يقول الله تبارك وتعالى في محكم كتابه الكريم: (اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون ـ الأنبياء: 1-3).
أعزائي القراء كل عام وأنتم بخير، وأسأل الله العزيز القدير أن يعيننا على حمده وشكره وحسن عبادته في هذا الشهر الفضيل، لا شك أن الهدوء النفسي مطلب إسلامي استعدادا لهذا الشهر الكريم، فما يحدث على الساحة الاجتماعية اليوم من تقليد وتطبع اجتماعي إرهاق للنفس البشرية ومحبط لأجر الناس في هذا الشهر الفضيل.
فالإغواء والإغراء الإعلامي والإعلاني للمنتجات المتلونة أرهق الكثير من الأسر بما فاق طاقتها النفسية والبدنية والاجتماعية، حيث إن أصل الصيام والصوم في شهر رمضان البساطة في الشيء والراحة النفسية التي تتمتع بالسلوكيات المهذبة للنفس بعيدا عن البذخ والإسراف والتكليف الذي أسهب ميزانية الكثير من الأسر.
وقفة تأمل.. إن ما يحدث من سلوكيات شرائية واستعدادات ليست من الدين، وإنما هي أعراف اجتماعية وتقليد وتطبع - ما هي إلا معالم جهل، منها:
- الفوانيس المضيئة والهلال الكبير الحجم والمعلق عليه بعض الكماليات وكأنه شجرة كريسمس.
- اللباس المزركش والمبالغ في قيمته الشرائية وألوانه وموضته العارية لدى فئة من النساء.
- الأواني الخارجة عن الحاجة والابتذال في تنسيق موائد الطعام.
- الاستقبالات الفاخرة لهذا الشهر عند بعض الأسر بعيدا عن البساطة والهدف.
- تسجيل «لسته» بأسماء المسلسلات في شهر رمضان للمتابعة - إلا من رحم ربي.
- الطلبيات والحجوزات لمناسبة (القرقيعان)، والحجوزات للصالونات النسائية والتي هي المستفيد الكبير من هذه المناسبات؟
- الخيم الرمضانية وما شابهها كطقوس سلوكية ترفيهية.
والكثير الكثير من السلوكيات الرمضانية التي كل سنة يتم معارضتها اجتماعيا ولا يستطيع الكثير مقاومتها ـ إلا من رحم ربي وهم قلة ـ فالقوة في صد تلك الالتزامات الاجتماعية والتي سبب الكثير من الضغوط النفسية والاجتماعية، واجب لابد منه استعدادا لهذا الشهر الفضيل.
إن شهر رمضان شهر البساطة والراحة النفسية، ولا يجدر بالمسلمين كل هذا الغلاء والتكلف والاسراف، فصلة الرحم واجبه دون تكليف وابتذال، وكسر ملل الأطفال (بالقرقيعان) كعادة اجتماعية وليست دينية - يجب أن تمر دون تكلف وابتذال، بل في قمة بساطتها، فكل ما يعتلي النفس من تكليف وابتذال ومغالاة فهو.. حرام.
وأخيرا وليس بآخر، الهدوء النفسي والتركيز على الهدف (التفرغ للعبادة المكثفة) مطلب مهم من أجل نفسيات أكثر رقيا وصحة نفسية لا تعتليها الاضطرابات والإحباط والاكتئاب بسبب الضغوط والمقارنات الاجتماعية، فيجب علينا أن نتقي الله في أنفسنا وأبنائنا وأهلينا، فالبساطة شعار كل رقي وكل حضارة إنسانية سامية.