- المواطنون اعتادوا على نظام رعاية شامل يوفر لهم جميع احتياجاتهم.. من الإسكان للتوظيف
- 84 % من الكويتيين يعملون بالقطاع العام ويحصلون على متوسط راتب شهري 5 آلاف دولار
- إنهاء خدمات مئات الآلاف من العمال المصريين والهنود والباكستانيين.. يبقى مجرد حلّ مؤقت
- صندوق الثروة السيادي البالغ 790 مليار دولار يبقى الداعم للكويت لتحمّل الصدمات الخارجية
محمود عيسى
قالت مجلة غلوبل فاينانس إن الكويت تجني ثمار ارتفاع أسعار النفط والغاز، لكن عدم وجود إصلاحات يلقي بثقله على التوقعات الاقتصادية للبلاد، مشيرة إلى أن أسعار الطاقة المرتفعة خلال 2022 أدت لارتفاع عائدات النفط بالكويت بنسبة 85%، مما أدى إلى نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 8.5% وانخفاض العجز المالي بنسبة 70%، وهو أول انخفاض منذ 3 سنوات.
ونقلت المجلة العالمية عن الرئيس التنفيذي لبنك الكويت الوطني ـ الكويت صلاح الفليج، قوله: «بينما واجه العالم توترات بسبب الحرب في أوكرانيا وتأثيرها على المشهد الاقتصادي العالمي، كانت البيئة التشغيلية بالكويت إيجابية بشكل أساسي، بسبب ارتفاع النفط والطلب المكثف بعد الجائحة الأمر الذي شجع الإنفاق الاستهلاكي».
ونظرا إلى أن البلاد تستحوذ على تاسع أكبر احتياطيات نفطية في العالم، تبدو محصنة نسبيا من الركود العالمي الذي يلوح في الأفق، وارتفاع مستويات التضخم، وتعطل سلاسل التوريد، ومع ذلك ترى المجلة أن الكويت تواجه تحديات قوية خاصة بها.
وفي هذا السياق، تقول «غلوبل فاينانس» إن الكويت في العام الماضي كانت محظوظة بارتفاع أسعار النفط، حيث تنقل عن يعقوب أحمد باقر العبدالله، أستاذ مساعد في قسم التمويل في جامعة الكويت قوله: «ارتفاع أسعار النفط أعطى للاقتصاد بعض الحرية فيما يتعلق بالسيولة، لكن النظر إلى الأمور من منظور أكبر، يتضح أن الوضع غير مستدام حقا».
وفي حين تعمل دول الخليج الأخرى بنشاط على إصلاح اقتصاداتها لتكون أقل اعتمادا على إنتاج الوقود الأحفوري، لايزال النفط يمثل 91% من كل من الصادرات والإيرادات الكويتية، وفقا لبيانات وزارة المالية، مما يجعل الكويت دولة غنية للغاية ولكنها مع ذلك تمتلك اقتصادا ضعيفا للغاية. هذا ويتحرك الاقتصاد بالتزامن مع حركة أسعار النفط، فعندما انخفضت الأسعار في 2014، سجلت ميزانية البلاد عجزا لمدة 5 سنوات، غطته بسحب أموال من صندوق الاحتياطي العام، وفي عام 2020، عندما تراجعت عائدات النفط بسبب جائحة كورونا تقلص الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9.9% وكادت الكويت تقريبا أن تعجز عن دفع رواتب موظفي القطاع الحكومي.
ونقلت «غلوبل فاينانس» عن جهاد الحميضي، الرئيس التنفيذي في البنك الأهلي المتحد الكويت، قولها: «سيستمر تقلب أسعار النفط مما سيؤثر على الناتج المحلي الإجمالي للكويت»، وترى الحميضي أن الإصلاحات السريعة في مجالات مثل التنويع الاقتصادي والإدارة المالية وسوق العمل والإسكان ضرورية في هذه المرحلة.
وبغض النظر عن التداعيات السلبية، تقول المجلة إن النفط لا زال الأساس بالنسبة للكويت، ففي أواخر عام 2022 بدأت الحكومة تشغيل مصفاة نفط جديدة في الزور وتخطط لتوسيع الإنتاج حتى عام 2027، كما أعلنت الحكومة عن استثمار بقيمة 120 مليون دولار لبناء أكبر مركز لأبحاث البترول في العالم، بهدف تحسين تقنيات الإنتاج والتكرير. من جانبهم، حذر مراقبون دوليون ومحليون الكويت مرارا وتكرارا من «لعنة النفط»، ودعوا إلى إصلاحات مالية، لكن الثقافة الريعية عميقة الجذور، فالمواطنون اعتادوا على نظام رعاية شامل يوفر لهم جميع احتياجاتهم، من الإسكان والصحة وصولا إلى المعاشات التقاعدية وحتى التوظيف. وتستطرد المجلة في مقالتها بالقول إن 84% من المواطنين يعملون في القطاع العام بمتوسط راتب شهري قدره 5 آلاف دولار، ونتيجة لذلك، تمثل الأجور والإعانات 76% من الإنفاق العام، مما يترك مجالا ضئيلا للغاية للإنفاق الرأسمالي.
