هادي العنزي
كانت ليلة استثنائية لعشاق نادي ليفربول الانجليزي، وقائده الرائع ستيفن جيرارد الذي بحث عن مجد أوروبا بعدما عجزت اقدامه عن الظفر بالدوري الانجليزي «البريمييرليغ» اللقب الأهم محليا، لم تكن الترشيحات تصب في صالح «الريدز»، فكتيبة الخصم مرعبة بأسمائها، كبيرة بتاريخها، ميلان كان مرشحا فوق العادة للذهاب بالكأس ذات الأذنين الكبيرتين إلى معقله سان سيرو في مدينة ميلانو الايطالية، بعد مهمة لا تعدو كونها أداء واجب أمام «خيال بطل» كما ظنت جماهير «الروسونيري» وهي في طريقها إلى ستاد «أتاتورك» في اسطنبول التركية مساء 25 مايو 2005.
لم يكن ليفربول الذي تأهل إلى النهائي بمشقة بالغة، بتغلبه على باير ليفركوزن الألماني في دور الـ16، وتجاوزه يوفنتوس في ربع النهائي، ومواطنه تشلسي بنصف النهائي بعد «معركة انجليزية» مرهقة مرشحا للفوز، فمن ينظر لتشكيلة الفريقين قبل بدء المواجهة، يعتقد جازما أن كارثة كروية في الطريق للفريق الانجليزي، الحارس ديدا، وأمامه كافو، ومالديني، وستام، وغاتوزو، وكريسبو، ونيستا، وسيدورف، وبيرلو وكاكا، من شأن هذه التشيكلة التي يقودها كارلو انشيلوتي أن تفوز بكأس العالم وليس بدوري الأبطال فقط، وعلى الجهة الأخرى، لا يملك المدرب الاسباني رافائيل بينيتيز سوى ستيفن جيرارد، وتشابي ألونسو، وفي الحراسة مغمور يدعى دوديك، وأمام «علة الريدز» جيمي كاراغر، وسامي هيبيا، وليس من داع لذكر بقية الاسماء فهي معروفة في عالم الكرة، وتكاد تكون متشابهة.
عصف ميلان فريق النجوم بخصمه، اقتحم دفاعاته بثلاثة أهداف صاعقة، لتتنفس جماهيره الصعداء، وتبدأ احتفالاتها مع الثلاثية النظيفة القاسية التي انتهى بها الشوط الأول، ولعل من الطرافة بمكان، ورغم حالة اليأس القاتل التي عاشها لاعبو ليفربول بين الشوطين، ارتجل كاراغر حديثا حماسيا مقتضبا: لنتماسك ونخسر بخماسية نظيفة!
لكن روح ليفربول وإرثه الكبير تمثل في شخصية جيرارد الشاب الذي نشأ وترعرع في ليفربول، ولسان حاله يردد الأنشودة الخالدة لجماهيره «لن تسير وحدك أبدا» التي أطلقها المغني جيري مارسدن مع فرقته «جيري آند ذا بيسميكرز» البريطانية عام 1963.
عشاق ليفربول في الشوط الثاني، ومع انطلاقه، ومن قاع اليأس، أخذوا ينشدون «لن تسير وحدك أبدا» في مشهد كروي مهيب، وغير مفهوم، وأقرب ما يكون إلى لوحة لرائد «السريالية» سلفادور دالي، ولقي ذلك الصوت الهادر صدى كبيرا في قلب «جيرو» المقاتل، فما هي إلا دقائق ليقلص الفارق (54)، وبعدها بدقيقتين يسجل فلاديمير سمايسر الهدف الثاني، ليكمل الإسباني تشابي ألونسو العودة المستحيلة بعده بدقيقتين أيضا وعند الدقيقة 60 تحديدا، تتعادل الكفة 3-3، وما بعد العودة ليس كثيرا، فقد حسمت النتيجة لمصلحة ليفربول بركلات الترجيح، وكأن لقب الأبطال لم يكن ليذهب إلا للفريق الأحمر ليتوج بلقبه الخامس.