جابت مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية كل بلاد العالم، بدوراتها التي تنشد من خلالها التقارب والتعارف والتآلف بين الثقافة العربية ونظيراتها العالمية، حيث كان الشعر هو المحور الأهم في كل تلك الدورات، فيما تكللت هذه المساعي بالنجاح، وآتت أكلها الذي تمثل في أن يكون للشعر العربي وضعه المهم، على خارطة الإبداع الإنساني، في الوقت الذي كان يواجه (الشعر)، تهديدا حقيقيا، بخفوته أو على الأقل انعزاله في مساحة صغير، في قلوب محبيه.
إن تلك المؤسسة - التي أسسها ودعمها، وحرص على تطوير مناهجها وأعمالها، الشاعر د.عبدالعزيز سعود البابطين، منذ انطلاقها الذي يزيد على ربع قرن، إلى اليوم - تقوم بأداء دورها باقتدار وانتظام، بغية نشر الثقافة العربية بين شعوب العالم، والتي هي عبارة عن رسالة محبة وسلام، في مواجهة ما يفور به العالم من صراعات وحروب، وتحديات أثرت بشكل سلبي على المجتمعات الإنسانية في الكثير من الدول.
فالثقافة - وخاصة الشعر- تصلح ما أفسدته السياسة، هذا ما يكرره دائما على مسامعنا في كل وقت وحين الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين، وهذا ما يؤمن به، ويحرص على تنفيذه خلال رحلته الطويلة مع مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري، ومكتبة البابطين للشعر العربي التي تعج بالكتب والمخطوطات النادرة، وكذلك دعم طلاب العلم، وتخصيص كراسي دراسية لهم، بالإضافة إلى معجم البابطين، الذي يعد من الإنجازات المهمة في عصرنا الحديث، وتواصله المستمر مع الشأن الثقافي والإبداعي العربي والإسلامي والعالمي، والكثير من المجهودات التي نرى آثارها الإيجابية والثقافية واضحة، في المحافل العربية والدولية.
وازدانت الكويت في الفترة من 19 - 21 مارس 2023، بفعاليات الدورة الـ 18 لمؤسسة البابطين الثقافية، والتي أقيمت في مكتبة البابطين للشعر العربي برعاية سامية من حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد - حفظه الله ورعاه - وبحضور كوكبة متميزة من المبدعين والنقاد العربي، شاركت في الأمسيات وجلسات الندوة التي صاحبت توزيع جوائز مؤسسة البابطين الثقافية على الفائزين بها.
والدورة - التي احتضنتها الكويت - جاءت بعنوان معجم البابطين لشعراء العربية في عصر الدول والإمارات (656 - 215هـ/ 1258 -1800م)، مع احتفاء خاص بالشاعرين ابن سناء الملك، وابن مليك الحموي.
في حين استمتعنا بالشعر الذي أنشده الشعراء العرب، مما يؤكد أن هذا الإبداع الإنساني يؤدي دوره المنشود، ويمارس مهماته الخلاقة، فيما اتسمت الندوة بالكثير من أوراق العمل الذي تفضل به نقاد ومثقفون عرب، الذين ألقوا الضوء على معجم البابطين من خلال قضية الأصالة والتجديد، وفضاءات الشعر العربي في المغرب والأندلس، ومصر وبلاد الشام وشبه الجزيرة العربية والعراق وبلاد المشرق الإسلامي، وحركة الشعر واتجاهاته في المغرب الإسلامي في عصر الدول والإمارات.
هكذا جاءت الدورة الـ 18، لمؤسسة البابطين الثقافية، محملة بالزاد الثقافي، وبالشعر الذي يعد من أجل وأعظم الفنون الإنسانية، وهو الجنس الأدبي الذي أبدع فيه الشعراء العرب، على مر العصور، وتركوا لنا فيه إرثا ثقافيا مهما ومتميزا.