طارق عرابي
في إطار الاحتفالات باليوم العالمي للمرأة 2023، انطلقت أمس الأول فعاليات مؤتمر بنك الخليج «Lead The way»، في فندق جراند حياة - مول 360، بحضور لفيف من الشخصيات والمسؤولين في البنوك والقطاع الخاص والجهات الديبلوماسية والحكومية وجمعيات النفع العام.
وسلط المؤتمر الذي حضره رئيس مجلس إدارة بنك الخليج جاسم مصطفى بودي ونائب الرئيس التنفيذي والرئيس التنفيذي بالوكالة وليد خالد مندني وعدد كبير من قيادات ومسؤولي البنك، سلط الضوء على أبرز التحديات أمام الجهود التي تستهدف دعم وتمكين المرأة، والانعكاسات الإيجابية لذلك على الاقتصاد، من خلال ورش العمل التفاعلية والخطب الملهمة، والحلقات النقاشية المحفزة للتفكير التي شهدتها فعاليات المؤتمر.
وفي كلمته الافتتاحية خلال الجلسة الرئيسية للمؤتمر، أكد عضو مجلس إدارة بنك الخليج أحمد البحر، انه على الرغم من التقدم الكبير الذي تم تحقيقه في السنوات الأخيرة، فإن المرأة لاتزال تواجه العديد من العقبات فيما يتعلق بالحصول على فرص متساوية بالرغم من إثبات كفاءتها، في مكان العمل، مشيرا إلى أن الفجوة في الأجور بين الجنسين، وعدم حصولها على فرصة عادلة لتولي المناصب القيادية، والتمييز، هي بعض التحديات التي تواجه المرأة في سعيها لتحقيق التمكين الاقتصادي، وتلك التحديات كانت محل البحث والنقاش وتبادل الخبرات في مؤتمر Lead the way.
وأشار إلى أن الحضور الكبير الذي شهده مؤتمر تمكين المرأة، يعد مؤشرا واضحا على مدى أهمية هذا الموضوع، وضرورة العمل على توفير كل السبل لتوفير تمكين حقيقي ومستدام للمرأة والعمل على تعزيز دورها القيادي، مؤكدا في الوقت ذاته أن المسألة تتعلق برغبة المجتمع ومطالباته، إلى جانب العمل على خلق الأفكار الملهمة وتقديم حلول يمكن العمل بها على أرض الواقع حتى نستفيد منها جميعا.
وأكد البحر حرص بنك الخليج على أن تكون الاستدامة المجتمعية محورا رئيسا ضمن استراتيجية بنك الخليج 2025، والتي وضعت الموظفين في مقدمة أولوياتها، من خلال العمل على تمكينهم وتنمية مهاراتهم، باعتبارهم محورا رئيسيا لتعزيز اقتصاد صحي شامل ومستدام.
وتساءل البحر قائلا: هل تنتهي كل المعوقات والصعوبات أمام المرأة بمجرد وصولها إلى المنصب القيادي؟ وماذا بعد التمكين؟ مشيرا إلى أن المؤتمر يستهدف وضع تصور كامل ونموذجا يحتذى، للتغلب على المعوقات التي تواجه مرحلة ما بعد تمكين المرأة، من أجل الحفاظ على مكتسباتها والبناء عليها.
وأكد أن أي رؤية لا تتحقق إلا بكوادرنا من النساء والرجال على قدم المساواة، فهم محل فخر واعتزاز، وأن تأسيس بيئة عمل أساسها التكافؤ يتم فيها دعم المرأة وتمكينها سيحقق المزيد من الابتكار والنجاح، ويجعل ثقافة العمل صحية بشكل أكبر للجميع، الأمر الذي يساعد على تقدم المجتمع وينعكس إيجابا على سوق العمل والمستقبل، داعيا إلى أهمية العمل معا لتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة لتحقيق كامل إمكاناتها في الاقتصاد لدعم عجلة التنمية الاقتصادية للوطن.
