لو حاولنا أن نقلب صفحات من كتاب تاريخ الكويت نكتشف أن هناك علاقة تاريخية بين نواخذة البحر وأهل الكويت، وارتبطت هذه العلاقة لاعتماد أهل الكويت على البحر في معيشتهم، حيث من البحر يجدون طعامهم ومن البحر يستخرجون اللؤلؤ الذي كانوا يتاجرون به ومن أسعار اللؤلؤ من النقود يشترون حاجاتهم من المواد الغذائية والملابس ومواد البناء وكل ما يحتاجون إليه من مواد.
وكان لسمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، طيب الله ثراه، كلمة تجسد العلاقة بين أهل الكويت بالبحر قال: «إن علاقة أبناء الكويت بالبحر علاقة مصيرية ترجع إلى مئات السنين، حينما كان البحر مصدرنا الأول للرزق قديما نستخرج من أعماقه الخيرات».
إن تلك الكلمة تجسد العلاقة التاريخية بين أهل الكويت والبحر واصفا بأن هذه علاقة تاريخية مصيرية، ولقد جاءت كلمة سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الذي كان يحرص في ديوانه يومي الأحد والثلاثاء على فتح حوارات مع الرعيل الأول من أهل الكويت وكان دائما يسأل عن مواقف وأحداث تاريخية ذات علاقة بأيام الغوص والسفر.
لقد خاض الرعيل الأول الذين خاضوا غمار البحار متحملين أهوالها وأخطارها من أجل بناء مستقبل زاهر لبلدنا الكويت، لقد تشبث الكويتيون الأوائل بهذه الأرض الطيبة رغم جفافها وشحها من حيث الزراعة ومصادر المياه التي كانت تعتمد على الآبار الارتوازية في الشامية ومياه شط العرب التي كانت تحمل بالأبوام (السفن) من البصرة إلى الكويت.
لقد تمسك الأوائل بهذه الأرض بعزيمة الأقوياء الأفذاذ ورفضوا أن يهاجروا أو يتخلوا عن كويتهم للعمل لدى الغير لما كانوا يتميزون به من شموخ، وأيام الاحتلال العراقي أيضا تمسك أبناء ذلك الرعيل الأوائل بالوطن ورفضوا مغادرة الكويت، وعقدوا مؤتمرا شعبيا في جدة ليصدروا بيانا يؤكدوا فيه تمسك أهل الكويت بوطنهم وبشريعتهم المتمثلة بالأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد وأسرة آل صباح.
وها هي الكويت اليوم وبعد التحرير تعود الحياة النيابية وتتواصل مع العالم لتستأنف نشاطها وتسابق الدول المتحضرة في بناء مستقبل زاهر كل ذلك ما كان أن يقوم أو يعلو لولا اللبنات المتينة الأولى التي وضعها أولئك الرجال الذين اشتهروا بجبابرة البحار رجال الغوص والبحر الذين تحملوا المشاق وتصدوا لكل المخاطر في أعالي البحر في مواسم الغوص والسفر والتجارة كل ذلك من أجل بناء الكويت الحديثة.
لا شك أن الرجال الأوائل الذين خاضوا غمار البحر ناضلوا كثيرا وتعرضوا للأخطار من أجل التأكيد على كيان الكويت.. ولابد هنا من أن نتذكر دائما تلك التضحيات التي قام بها الرعيل الأول من رجالات البحر لبناء دولة حضارية قادرة على أن تواكب الدول المتقدمة.
من أقوال المغفور له سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، طيب الله ثراه: «إن ما وصلت إليه الكويت من مكانة وسمعة دولية مرموقة إنما يرجع الفضل فيه إلى تكاتف أبناء هذا البلد وتماسكهم وتعاضدهم، وعلينا اليوم أكثر من أي وقت مضى أن نحافظ على هذه الصفات الأصيلة لأسرتنا الكويتية الواحدة وأن نرعاها ونزيدها وثوقا على مر الأيام».
والله الموفق.