوة ناعمة مؤثرة جدا، ولكنها قوة غير مستخدمة لضياع البوصلة.
وممكن أن ترد الكويت على أي إساءة أو هجوم إعلامي من خلال الفن والمثقفين، فلا مسلسل ولا منصة تستطيع الوقوف أمامنا إذا تم استخدام الإمكانيات والأدوات بشكل ذكي.
عندما يكتب الأديب الكويتي، أو يمثل الممثل الكويتي، أو يغني الفنان باللهجة الكويتية، فرسالته وصوته يملآن الخليج العربي واليمن والشام ومصر حتى السودان ودول المغرب العربي.
وهذه حقيقة يعلمها من يرى تأثير الاجتهادات الأدبية والفنية في السابق والآن، لأن لهجتنا سهلة وانسيابية ومفهومه في أغلب الدول، كما هو الحال في اللهجة المصرية والسورية.
الفكر يواجه بالفكر، والثقافة بالثقافة، والأدب بالأدب، والفن بالفن، علينا أن نصدر.. نصدر روايتنا عن الأحداث المهمة في تاريخ هذا البلد الذي واجهه ما لم يواجهه بلد آخر من باب التوثيق لضمان عدم تزوير وتحريف أو لوي التاريخ.
المطلوب هو مشروع دولة، يقوده مختصون ومخلصون، فهل وزارة الإعلام والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب معنا على الخط، أم في سبات عميق؟!
[email protected]