من جانبها، قالت مدير عام إدارة الموارد البشرية في بنك الخليج سلمى الحجاج إن جهود بنك الخليج على مدى السنوات الـ 10 الماضية، ساهمت في زيادة نسبة عدد القياديات من النساء بنسبة 300% تقريبا خلال 10 سنوات لتبلغ ٢٨% من إجمالي موظفي البنك، إذ ارتفعت نسبتهم من 10% إلى 30%، مشيرة خلال عرض تقديمي إلى أن التأخير في تمكين المرأة يكبد الاقتصاد الكويتي الكثير سنويا بحساب تكلفة الفرص الضائعة، ما يستدعي ضرورة الإسراع في سد الفجوة بين الجنسين.
وأشارت إلى أن الدراسات تشير إلى ضرورة استمرار جهود تمكين المرأة على ما هي عليه في الوقت الراهن سنوات طويلة في منطقة الشرق الأوسط لسد الفجوة بين الجنسين، مقارنة مع أوروبا وأميركا الشمالية، مؤكدة في ذات الوقت على أن التنوع بين الجنسين في بيئة العمل يسهم في زيادة الربحية، والإنتاجية، ويرفع مؤشر الإبداع والابتكار، وقدرة الشركات على الاحتفاظ بالمواهب، وتحسين سمعة المؤسسة.
على صعيد متصل، أشارت الحجاج إلى العديد من الفوائد الاقتصادية من تمكين المرأة أهمها، إضافة موارد بشرية جديدة إلى سوق العمل بإمكانيات وأفكار جديدة، كما انه يساهم في زيادة إنتاجية المؤسسات والاقتصاد الوطني، ومع دخول المزيد من النساء إلى سوق العمل يزيد حجم الإنفاق في السوق، فضلا عن أن نيل المرأة حقوقها يساهم في زيادة مستوى السعادة داخل الأسرة والمجتمع.
وبينت أن تمكين المرأة وتعزيز دورها القيادي يتطلب المزيد من المرونة في التعامل معها ومراعاة ظروفها الاجتماعية والأسرية، فضلا عن التوجيه من قبل المحيطين بها لتقليص الصعاب التي تواجهها ودعم قدرتها بالتغلب عليها، والتوقف عن ممارسات التمييز على أساس الجنس، كما أنه على المرأة نفسها أن تتصف بالطموح والثقة في قدراتها.
وأوصت الحجاج بضرورة وضع خطة مدروسة للوصول إلى النتائج المرجوة في دعم المرأة ضمن رؤية الكويت 2035 والتي تتضمن في أحد محاورها تمكين المرأة، مع إجراء مراجعة سنوية عليها لتقييم النتائج، مع العمل على نشر ثقافة المساواة بين الجنسين، والحرص على التنوع في التوظيف، من خلال تطبيق مفهوم واضح مبني على الكفاءة والقدرة.
جهود «الخليج» لتمكين المرأة
أشارت سلمى الحجاج إلى أن بنك الخليج اتخذ العديد من الإجراءات التي ساهمت بشكل كبير في تمكين المرأة وزيادة زيادة نسبة وجودها في المناصب القيادية إلى 28% في 2020، ومن أهمها:
٭ كان من أوائل شركات القطاع الخاص الكويتية الموقعة على مبادئ تمكين المرأة (WEPs) في عام 2019.
٭ قرار مجلس الإدارة في نهاية عام 2021 بإلغاء حالات التمييز بين موظفي البنك من الرجال والنساء، وتحقيق المساواة الكاملة بينهم في المزايا الوظيفية.
٭ إطلاق مبادرة «WOW» في عام 2017 بهدف تمكين ودعم المرأة في عالم الأعمال في مختلف الجوانب، من حيث التدريب والتطوير والترقي الوظيفي.
٭ التعاون والشراكة مع المؤسسات العالمية والمحلية لتوفير برامج تدريبية نوعية وتدعم توجهات البنك الرامية إلى تمكين المرأة.
استبيان لفهم الاحتياجات المالية للمرأة
أطلق بنك الخليج استبيانا وطنيا لقياس وفهم الاحتياجات المالية للمرأة، يستهدف المسح البياني للنساء الكويتيات العاملات في القطاعين الخاص والعام، الذين تتراوح أعمارهن بين 25 و35 سنة.
