محمود عيسى
ذكرت وكالة «ستاندرد آند بورز» العالمية للتصنيف الائتماني «S&P»، أن تأثير تحول الطاقة على أسعار النفط والغاز ورغبة المستثمرين والعملاء في التمويل سيكون عاملا مهماً في تصنيف الجدارة الائتمانية طويلة الأجل للبنوك في دول مجلس التعاون الخليجي.
وقالت الوكالة إن السنوات الثلاث التي انقضت منذ أن نشرت لأول مرة تقريرها عن تعرض البنوك الخليجية لتحول الطاقة، ظل انكشافها على القطاعات الأكثر عرضة لمخاطر تحول الطاقة كما هو على نطاق واسع.
ويتمثل تحول الطاقة انتقال قطاع الطاقة العالمي من استخدام الأنظمة القائمة التي تعمل على الوقود الأحفوري ـ بما فيها النفط والغاز الطبيعي والفحم ـ إلى مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية.
وقالت «وجدنا أن التعرض لهذه القطاعات ظل مستقرا على نطاق واسع خلال السنوات الثلاث الماضية، عند حوالي 12% من إجمالي الإقراض في المتوسط في نهاية عام 2022، وتبين أن البنوك العمانية والقطرية هي الأكثر انكشافا بنحو 15% و13% على التوالي كما في 31 ديسمبر 2022، اما البنوك الكويتية فان لديها ادنى مستويات الانكشاف حيث تبلغ 10% وذلك عائد لتزايد الانكشاف الكبير على قطاعي التجزئة والعقارات في السوق الكويتية».
ولكن الوكالة قالت إنها ما زالت تعتقد بأهمية بعض المزايا التنافسية كانخفاض تكاليف الانتاج والقدرة على زيادة الطاقة الإنتاجية بمرونة في تحسين وضع اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي بشكل جيد في التحول العالمي للطاقة.
ويلاحظ أن البنوك الخليجية تحاول النهوض بأجندة الاستدامة الخاصة بها من خلال زيادة عروض التمويل المستدام للعملاء والمساهمة في الجهود الحكومية لإزالة للتخلص من الكربون، كما استفاد عدد قليل من البنوك من أسواق رأس المال الدولية من خلال السندات والصكوك المستدامة، بما في ذلك السندات والصكوك الخضراء. ونتوقع أن يستمر هذا الاتجاه حيث تسعى البنوك للمحافظة على اهتمام المستثمرين العالميين، نتوقع أيضا تحسن الإفصاح عن مخاطر التحول المناخي.
وقالت الوكالة إنها تتوقع من الجهات التنظيمية الخليجية أن تتبنى نهجا تقدميا واتخاذ إجراءات تنظيمية أكثر جرأة في المنطقة لتشجيع البنوك على تسريع تحولها نظرا لأهمية النظم المصرفية المحلية في تمويل اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، في ظل غياب أسواق رأس المال المحلية الواسعة وعميقة الجذور.
وحول كيفية تأثير تحول الطاقة على الجدارة الائتمانية للبنوك الخليجية، قالت الوكالة: إن انكشاف البنوك على مخاطر انتقال الطاقة في دول المجلس يتركز في ناحيتين اولاهما مخاطر الائتمان وثانيهما انخفاض شهية المستثمرين والعملاء، وترى الوكالة أن تعرض البنوك هو الأكثر في القطاعات الأشد عرضة لتحول الطاقة كالنفط والغاز والتعدين واستغلال المحاجر والتصنيع وجزء من توليد الطاقة لأنها تتمتع بواحد من أعلى معدلات الانبعاثات ومن المرجح أن تتأثر، بالاضافة للإقراض المباشر للحكومات، وذلك نظرا لهيكل اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي. وبسبب عدم دقة إفصاحات البنوك، قالت الوكالة ان شركات النفط الكبرى في دول المجلس مرتبطة في الغالب بالحكومات، بينما لا تفصح البنوك عادة علنا عن تفاصيل إقراضها للحكومات حسب التوزيع القطاعي، ما تفترض معه أن انكشاف البنوك ذات التصنيف الكبير يتضمن أن 30% ـ 40% من الاقراض الحكومي هو لقطاعات عرضة لمخاطر تحول الطاقة.
وقد ظل تعرض البنوك الخليجية مستقرا على نطاق واسع حيث تركز ما نسبته 12% من الاقراض المصرفي على هذه القطاعات كما في 31 ديسمبر 2022.
وسيكون تأثير تحول الطاقة على أسعار النفط والغاز عاملا مهما على المدى الطويل، فإذا انخفضت الأسعار بشدة دون التوقعات، فقد يؤدي ذلك إلى تدهور محتمل في الجدارة الائتمانية للبنوك لانكشافها على القطاعات المحددة، ويؤثر بالتالي على اقتصاداتها بسبب البصمة الهيدروكربونية التي لا تزال كبيرة.