بيروت ــ يوسف دياب ووكالات:
طغى استجواب الوفود القضائية الأوروبية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على ما عداه ولو الى حين كونه على ارتباط مباشر بالأزمة المعيشية التي تطحن اللبنانيين وتطيح بليرتهم الى مستويات لا احد يعرف قعرها أمام دولار الذي لا يجد من يكبح جماحه خصوصا وأن من يفترض ان يقوم بهذا الدور، مشغول باستجواباته المفترض ان تستأنف الشهر المقبل، فيما يستمر الجدل حول انتخاب رئيس الجمهورية ومعطلي جلسات انتخابه.
وبانتظار جولة جديدة من التحقيق في النصف الثاني من شهر أبريل المقبل، أكد مصدر قضائي بارز لـ «الأنباء»، أن «التحقيق مع سلامة استكمل بكل جوانبه، لم يعد ثمة حاجة لاستدعائه إلّا إذا طرأت مستجدات لدى القضاة الأوروبيين». وأشار إلى أن الوفود الأوروبية ستعود الى بيروت قبل نهاية ابريل، للتحقيق مع شقيق الحاكم رجا سلامة وماريان الحويك (مساعدة رياض سلامة) وشخصيات أخرى سيضع الجانب الأوروبي لائحة بأسمائها.
واستجوب حاكم المصرف على مدى يومين متتاليين، واجه خلالهما 198 سؤالاً، وقال المصدر القضائي إن «قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، الذي أدار الجلسة وتولّى طرح الأسئلة على سلامة، سيزوّد النيابة العامة التمييزية بالمحاضر الرسمية للتحقيق، على أن ترسل الأخيرة هذه المحاضر للأوروبيين خلال ايام».
وكشف أن «الأسئلة بمعظمها تمحورت، حول عمل شركة «فوري» للوساطة المالية التي يملكها رجا سلامة، بالإضافة إلى سؤاله عن الأموال الطائلة والعقارات التي يملكها في لبنان والخارج ومصادرها». ولفت إلى أن سلامة «بدا مرتاحاً خلال اليومين وأجاب عن كافة الأسئلة والاستيضاحات ولم يتحفّظ على أي منها، وتعهّد بتقديم كلّ المستندات التي تبيّن مصادر أمواله وأنها خالية من أي شبهات، وتزويد المحققين بعناوين أشخاص وردت أسماؤهم خلال التحقيق»، لافتاً إلى أن الأوروبيين «استفسروا عن بعض العمليات المالية التي تحصل في المصرف المركزي، لكنهم لم يتطرقوا إلى الهندسات المالية لكونها خارج نطاق المهمّة التي ينفذونها».
وتترقّب الأوساط القانونية الاجراءات التي قد يتخذها الأوروبيون بعد مغادرة لبنان، لكنّ المصدر القضائي رجّح استئخار أي إجراء هناك، إلى حين استكمال التحقيق مع الأشخاص الآخرين قبل نهاية الشهر المقبل»، لكنه استدرك قائلاً «لا أحد يمكنه أن يتكهّن بالإجراءات التي قد تتخذ في الخارج، لأن القضاة الأوروبيين يعملون وفق قوانينهم الخاصة وليس القانون اللبناني».
وعلى اثر مغادرته قصر العدل وسط حراسة أمنية مشددة، أصدر سلامة بياناً قال فيه «حضرت جلسة تحقيق بصفة مستمع إليه لا كمشتبه به ولا كمتّهم، وحضرت احتراماً منّي للقانون». وأكد أنه «وضع بتصرف المحققين الأدلة والوثائق التي كان تقدم بها إلى القضاء في لبنان والخارج مع شرح دقيق لها». وأضاف «لمست لأكثر من سنتين سوء نيّة وتعطّشًا للادعاء علي، من خلال الحملات التي شنتها وسائل اعلام ضدي»، معتبراً أن «الأوطان لا تبنى على الأكاذيب».
على الصعيد الرئاسي، نقلت صحيفة «الجمهورية» عن مصادر ديبلوماسية وصفتها بالمطلقة، تأكيدها ان «عواصم القرار المعنية بالملف اللبناني وصلت الى اقتناع بأنّه لن ينجز بواسطة القوى السياسية اللبنانية، لعدم قدرتها على الاتفاق على مرشح أو خوض المعركة الانتخابية، وبالتالي يتم التداول بين هذه العواصم في وَضع توجّه صارم يُصار من خلاله الى تخيير هذه القوى بين أكثر من مرشح ليتمّ حسم هذا الملف».
واضافت المصادر «انّ التداول في طريقه الى غربلة الاسماء المطروحة وصولا الى لائحة في حدها الاقصى ثلاثة اسماء تستوفي شروط الفريقين السياسيين المنقسمين، بعد ان بلغ عدد الاسماء المتجاولة 11 اسما.
وشددت على ان كل التركيز هو للخروج بهذه اللائحة ووضعها امام الكتل دون ان يكون اي منها استفزازيا، وبالتالي تضمن هذه الدول مع الانتخابات الرئاسية كل الدعم للبنان لإعادة التوازن المالي للوضعية السياسية اللبنانية التي تنهار فصولاً وتباعاً».
وفي هذا السياق، رد عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب فادي كرم، على نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، وقال: من يسمعه يتحدث عن المعطلين العاجزين عن الإتيان برئيس ويرون التعطيل والفراغ بديلاً، «يظنّ لوهلة أولى انه يتحدّث عن فريقه السياسي، فإذا به يتهم أخصامه بتهمة مثبتة ومتأصلِّة بمحور الممانعة، بدءا من تعطيل الاستحقاقات الرئاسية، وصولا إلى تعطيل تأليف الحكومات ومرافق البلاد كلها».
وتابع في بيان: «نذكِّر الشيخ نعيم باننا شاركنا في كل الجلسات، وطالبنا مرارا وتكرارا بعقد جلسات متتالية، وأبدينا كل الاستعداد وبجهوزية دائمة للمشاركة ولدينا مرشّح يتمتّع بصفات الإنقاذ، ومن يمتنع عن الدعوات هو أنتم، ومن يعطِّل هو أنتم».
أما رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع فقال بحسب «نداء وطن» ردا على ما يتردد عن أنّ رئيس الحزب التقدميّ الاشتراكيّ وليد جنبلاط يسوق مجدداً للحوار ويطرح أسماء للرئاسة يعتبرها على قدر المرحلة كشبلي الملاط وجهاد أزعور: «الصديق وليد جنبلاط يكره الفراغ ويحاول تعبئته بما تيسّر، لكنّني لا أرى شيئاً من هذا القبيل. لدينا مرشّحنا الصلب الإصلاحيّ السياديّ ولن نتخلى عنه. أقصى أمنياتنا التفاهم مع الفريق الآخر، لكن وحتى إشعار آخر، أعتقد أنّ هذا الفريق لا يريد رئيساً جدياً قوياً صلباً، في أفضل الاحوال قد يقبل برئيس تكنوقراط لا حول ولا قوّة له في السياسة، هذا ما نرفضه».