ورشتا عمل
شهد المؤتمر ورشتي عمل: الأولى، للنساء فقط وقدمتها الأستاذة في جامعة الكويت ومؤسس شركة «شور للاستشارات» د.آمار بهبهاني، وناقشت كيفية حفاظ المرأة على ثباتها العاطفي والجسدي عند الترقي إلى مناصب قيادية، فيما قدم الورشة الثانية الخبير الاستراتيجي العالمي ستيف برازيل، وكانت حول الطريقة المثلى لتمكين المرأة في مساعدتها على كيفية إتقان أسرار إنشاء هوية قوية ومتميزة خاصة بها تمنحها القدرة على التنافس والنجاح بشكل أكبر في حياتها المهنية والشخصية.
خلال جلسة نقاشية أدارتها دلال الدوسري خلال جلسة نقاشية أدارتها دلال الدوسري
خالد مهدي: تغيير ثقافة المجتمع نحو المزيد من دعم المرأة
أقيمت جلسة نقاشية على هامش مؤتمر بنك الخليج «Lead The way»، أدارتها نائب المدير العام لعلاقات المستثمرين في بنك الخليج دلال الدوسري، وشارك فيها كل من أمين عام المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية د.خالد مهدي والممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي هيديكو هادزياليتش وممثل شركة MasterCard سنثيا صعب.
وفي بداية الجلسة قالت الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي هيديكو هادزياليت، انها قد التقت بالعديد من النساء القياديات في الكويت اللاتي لا يتفقن مع مبدأ «الكوتا» وهو تخصيص نسبة معينة للنساء في المناصب القيادية، وإن كان يمثل حلا في بعض الأحيان.
وأشارت إلى أن هناك بعض الحواجز الاجتماعية التي تعوق جهود تمكين المرأة في العديد من المجتمعات من بينها، التمييز الذي تعانيه المرأة من المرأة نفسها دون قصد، مؤكدة على أهمية الابتعاد عن الصور النمطية وتوفير فرص للتدريب تساعد النساء على التطور الوظيفي.
بدوره، أشاد أمين عام المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، خالد مهدي بقدرة بنك الخليج على زيادة نسبة النساء في المناصب القيادية بنسبة 300% إلى 28% من إجمالي موظفي البنك خلال السنوات العشر الأخيرة، مشيرا إلى أن هذا الرقم يتفوق على المؤشر العام للكويت الذي بلغ 21%.
وقال إن تلك الإنجازات تؤكد قدرة القطاع الخاص على تنفيذ السياسات والوفاء بمتطلبات الخطط الوطنية بسرعة أكبر من القطاع الحكومي، مبينا أن الحكومة يقع عليها العبء الأكبر في التطبيق باعتبارها تسيطر على 80% من الأنشطة الاقتصادية.
وشدد مهدي على أهمية تغيير ثقافة المجتمع نحو المزيد من إيمان الرجل بدور المرأة ودعمها، وكذلك دعم المرأة للمرأة، إلى جانب ضرورة تغيير صورة المرأة في المناهج التي تركز على أن دورها داخل المنزل فقط.
بدورها، أشارت ممثلة شركة MasterCard سنثيا صعب، إلى وجود معضلة اجتماعية تتمثل في التمييز بوعي أو من دون وعي ولكن إذ توافرت السياسات التي تحدد معايير الاختيار وتوافرت في المرأة معايير الكفاءة والقدرة لم يكن هناك مجال لتفضيل الرجل عن المرأة. وأشارت إلى أن المطالب المتواصلة بالمساواة بين الجنسين، يجب الا تكون باتجاه النساء فقط، فعلى سبيل المثال تحصل الأم على إجازة لمرافقة الطفل، علما أن الأب يحق له التمتع بنفس الميزة، وهو ما يشعره بالتمييز ضده.
وقالت إنه في حال وجود أحد المناصب الشاغرة، وعدم وجود عدد كاف من السير الذاتية للنساء المتقدمات، فإنه ينبغي منح فرصة إضافية لتقدم المزيد من النساء، مؤكدة في الوقت ذاته على ضرورة خلق الوعي لدى المرأة منذ الصغر حول وجود فرص متنوعة للدراسة والعمل، وعدم حصرها في التخصصات الطبية والهندسية والأعمال، ومنها على سبيل المثال المشروعات الصغيرة والمتوسطة.