وقالت إنه في غياب الإصلاح، سيصبح النموذج الاقتصادي للكويت قريبا محدودا، وإذ نظرا إلى أن 52% من السكان أعمارهم أقل من 24 عاما، يتوقع الخبراء أن هناك حاجة إلى 96 ألف وظيفة جديدة لاستيعاب الخريجين الشباب بحلول عام 2025، و298 ألف بحلول عام 2035. وأشارت المجلة إلى أنه لتوظيف هذه الأعداد، تهدف الكويت إلى خفض عدد العمالة الوافدة في سوق العمل، وبدأت بإنهاء خدمات مئات الآلاف من العمال المصريين والهنود والباكستانيين، لكن حتى هذا مجرد حل مؤقت من وجهة نظر «غلوبل فاينانس».
وتابعت أنه في العام الماضي، كانت دول الخليج من بين الاقتصادات الأسرع نموا في العالم، حيث أدت أسعار الطاقة المرتفعة في 2022 إلى ارتفاع عائدات النفط في الكويت بنسبة 85%، مما أدى إلى نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 8.5% وانخفاض بنسبة 70% في العجز المالي ـ وهو أول انخفاض منذ 3 سنوات.
وأشارت مجلة «غلوبل فاينانس» إلى أنه قبل بضع سنوات، بدأت الأمور في الواقع بشكل جيد بالنسبة للكويت، التي كانت من بين أوائل الدول في المنطقة التي سنت قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والسماح بالملكية الأجنبية بنسبة 100% للشركات في معظم القطاعات وإنشاء هيئة تشجيع الاستثمار الاجنبي المباشر للإشراف على الاستثمارات الأجنبية المباشرة وترخيص الشركات وتنظيم الاعفاءات الضريبية.
وكانت الخطة التي تضمنتها استراتيجية رؤية الكويت 2035 تتمثل في الاستفادة من موقع الكويت بين أوروبا وآسيا لتحويل البلاد إلى مركز للتجارة والخدمات اللوجستية، وكانت احلام الكويت وطموحاتها كبيرة. وكانت الفكرة تقوم على بناء 3 مناطق اقتصادية جديدة على الأقل بالإضافة إلى مدينة الحرير، وهي تكتل حضري مستقبلي قوامه 130 مليار دولار ومن شأنه أن يعزز نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة تتراوح بين 13% و16%، وان يخلق أكثر من 200 الف فرصة عمل. وتبلغ القيمة الإجمالية للمشاريع المخطط لها والتي قيد التنفيذ أكثر من 170 مليار دولار حسب الارقام الصادرة عن هيئة تشجيع الاستثمار المباشر، لكن لم يتم تحقيق سوى القليل منها بالفعل، وتلقي السلطات باللوم في بعض التأخيرات الأخيرة على وباء كورونا وتقول أن الأعمال التجارية ستعود الآن إلى مسارها الصحيح.
وفي حين أن الإصلاح بطيء، يمكن للكويت دائما استخدام صندوق الثروة السيادي البالغ 790 مليار دولار لتحمل الصدمات الخارجية وكسب المزيد من الوقت. وسيبلغ متوسط صافي الأصول الأجنبية السيادية للكويت 470% من الناتج المحلي الإجمالي في 2022-2024، حسب توقعات وكالة فيتش، وهو الأعلى بين جميع الدول المصنفة لدى الوكالة.
جذب 350 مليون دولار استثمار أجنبي مباشر
ذكرت المجلة أنه وفي السنة المالية 2021-2022 قالت المجلة إن الكويت جذبت 350 مليون دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر، وفي أوائل عام 2023، دخلت Google Cloud في شراكة مع الحكومة لدعم التحول الرقمي للبلاد.
8 شركات عائلية تخطط للطرح بالبورصة خلال عامين
قالت مجلة «غلوبل فاينانس» إن هناك 8 شركات عائلية كويتية أعلنت أنها ستجري عمليات طرح اولي عام في بورصة الكويت خلال العامين المقبلين، وبالنظر إلى المستقبل، يتوقع البنك الدولي تباطؤ النمو إلى 2.5% في 2023، لكن التوقعات لاتزال إيجابية بالنسبة للكويت.