عادة ما يستخدم رجال السياسة مُصطلح «فن صناعة الأزمات» في إشارة منهم إلى أن هناك أزمات تُفتعل بغرض الوصول إلى هدفٍ ما، ودائمًا ما يتم الربط بين ذلك المُصطلح وفعل التآمر وبعيدًا عن المصطلح المجازي وبنظرة واقعية وبملاحظة ما يحدث في الآونة الأخيرة سنجد أنه يتم استخدام «الفن» لصنع الأزمات بين الكويت وبعض الدول الشقيقة، وإلصاق التهم الباطلة بالمجتمع الكويتي، ومحاولة تشويه صورته في حين أن الصورة الواقعية لهذا الشعب المعطاء مُغايرة للغاية، فهي صورة تحمل روح وملامح هذا الوطن الغالي الذي لم يعرف في تاريخه سوى السلام والمحبة والعطاء، وهذا ما جُبل عليه أبناؤه.
مسلسل درامي أترفع عن ذكر اسمه، تتجسد شخصياته بين مواطنين كويتيين وعراقيين، تسبب مؤخرًا بأزمة وصلت للبرلمان العراقي، ومسلسل آخر عُرض في رمضان الماضي، كاد يتسبب أيضا في أزمة مع دولة شقيقة أخرى، ومسلسل ثالث عرض قبيل شهر رمضان المبارك تجسد فيه المواطن الكويتي أنه من أرباب الجرائم وبالشخص الذي يحترف الاحتيال وخداع الآخرين، وفي التجارب الثلاث تُلصق تلك الأعمال بالكويت ومجتمعها، في حين أن الحقائق كشفت عن أن تلك الأعمال لم تحصل على ترخيص من قبل السلطات الكويتية المعنية بالأمر، وأنها يتم بثها عبر منصات تلفزيونية غير كويتية، وأن بعضها تم إنتاجه من قبل شركات لا وجود لترخيص لها بالكويت.
ولا أظن أنه من محض الصدفة أن تجتمع الأعمال الثلاثة على عنصر واحد مشترك، فمنها عملان دارت أحداثهما في سياق درامي يربط علاقة الكويتيين بشعوب أخرى، أما الأخير فتعمد إظهار المواطن الكويتي بالشخص الفاسد، وقد تسببت تلك الأعمال في إثارة أزمة مع تلك الدول سواء على الصعيد الشعبي أو الحكومي، والغريب أن تلك الأعمال تخرج إلى العلن والنور وكأنها تمثل الفن الكويتي، ولكن في حقيقة الأمر أنها نُفذت بعيدًا عن سلطات الكويت، ولكن هناك استماتة وإصرار ضخم على إلصاق تلك الأعمال بالكويت، ولا أدرى لمصلحة من يحدث كل هذا؟!
ربما لم نسمع عن أمر مشابه مع أي دولة أخرى، ولكن المطمئن بالأمر أن لدينا ديبلوماسية قوية تعرف كيف تتعامل مع كل أزمة يحاول البعض إثارتها، وتخمد فتيل كل حدث مُصطنع يسعى إلى النّيل من كويتنا، كما أن الدور الذي تقوم به وزارة الإعلام لا يمكن التغافل عنه، فالحقيقة أن تعاملها مع تلك الأزمات سريع للغاية سواء من ناحية إصدار البيانات الاستنكارية التي من شأنها تهدئة الرأي العام، وإظهار الحقيقة، وكذلك بالنسبة للتحرك لاتخاذ موقف قانوني إزاء تلك الأعمال وصانعيها.
وأقولها من باب التفاخر بوطني العزيز أن التاريخ سجل اسمه في صفحات الإنسانية وأنه لم يمد يده يومًا إلى الشعوب الأخرى في مختلف أنحاء العالم إلا بالخير، وأنه حصد مقابل ذلك محبة وتقديرا واحتراما من الشعوب الأخرى، وأنه إذا ذكر اسم «الكويت» ذُكرت القيم والمبادئ، فتلك الدولة التي كانت وستظل بإذن الله مدرسة للإنسانية والرحمة، تقدر الدول الأخرى وتحترم شعوبها، وإنها لم تكن يومًا واحدًا بالدولة المسيئة حتى مع أعدائها الذين بادروها بالشر، فانتصرت وصافحت عنهم صفحًا جميلا.
وبمنطلق الواجب الوطني البحت، علينا جميعًا أن نقاطع تلك الأعمال التي تسعى إلى تحقيق أهداف تكاد تكون معلومة للكل، وأن نعلن رفضنا لها، ولا نتردد في إخبار الجميع بذلك، ولتعيش الكويت وطن السلام والمحبة، وليعيش فنها الراقي ورموزه.
[email protected]