إن الفرز اليدوي في الديموقراطيات وان كان بطيئا، ولكن هو بالنهاية أدق، وأيضا يصنع طمأنينة في النتائج إذا صح التعبير، وهذه العبارة نقولها لمن يريد أن يدخل التكنولوجيا في العملية الديموقراطية عندنا بدون دراسة وتقييم يعرف ويقدر المخاطر المترتبة على هكذا أمر.
حيث كشف تحقيق جديد لاتحاد الصحافيين الدوليين عن وجود فريق «صهيوني» تحت غطاء «شركة» يتدخل بالانتخابات في العديد من الدول ويتلاعب بسير حملاتها باستخدام القرصنة والتخريب والمعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد طال ذلك أكثر من 30 عملية انتخابية حول العالم. وعلقت صحيفة الغارديان البريطانية بأن هذا الدليل على وجود سوق خاص عالمي في المعلومات المضللة التي تستهدف الانتخابات سيقرع أجراس الإنذار للديموقراطيات في جميع أنحاء العالم، وكذلك صناعة رأي عام «مزيف» ولا يعكس الحقيقة، وأيضا خلق التضليل والابتزاز لأسباب أمنية أو اقتصادية والقيام بحملات هندسة الوعي للرأي العام للتحكم في القرار السياسي عن طريق آلاف من الحسابات المزيفة في شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة.
وهذا كذلك به إسقاط لسيادة الدول، واختراق للشعوب داخلها، وهذا يعطينا الدليل الكافي على أن دخول التكنولوجيا قد غيرت مفاهيم اللعبة الانتخابية، ومنها يأتي الحذر من مسألة وسائل التواصل الاجتماعي ومسألة «تجميع بيانات المشتركين» وما تحتويه من معلومات خاصة وسرية والسماح بالدخول على الأجهزة الشخصية، وكذلك التكاثر للحسابات الوهمية «للغرباء عن الوطن» والسماح لهم في الكلام في السياسة المحلية وتسقيط «رجال الدولة» وهذه كلها أمور أمنية خطيرة وحساسة يجب التعامل معها بكل جدية وحزم.
نحن في الكويت نحمد الله على أن الانتخابات عندنا «يدوية» وتحت سمع وعين قضائنا الشامخ النزيه المستقل كـ «سلطة» والمعروف بحياده وأدائه القانوني المميز في ظل رعاية سامية وحكيمة من القيادة السياسية لأصحاب القرار في البلد.
إن دخول المسألة التقنية في الانتخابات تمثل حالة من الخطر الأمني علينا كـ «دولة صغيرة» في الحجم وقليلة السكان، وان كنا من أصحاب النفوذ والفعل الدولي الكبير في تأثيره مع الاحترام المستحق من جميع الأطراف الدولية الذي يأتينا، ولكن من يطالب بإدخال التكنولوجيا الحديثة في انتخاباتنا هو كمن يطلب إدخال المشاكل إلى داره وهو ليس لديه مشكلة أساسا!؟ لكي تغرق أنفسنا في «معمعات أمنية» استخباراتية ودوائر شائكة متشعبة، فشل الآخرون الأفضل منا في التكنولوجيا وصناعتها وتصديرها نقول إن هؤلاء «فشلوا» في التصدي لها؟! فإذا كانت الدول المتقدمة تكنولوجيا تم اختراقها من كل اتجاه فما بالك عندنا؟! في بلدنا ماذا سيحدث؟