تسببت الأزمة التي عصفت بمصرف «سيليكون فالي بنك» (إس في بي) الذي أغلقته السلطات الأميركية، الجمعة، في موجة من الذعر عبر القطاع المصرفي، مع تساؤل الأسواق عن عواقب أكبر إفلاس مصرفي في الولايات المتحدة منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008، إذ لم يعد البنك قادرا على التعامل مع عمليات السحب الهائلة التي قام بها عملاؤه لأموالهم، خصوصا اللاعبين في مجال التكنولوجيا، كما لم تنجح محاولاته لزيادة رأس المال بسرعة.
حدث ذلك وسط رسائل تطمينية من الكونغرس والبيت الأبيض والخزانة الأميركية، كون البنك هو شريان الحياة للنظام البيئي للتكنولوجيا، وأن النظام المصرفي الأميركي أقوى بشكل أساسي مما كان عليه خلال الأزمة المالية لعام 2008،
وحول إمكانية إنقاذ «إس في بي»، يقول عضو الكونغرس من الدائرة الـ 17 في كاليفورنيا - والتي تضم جزءا من وادي السيليكون، رو خانا، إن البنك يعد «شريان الحياة للنظام البيئي للتكنولوجيا»، ولا يمكنهم تركه يفشل، فيما رآت «إيكونوميست» إن التدخل الحكومي لا يحظى بشعبية، لكنه قد يكون الخيار الوحيد.
يأتي ذلك فيما قال وزير الخزانة السابق لاري سمرز إنه إذا تدخلت الدولة فلا داعي للقلق من أن انهيار «إس في بي» سيضر أجزاء أخرى من النظام المالي.
وفي نهاية عام 2022، كان لدى البنك أصول بقيمة 209 مليارات دولار وودائع مقدارها 175.4 مليار دولار، ورغم أنه غير معروف كثيرا للعامة، كان «سيليكون فالي بنك» المصرف الأميركي الـ 16 من حيث حجم الأصول، ما يعني أن إغلاق «إس في بي» لا يمثل أكبر عملية إفلاس مصرفي منذ إغلاق بنك «واشنطن ميوتشوال» للادخار في عام 2008 فحسب، بل أيضا يمثل ثاني أكبر إفلاس لبنك بالتجزئة في الولايات المتحدة.
وانخفض سعر سهم البنك بنسبة 60% يوم الأربعاء الماضي ثم 70% أمس الجمعة، وفشلت كل مناشدات إدارته للعملاء بدعمه، وأخيرا تم الإعلان عن وقف التداول في أسهمه وحجز ودائع عملائه، مما يعني الإعلان عن انهياره.
وأعلــنـــت السلطـــات الأميركية، الجمعة، أنها أغلقت مصرف «سيليكون فالي بنك» المقرب من أوساط التكنولوجيا والذي وجد نفسه فجأة في حالة عسر وأنها عهدت إدارة الودائع إلى المؤسسة الفيدرالية لتأمين الودائع في الولايات المتحدة (FDIC).
وتخـطــط المؤسســـة الفيدرالية لتأمين الودائع في الولايات المتحدة لإعادة فتح فروع البنك البالغ عددها 17 والتي تتخذ في كاليفورنيا وماساتشوستس مقرا، الإثنين، والسماح للعملاء بسحب ما يصل إلى 250 ألف دولار على المدى القصير، وهو المبلغ الذي عادة ما تضمنه المؤسسة.
وأوضـحـــت المؤسسة الفيدرالية أن هيئة الحماية المالية والابتكار في كاليفورنيا (DFPI) هي التي استحوذت رسميا على المصرف، مشيرة إلى «عدم كفاية السيولة والإعسار».
وأكدت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، الجمعة، قبيل إعلان إغلاق المصرف، أنها تتابع «عن كثب» الوضع في القطاع المصرفي. وحددت مجلة «إيكونوميست» أسباب انهيار البنك في أن ودائعه تضاعفت أكثر من 4 مرات خلال 4 سنوات (من 44 مليار دولار في 2017 إلى 189 مليارا في نهاية 2021)، فيما نمت قروضه التي يقدمها للشركات الناشئة من 23 مليار دولار إلى 66 مليارا.
ونظرا لأن البنوك تجني الأرباح من الفارق بين سعر الفائدة الذي تدفعه على الودائع والسعر الذي يدفعه المقترضون فإن وجود قاعدة ودائع أكبر بكثير من دفتر القروض يمثل مشكلة يقتضي حلها حصول البنك على أصول أخرى تحمل فائدة، لذلك نجد البنك قد استثمر بنهاية 2021 مبلغ 128 مليار دولار، معظمها في سندات الرهن العقاري وسندات الخزانة بأسعار مرتفعة (أسعار الذروة).
ذعر في الأسواق
بدأت موجة الذعر في الأسواق الخميس، بعدما أعلن «إس في بي» أنه يسعى لزيادة رأس المال بسرعة لمواجهة عمليات السحب الهائلة التي أجراها عملاؤه لأموالهم، بالإضافة إلى خسارة 1.8 مليار دولار من بيع أوراق مالية.
وقد فاجأ الإعلان المستثمرين وأحيا المخاوف حول متانة القطاع المصرفي ككل، خصوصا مع الارتفاع السريع في أسعار الفائدة الذي يؤدي إلى انخفاض قيمة السندات في محافظهم، وخسرت أكبر 4 مصارف أميركية 52 مليار دولار في البورصات، الخميس، وأعقبتها المصارف الآسيوية ثم الأوروبية.
الخزانة الأميركية: لا خطر
نسب إلى وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين قولها إنها تراقب حاليا عدة بنوك في ضوء ما حدث لـ «إس في بي»، ولحسن الحظ لا يوجد خطر على تلك البنوك في الوقت الراهن.
البيت الأبيض: النظام المصرفي أقوى
وأكد البيت الأبيض، الجمعة، أنه يثق بقرار المنظمين الماليين، وأعربت سيسيليا روس، التي تترأس مجلس المستشارين الاقتصاديين التابع للبيت الأبيض، عن ثقتها في المنظمين عندما سئلت عن إغلاق البنك. وشددت روس على أن النظام المصرفي الأميركي أقوى بشكل أساسي مما كان عليه خلال الأزمة المالية لعام 2008.
البنك المتضرر في سطور
وفي نهاية عام 2022، كان لدى «سيليكون فالي بنك» وضعه داخل السوق الأميركي إذ كان لديه أصول بقيمة
209 مليارات دولار، ليحل في المرتبة الـ 16 أميركيا لجهة حجم الأصول، بينما بلغت قيمة الودائع لديه نحو 175.4 مليار دولار.